بتـــــاريخ : 12/28/2010 8:47:50 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 836 0


    نظرات في قرارات احجيوج

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :

    كسرا للملل وخروجا على رتابة مقالاتي، أود اليوم أخذ قارئي بعيدا عن كتاب مايكل دل، والغوص معي في قصة الصديق محمد سعيد احجيوج، حيث بدأت أحداثها حين أعلن محمد عن رغبته في بيع مدونته الأخيرة، ولظروف سفري لإجازتي السنوية لم أتمكن من قراءة مقالته في وقتها ولا التعليق عليها بعدها. باختصار شديد، أعلن محمد عن رغبته في بيع مدونته، فما كان من غالبية الردود إلا أن جاءت ترفض فكرته هذه، ثم زاد الأمر سوءا حين بدأ البعض يترك تعليقات سخيفة لا خير يرتجى منها. بالطبع، لمحمد مطلق الحرية فيما يفعل بمدونته، ولزواره الحق في التعبير عن وجهة نظرهم، لكن بشكل ودود غير جارح.
    يقول واقع التدوين العربي، والذي يلمسه كل من جرب التدوين، أنه مثلما تشرق الشمس كل صباح، وتغرب في المساء، فلا بد لمقالات كل مدون من تعليق أو اثنين، يحمل من السموم ما يكفي للقضاء على أجناس بأكملها، وهذه حقيقة لابد وأن نقبلها ونتعايش معها، شئنا أم أبينا. المحزن في الأمر أن محمد تلقى عروضا كادت أن تقترب من الرقم الذي كان يريد أن يبيع به، لكن المشتري أعرض لِما وجد من ردود أفعال المعلقين.

    الآن، دعونا نتناول الأمر بهدوء أولا، ومن خلال عقل متفتح، وقلب خال من الأنانية. لماذا يبيع شخص ما شيئا يملكه؟ لأسباب كثيرة، يراها مقبولة من وجهة نظره ومن حيث يقف هو. لماذا رفض جمهور الزوار فكرة البيع؟ في رأيي الخاص، لأنها فكرة جديدة تماما لم نرها من قبل على المستوى العربي، والبشر بطبعهم يميلون لرفض أي شيء لم يجربوه من قبل، وفق القاعدة التي تقول أن الإنسان عدو ما يجهله. ربما كان السبب الثاني أن الزوار ارتبطوا عاطفيا مع المدونة لأنها كانت المكان الذي يقرؤون فيه لمحمد، ولخوفهم من فقدان هذا المكان، بادروا بالرفض.
    برر البعض رفضهم بأنها مدونة محمد الشخصية، ولا يمكن لأحد منا أن يبيع اسمه مثلا، لكن بالعودة للوراء، سنجد أن احجيوج كان له عدة مواقع ومدونات سابقة، أغلق بعضها وهجر بعضها، وبالتالي فهذه المدونة هي آخر عنوان من العناوين الكثيرة لمدونات محمد، وليست مدونته الوحيدة أو الشخصية، كما أن اسمها مرن، فماذا تعني كلمة ميولوج، سواء بالعربية أو الفرنسية أو الانجليزية؟ ما يعني أن الاسم والعنوان والنطاق من المرونة بحيث يمكن ربطه بأي مدون أو مجموعة مدونين.
    الآن، لابد لجمهور انترنت العربي من تقبل فكرة سعي أصحاب المواقع والمدونات للتربح، دون إفراط أو تفريط، فليس معنى أن مدونة شبايك باتت تعرض إعلانات بمقابل مالي على صفحاتها أن صاحبها باع نفسه للشيطان، أو أن الأمر تحول إلى بيع كلمات مقابل دراهم. ولنبقى في مثال مدونتي، فحين بدأت الإعلانات تدر لي دخلا طيبا، بدأت في التعاون مع مصمم عربي من أجل شكل جديد للمدونة، في مقابل مالي، وكذلك مكنتني الإعلانات من عرض جائزة مالية (أظنها كبيرة) لمن يصمم تطبيقا مفتوح المصدر على المشاع، أي أن الدخل الذي حصلت عليه أعدت تدويره في العالم العربي، بما فيه النفع لغيري من الشباب العربي.
    الآن تخيل معي لو فعل كل مدون الأمر ذاته، كم من الشباب العربي سيجد مصادر كريمة للدخل، وما مقدار الإبداع العربي الذي سنجده بسبب توفر المنافسة والسوق الداعم لإبداعات الشباب العربي؟ في سياق التخيل، دعنا نرى ماذا لو باع محمد احجيوج مدونته، فالمشتري حتما له أغراض منها، وسيتولى تحديثها وضمان استمراريتها، وأما محمد فبعدما نجح مشروعه الأول، فحتما سيمضي إلى مشروع آخر جديد، وهكذا. محمد حين يكون لديه الدخل الكافي، سيتعاون مع شباب عرب آخرين في مشاريع أخرى، وهكذا حتى تدور العجلة ونرى مشاريع وشركات عربية مثل تويتر وفيس بوك وجوجل، أي أن الكل سيكون رابحا.
    أخرج من نمط التخيل إلى الواقع الحالي، ماذا فعل احجيوج الآن ردا على ردود المعلقين؟ لقد توعد بمصير مؤلم لمدونته، وحتى لو لم نتفق مع احجيوج في طريقة رد فعله، لكن ماذا كسب كل من تركوا تعليقاتهم بالرفض؟ لا أجد أي شيء ملموس يندرج تحت بند المكاسب.
    وعليه، فأنا أدعو احجيوج للعودة في قراره بعدم البيع، ولا عيب في الأمر طالما أن فيه مصلحته، وأدعو صاحب عرض الشراء لإعادة النظر والمضي في صفقة الشراء، فهذه الردود إنما صنعت لك الشهرة والدعاية بكلمات المديح الكفيلة بأن تجلب لك زوارا لمدة شهر (على الأقل) بعد إتمام عملية الشراء، فالكل سيكون متشوقا لمعرفة من المشتري، وبكم اشترى، وماذا سيفعل بعدما اشترى، وكلي ثقة أن جماهير الرفض ساعتها ستتحول لتتقبله، وستجد بعدها طوفانا من المدونات المعروضة للبيع، وكل هذا من البشائر الإيجابية، تدل على أن السوق العربي سوق مرنة تتفاعل بسرعة مع المستجدات فيها.
    وعلى سبيل التشجيع للمشتري، سأقدم له إعلانا مجانيا مصورا مربعا لمدة شهر في مدونتي بدون مقابل، شريطة أن تتم عملية الشراء، وأدعو صديقي احجيوج لإعادة النظر في قراره، الذي سأقبله منه مهما كان، فهو صاحب القرار الأول والأخير، وما هي إلا كلمات ونصائح نظنها ستأتي بالخير.
     
    الآن، عزيزي القارئ، هل توافقني فيما ذهبت إليه من افتراضات واقتراحات؟

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()