بتـــــاريخ : 12/11/2010 6:00:00 PM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1520 0


    الطريق الطويل المتعرج .. في علاج مرض السكري

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : إعداد وترجمة الدكتور حسان المالح | المصدر : hayatnafs.com

    كلمات مفتاحية  :

    ملخص المحاضرة :
    تلعب العوامل النفسية دوراً حيوياً في التعايش مع مرض السكري خلال رحلة المريض الحياتية . وفي هذه المحاضرة سوف أتحدث عن العوامل النفسية التي تساهم في فهم صدمة التشخيص وكيف يتعامل الناس مع مرضهم بما في ذلك استراتيجيات تعديل السلوك والدافعية والتداخلات العلاجية . والنتيجة أن الصحة النفسية تشكل الأساس الذي يمكن من خلاله الوصول إلى النتائج العلاجية المرجوة لمرضى السكري ، ولما كان اضطراب الصحة النفسية عامل خطورة لحدوث الاختلاطات المرافقة للسكري فإن التطرق إلى الحالة النفسية يجب أن يصبح ممارسة روتينية في رعاية مرضى السكري.
    مقدمة :
    إن مرض السكري وعواقبه لها أسس جسمية عضوية ، ولكنها ترتبط وتتفاعل بالعمق مع عوامل نفسية فردية . وقد أدت التطورات في الطب وعلم الأدوية إلى تقدم علاج مرض السكري في السنوات الأخيرة ، وأدى ذلك إلى زيادة المتطلبات الملقاة على عاتق المريض من ناحية تطبيق العلاج المكثف والمراقبة الذاتية اليومية المستمرة .وإذا لم يتعاون المريض على أساس يومي مع خطة العلاج فإن النتائج العلاجية ستكون سيئة على الرغم من الوسائل العلاجية المتطورة .
    في بداية الطريق :
    إن تشخيص مرض السكري يمثل بداية رحلة علاجية طويلة تتمثل بطريق طويل متعرج .. فيه مآزق وتحديات كثيرة .
    وعندما نبدأ أية رحلة نحتاج إلى خارطة .. ويمكن اعتبار إعطاء التشخيص وشرح المرض والعلاج هو الخارطة التي تهيئ المرضى للسير عليها في رحلتهم . ومما لاشك فيه أن المعلومات الصحيحة منذ البداية تشكل أساساً لنجاح هذه الرحلة.
    وفي البداية لابد من إعطاء التشخيص بطريقة يمكن للناس أن تتقبلها .. وبعض الأشخاص يكون في حال صدمة وتشوش ..وبعضهم تتراوح ردودهم من الغضب ، والقلق ، والخوف ، إلى الاكتئاب .
    والحقيقة أن الاشخاص يبدؤون رحلتهم مع المرض بمعلومات مختلفة وأساليب متنوعة للتعامل معه .. وتختلف مستويات ذكائهم وثقافتهم ووضعهم الاجتماعي .. وكل ذلك ينعكس على إنذار المرض واختلاطاته ، حيث بينت الدراسات أنه على الرغم من التطور الكبير في علاج مرض السكري فإن إنذار المرض  لايزال أسوأ في الأقليات العرقية ، وكبار السن ذوي الثقافة الصحية المتدنية ، والطبقات الفقيرة .
    ويوحي ذلك بأن مشكلات التفاهم والتواصل في القضايا الصحية ربما يكون لها دوراً في ذلك . وبالتالي يؤكد أهمية التواصل الطبي الفعال خلال علاج ورعاية المرضى . لأن المعلومات والتوصيات التي تقدم للمريض  تؤثر على تعاونه وعلى التزامه بالعلاج ، وتؤثر على رضاه عن علاجه ، وأيضاً على حالته الصحية العامة.
    ومن المفيد التعرف على أفكار المريض الذاتية عن مرضه لأنها تؤثر على تعامله مع المرض وعلى علاقته بالخطة العلاجية .
    وتتضمن الرحلة مع المرض التعامل مع الأشخاص الذين يعيشون مع المريض مثل الشريك الزوجي أو الأهل .. مثل تقديم العون والنصح بما يساعد في  دعم المريض والتخفيف من الضغوط عليه . ومن المطلوب أن يشارك الطبيب فريق علاجي متعدد الاختصاصات بما فيهم الخبير النفسي ، كل يحمل جزءاً من الأعباء .
    التعامل الناجح مع مرض السكري :
    إن أساس التعامل الناجح مع السكري يقوم على فكرة الإحساس بالسيطرة الذاتية عليه. وتنقسم طرق التعامل مع المرض إلى قسمين بشكل أساسي ، قسم يعتمد على التجاهل أو الإنكار ، ويتمثل بجهود متنوعة لنسيان المرض . ومنها عدم أخذ الدواء ، وتقبل القدر بشكل سلبي ، والانسحاب الاجتماعي ، ولوم الآخرين . وبالطبع هذا الأسلوب يمثل تكيفاً ضعيفاً مع المرض ويترافق مع درجات عالية من الألم النفسي .
    وأما القسم الآخر من طرق التعامل فهو يعتمد على المواجهة ، ويترافق مع المشاركة الفعالة في علاج المرض ، وتعديل نمط الحياة مثل نوعية الطعام والنشاط البدني ، وتناول العلاج الدوائي ، والبحث عن المعلومات الطبية وغير ذلك . وهذا الأسلوب يترافق مع تكيف ناجح مع المرض ومع درجات أقل من الألم النفسي .
    ويبدو أن فهم المريض للدواء على أنه " دواء مفيد "  وليس " دواءً ضاراً " له أهمية كبيرة في علاقته مع الدواء الموصوف وبالتالي مع خطة العلاج .. ولكن اتجاه المريض لأن ينظر لمرضه على أنه أقل شدة من غيره ، أوأنه لن تصيبه اختلاطات المرض مثل الآخرين ، يؤثر على التزامه بالسلوكيات الصحية الوقائية على المدى الطويل ..والحقيقة أن الرحلة مع المرض ليست سهلة دائماً ويمكن أن يضيع المريض عن الاتجاه الصحيح ..
    الاكتئاب :
    ينتشر الاكتئاب بنسبة ثلاث أضعاف عند مرضى السكري مقارنة مع الأشخاص العاديين .. ومع ذلك لايتم تشخيصه بشكل كاف ، وكذلك لايتم علاجه  بشكل كاف أيضاً .
    وقد بينت الدراسات أن الاكتئاب يساهم في زيادة اختلاطات السكري ، من خلال عدم إخبار الطبيب عن الأعراض المرضية للسكري ، وعدم الالتزام بالخطة العلاجية ، وضعف السيطرة على مستوى السكر بالدم ، وزيادة مخاطر تلف أعضاء الجسم المختلفة .
    وعلاج الاكتئاب فعال وله آآثار إيجابية على المزاج وعلى ضبط السكر وعلى نوعية الحياة . وأيضاً يمكن له يحسن من الإنذار العام للمرض في نسبة كبيرة من المرضى . مما يطرح أهمية الكشف عن الاكتئاب والبحث عنه ، ولاسيما في حالات النساء ، والأشخاص غير المتزوجين ، والأشخاص أكبر من 65 سنة ولديهم حالة  صحية عامة سيئة . ومن ثم البدء في خطة علاج هجومية مع متابعة مناسبة .
    وربما كانت زيادة الأعباء المالية المرتبطة بعلاج السكري واختلاطاته ترتبط بآثار الاكتئاب على السكري ، وبالتالي فإن علاج الاكتئاب سيؤدي إلى خفض هذه الأعباء المالية .
    التدابير الذاتية في علاج السكري :
    من المؤكد أن المريض ليس مستقبلاً سلبياً لما يطرح عليه الطبيب من تعليمات وآراء .. ومن المطلوب مشاركة المريض بفعالية في العلاج من خلال مشاركته بآرائه وتنمية الحوار معه حول مختلف تفاصيل العلاج وحول التغييرات المطلوبة .. والحقيقة أن الأشخاص الذين يصارعون أنفسهم لتغيير سلوكيات معينة يتعرضون لتقلبات إيجابية وسلبية في جهودهم ، وفي دافعيتهم . وهم يريدون التغيير ولكن لايريدونه ..والتغيير ليس سهلاً .. وهذا الصراع الداخلي جزء طبيعي منه ، ولابد من طرحه ومناقشته . ومن المفيد التعرف على دافعية المريض للتغيير وحماسته لذلك ، وأيضاً السعي لتطويرها وتنميتها باستمرار وإعطاء التعليمات والنصائح المتناسبة معها.
    الخطة العلاجية :
    نظراً للتداخل بين السكري والعلوم النفسية فإن العناصر التالية يمكن أن تشكل نموذجاً للتدابير الذاتية الفعالة :
     
