بتـــــاريخ : 12/15/2010 5:17:15 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1186 0


    دراسة أولية لسلوك الإرضاع في المجتمع السوري

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. فايز قنطار | المصدر : www.hayatnafs.com

    كلمات مفتاحية  :

     
    الخلاصة :
           لقد أوضحت البحوث الحديثة أهمية الإرضاع الطبيعي في نمو الطفل الجسدي والعقلي والنفسي . كما أشارت هذه البحوث إلى الفائدة الكبيرة لهذا السلوك بالنسبة للأم من الجوانب الجسدية والنفسية . إلى أهمية هذا السلوك في توفير فرص التبادل الحسي بين الطفل والأم . وتأثير ذلك في تطور العلاقة بينهما . ويتعرض هذا السلوك إلى تغيرات هامة في معظم المجتمعات العربية . تحت تأثير التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بهذه المجتمعات . وبالرغم من ذلك لايوجد سوى عدد قليل من البحوث التي تعرضت لهذا السلوك الهام .
     
           تناولت هذه الدراسة سلوك الإرضاع عند عينة من الأمهات (331أماً ) في المجتمع السوري . ثم استخدام استبانة للكشف عن أساليب الأمهات في الإرضاع إضافة إلى المعلومات المتعلقة بالهوية الشخصية وبالمستوى الاجتماعي والاقتصادي . تبين هذه الدراسة أن معظم أفراد العينة ( 95,4%) يعطين الثدي للطفل . ويوجد 20.5% منهن يستخدمن الزجاجة إلى جانب الرضاعة الطبيعية . في حين أن نسبة الأرضاع بواسطة الزجاجة فقط دون الثدي لا تزيد عن 4.5% .
     
     
           وتشير نتائج هذا البحث إلى أن معظم الأمهات يرضعن الطفل عند الطلب بينما تقوم نسبة 24.5% منهن بالإرضاع حسب جدول زمني محدد . وبلغ متوسط عدد الرضعات 6.95 في اليوم كما يتم إدخال الأغذية السائلة الإضافية عندما يبلغ متوسط عمر الطفل 4.84 شهراً في حين تبدأ الأم بإضافة الأغذية الجامدة في عمر متوسط 7.3 شهراً .
     
    وتوضح نتائج هذا البحث أن متوسط المدة الزمنية للإرضاع هي 14.53 شهراً . وأن أكثر من 82% من الأطفال تابعوا الإرضاع من بعد أن أتموا عامهم الأول . كما أن أكثر من نصف الأمهات يستخدمن طريقة الفطام التدريجي .
           إن هذا السلوك بالرغم من تأثره ببعض المتغيرات مثل المستوى التعليمي للأم . وعمل الأم وجنس الطفل يتميز عند الأم السورية ببعض الخصائص الإيجابية خصوصاً من حيث المدة الزمنية للإرضاع ، ونسبة الأمهات اللواتي يرضعن . مقارنة مع بعض المجتمعات النامية والعربية . يلقي هذا البحث الضوء على خصائص سلوك الإرضاع . ويمكننا من تفهم أفضل لهذا السلوك وتطوره عند الأم السورية .
    مقدمة :
     
           كان الإرضاع الطبيعي ولا يزال الغذاء الذي مكن الطفل من النمو عبر ملايين السنين فحليب الأم يفوق في قيمته الغذائية الحليب المصنع . وهو أكثر ملائمة لحاجات الطفل الغذائية والصحية من أي غذاء آخر . إذ يمكن الطفل حديث الولادة من النمو واكتساب المناعة ضد العديد من أمراض الطفولة ( قنطار 1992: 83 . نيومان 1996 ) .
     
