مستويات النفس البشرية تضم ثلاث عمليات متصلة ببعضها البعض و هي : الشعور ، ما قبل الشعور ، و اللاشعور
الشعور : حين يقول أحدنا أنا أشعر بالألم أو أشعر بجرح في كرامتي فهذا يعني أننا نعي و نعيش هذه الحالة و بالتالي فنحن نشعر وهذا الشعور هو الوسيلة المباشرة التي تطلعنا على ما نمّر به من حالات نفسية ، و بواسطة هذا الشعور
نستطيع إدراك اللذة والألم وبالتالي ندرك الحاضر الذي نعيشه و الذي هو بمثابة محاكمات داخلية آنية هذا مع العلم أننا نتقصد أحياناً الانعطاف نحو الذات لنتأملها بعين الفاحص المدقق و هذا ما ندعوه الشعور التأملي المقصود .
إن النفس البشرية تتفاعل من خلال المؤثرات الخارجية مع ما هو موجود داخل الذات لتكوّن منظومة الخبرة الحسية الواقعية التي نعيشها أي التي نحسها وهنا ملحوظة هامة للتمييز بين ما يمر عليه الإنسان ساعة اليقظة التي تميز سلوكه الواعي و بين ساعة النوم التي تشتمل على حركات آلية غير مقصودة .
يمكن للشعور أن يصاب بالاضطراب أو الانحلال بسبب حالات سوء التكيف التي يمر بها الفرد أو بالحالات المرضية المتطرفة مثل حالات السبات أو غيبوبة الصرع أو النوم المرضي أو انحلال الشعور الهيستيري .
ماقبل الشعور : هو مستوى يتوسط كلاً من مستوى الشعور و اللاشعور ، وهو جسر واصل بين الإثنين لكنه أقرب للشعور .
ما قبل الشعور هو ما نستطيع استدعاؤه بسرعة من مكان حفظه لينضم للشعور ، إنه يعمل وفق مبادئ المنطق و الواقع والزمن ، إنه باختصار مخزن المعاني و الخبرات القريبة .
اللاشعور : هو تلك الكتلة الضخمة من الحالات التي لا ينالها الشعور فقد يظهر ذلك في انبثاق الأفكار فجأة أو بالعثور على حلول لمسائل رياضية كانت مستعصية لفترة طويلة ، كذلك ببعض هفوات اللسان غير المقصودة والتي ظهرت بقوة دافع ليس موجوداً بساحة الشعور .
ولعل المثال الأقرب على تأكيد اللاشعور هو استيقاظ النائم بالإيحاء ( التنويم الإيحائي ) و تنفيذه لما طُلب منه ساعة النوم . إن عمليات اللاشعور لا تخضع لا للزمان ولا للمكان كونها لا تتأثر بهما ، فهي تقفز فوق مطالبهما و حدودهما ،
كما أنها لا تتأثر بمنطق أو واقع أو نظام فهي فعالة و نشطة طوال الوقت و تعمل متمركزة حول الذات تمركزاً قوياً . و هذا ما يفسر احتلال دافع الجنس المكانة الأهم بين مكوناتها ، أما كشف العمليات اللاشعورية فيمكن أن يتحقق من خلال الأحلام و التداعي الحر وغير ذلك .