    -          العنصر المعرفي الذي يتضمن أفكار المريض واتجاهاته حول المرض
     
    -           العنصر الانفعالي والمزاجي المرتبط بالقلق والخوف والاكتئاب
     
    -          العنصر الاجتماعي المرتبط بأهل المريض وعمله وعلاقاته الاجتماعية
     
    -          العنصر السلوكي المرتبط بالمهارات والثقة بالنفس التي تهيئه للتعامل مع المرض
    وقد بينت الدراسات نجاح الخطة العلاجية السلوكية التي تهدف إلى تعديل نمط المعيشة اليومي من خلال التدابير الذاتية، وقد تضمنت هذه الخطة تسجيل النشاط الجسمي اليومي والسلوك الطعامي للمريض، ومعلومات المريض وأفكاره الذاتية حول السكري ، ومعلوماته عن علاج السكري ، ودرجة استعداده ودافعيته للتغيير ، وأيضاً تضمنت مشاركة المريض في الاتفاق على الأهداف القريبة المحددة التي يجب الوصول إليها ، واختيار أساليب فردية معينة لمواجهة العقبات ، والمتابعة والدعم للوقاية من الانتكاس .
    وظهرت النتائج الإيجابية في الحفاظ على وزن مقبول ، وتقليل تناول الطعام الدسم ، وزيادة مستوى النشاط البدني .
    ويمكن لهذه الخطة العلاجية الناجحة أن تطبق ضمن مجموعات علاجية ، وأن تشمل جلسات تثقيفية جماعية .
    وأخيراً ..
    لايبدأ الجميع رحلتهم مع مرض السكري من نفس النقطة من حيث المعلومات والتوقعات .. ولابد لنا من تقديم العون المناسب والخطة المناسبة لكل مريض وفقاً لتكوينه وحاجاته وقدراته ، كي يستطيع التعامل بشكل ناجح وإيجابي مع المرض .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()