     
           كما أن الإرضاع الطبيعي يعود بالفائدة على الأم من الناحيتين البيولوجية والنفسية فالمثيرات التي تتعرض لها الأم عند إعطائها الثدي للصغير تساعد في استعادة أوضاعها الجسدية لما كانت عليه قبل الولادة . وكل ما يشاع من أن إرضاع الطفل قد يضعف الأم ويشوه صدرها لا يستند إلى أساس من الصحة بل على العكس . يزيدها الإرضاع نضارة وإشراقة ويعزز شعورها بالنجاح والتحقق وراحة الضمير . وهذا ينعكس على وضعها الجسدي والنفسي ( قنطار 1992 :83 ) كما يجنبها إلى حد بعيد احتمال الإصابة بسرطان الثدي . وتجدر الإشارة إلى أن الإرضاع هو من أفضل الوسائل الطبيعية لتنظيم الأسرة . وزيادة المدة الفاصلة بين الولادات مما يؤثر إيجابيا على صحة الأم وفي الحد من تفااقم مشكلة الانفجار السكاني في البلدان النامية ( منظمة الصحة العالمية . 1987 في مصيقر والنجار ، 1994 ) .
     
           إلا أن تعرض الأم في أيامنا هذه لضغوط مختلفة يمكن أن يؤدي إلى تغيير هذا السلوك الذي سمح للجنس البشري بالتكيف والنمو والبقاء عبر ملايين السنين .
     
           أما بالنسبة للطفل ، تؤكد الدراسات الحديثة أهمية لبن الأم وتأثيره في نموه وتطوره ففي دراسة حديثة للمقارنة بين مستويات الذكاء عند أطفال الولادات المبكرة تبين أن تغذية الأطفال على لبن الأم قد يؤثر في نموهم المعرفي على المدى البعيد أي في عمر 7-8 سنوات حيث بلغت الفروق في معامل الذكاء 8 نقاط بين متوسط العينة التي تغذت على لبن الأم بالمقارنة مع مجموعة أخرى اعتمد في تغذيتها على استخدام الزجاجة ( قنطار 1998ولوكاس وآخرون) وأصبح من الواضح أن إرضاع الطفل من الثدي ، في المراحل المبكرة من العمر يأخذ أهمية خاصة في تطوره ( نيومان 1996 ) وفي نموه العقلي المعرفي ( بروان وبوليت 1996 ) .
     
           كما اتضح أن نسبة الوفيات في أمريكا اللاتينية تكون عشرة أضعاف عند الأطفال الذين يتغذون بواسطة الزجاجة بالمقارنة مع أترابهم الذين يتغذون من حليب الأم .
           ولا تقتصر الآثار السلبية للإرضاع الاصطناعي على الجانب الغذائي والصحي وإنما تتعداها إلى الجوانب النفسية والاجتماعية . فعدم إعطاء الثدي للطفل يعني أيضاً حرمان الطرفين ( الأم والطفل ) من تجربة حسية هامة . أي التجربة المبكرة في التبادل اللمسي والبصري والشمي لأن استخدام الزجاجة يقلل من فرص التفاعل الذي يأخذ أهمية خاصة في نمو العلاقة بين الطفل والأم ( قنطار 1992، 88 ) في حين أن الإرضاع الطبيعي يوفر للطفل فرص التبادل الحسي مع الأم فعندما ترضع الأم طفلها تشعره بحرارة جسدها وحنو لمستها ورقة مناغاتها ( المرجع السابق ، 98 ) مما يجعل الإرضاع بحق الإطار الأولي للتنشئة الاجتماعية الذي يتم عبر نسق معقد من التفاعل الاجتماعي بين الأم والطفل وعبر جسد الأم يكتسب الطفل الخصائص الأولى للبيئة الحسية للثقافة المحيطة .
           إن وظيفة الثدي هي تغذية الصغير . فلماذا تبتعد الأم عن هذا الموروث المتعلق بهذه الوظيفة ؟ ففي الثقافة الغربية لم يعد الثدي عضوا لتغذية الصغير . بل أصبح موضوعا جنسيا لإثارة الرجل وهكذا يتضح كيف أن المعتقدات الثقافية قد تخفي الوظيفة البيولوجية . ففي بلد كالولايات المتحدة الأمريكية انخفضت نسبة الإرضاع الطبيعي من 95 % عام 1890إلى 50% عام 1990 كما انخفضت مدة الإرضاع لنفس الفترة إلى ستة أشهر بعد أن كانت تتراوح من 2-4 سنوات (المرجع السابق : pix )  . أشارت دراسة حديثة إلى احتمال انخفاض نسبة الإرضاع الطبيعي ومدته في البلدان الإفريقية والأسيوية . فنسبة 16% من الأطفال منذ الولادة ولغاية الشهر الثالث يتغذون بواسطة الثدي فقط . ونسبة 29% بين الشهر السادس والشهر التاسع تتغذى على الثدي وأغذية إضافية . بينما لا يستمر في الإرضاع بعد إتمام العام الأول إلا بنسبة 27% من الأطفال . وفي دراسات عديدة يتبين أن الإرضاع الطبيعي كغذاء وحيد للطفل يميل إلى الانخفاض تدريجياً منذ الأشهر الأولى من حياة الطفل . إذ بلغت هذه النسبة في دراسة هندية 94% في الشهر الأول . 83.5% في الشهر الثاني . وانخفضت إلى 72% في الشهر الثالث ثم إلى 26.8% في الشهر السادس .
     
           إن انخفاض نسبة الإرضاع الطبيعي وانخفاض مدته في بعض المجتمعات الحديثة يعكس أزمة بيولوجية ثقافية عميقة وفي المجتمعات الحديثة يعكس أزمة بيولوجية ثقافية عميقة . وفي المجتمعات العربية لا يعرف الكثير عن تطورات سلوك الإرضاع عند الأمهات وذلك لقلة البحوث في هذا المجال . وفي بلدان الخليج العربي يميل الإرضاع إلى الإنحسار . فقد حدث تغير كبير في سلوك الإرضاع نتيجة التغيرات الاقتصادية الاجتماعية الحديثة إذ انخفضت مدة الرضاعة من الثدي وأصبح معظم الأطفال . يقدم لهم الحليب الصناعي في مراحل مبكرة من نموهم ( مصيقر والنجار ، 1994 ).
     
     
           في دراسة الخطيب ( 1993) المتعلقة بآثار الطفرة الاقتصادية على أساليب التنشئة الاجتماعية في المجتمع السعودي  ، أوضحت هذه الدراسة التغير السريع في سلوك الإرضاع عند المقارنة بين مجموعة من النساء وأمهاتهن . فبينما كانت نسبة الأمهات اللواتي يعطين الثدي 97.8%  انخفضت هذه النسبة عند بناتهن عندما أصبحن أمهات إلى 78.9% . كما أن مدة الإرضاع كانت تزيد عن سنتين عند الأمهات ، انخفضت هذه المدة عند بناتهن إلى فترة تتراوح بين سنة وسنة ونصف .
     
     
           وفي دراسة أخرى ( معروف ، 1987 ) أجريت في الجزائر تبين أن الأمهات الجزائريات يفضلن الرضاعة الطبيعية على الإرضاع بالزجاجة . كما بينت أن مدة الإرضاع تصل سنة واحدة . وأوضحت هذه الدراسة تأثير بعض المتغيرات الإقتصادية في سلوك الإرضاع والتغذية . فالأمهات الأميات أكثر ميلاً نحو  إطالة مدة الإرضاع بالمقارنة مع الأمهات المتعلمات والأمهات المتعلمات هن أكثر ميلا لاستخدام جدول زمني للإرضاع بينما لم تستخدمة الأمهات الأميات على الإطلاق بل كن يعطين الثدي للطفل حسب الطلب ( معروف ، 1987  عبد القادر في : هرمز وإبراهيم ، 1988 : 13 ) .
     
           وأشارت بلعربي (1995 : 48 ) إلى أن الإرضاع الطبيعي لا يختلف باختلاف جنس الطفل إلا في حالات قليلة . وتكاد تندر الدراسات التي توضح الفروق في سلوك الإرضاع نحو الصغار من البنين أو من البنات .
     
           إن معرفة خصائص سلوك الإرضاع والتغيرات التي تطرأ على هذا السلوك تستوجب تعميق البحوث في المجتمعات العربية لما لذلك من أهمية كبيرة في الميادين الاجتماعية والتربوية والاقتصادية . 
     
     
       يتضمن المقال : فرضيات البحث - منهج البحث - نتائج البحث ومناقشة النتائج ثم المراجع... وهو مأخوذ هنا   باختصار

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()