يترقب العالم اليوم قمة مجموعة العشرين التي تفتتح أعمالها في سيئول، وسط مخاوف صريحة من أن تكون مجموعة الثماني قد قالت كلمتها استباقا لالتئام القمة، في حين تبدو ''حرب العملات'' الموضوع الأكثر سخونة في الوقت الراهن، إذ يتبارى عدد من الدول الصناعية الكبرى في تشجيع خفض عملاتها في سبيل دعم صادراتها، وهو ما قد يعوق نجاح القمة. وفي وقت أكد فيه مسؤول كوري جنوبي فشل اجتماع الثلاثاء لممثلي وزارات المالية للمجموعة من أجل وضع مسودة بيان نهائي للقمة، قال يون ـــ كيونج، الناطق باسم اللجنة الرئاسية الكورية الجنوبية لمجموعة العشرين صباح أمس: ''كل دولة بقيت على موقفها الأساسي وارتفعت حدة اللهجة، لم يشأ أحد التنازل، اضطروا إلى إبقاء الباب مفتوحا؛ لأن النقاش كان محتدما جدا وكان ينقصنا الأوكسجين''.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
يترقب العالم اليوم قمة مجموعة العشرين التي تفتتح أعمالها في سيئول، وسط مخاوف صريحة من أن تكون مجموعة الثماني قد قالت كلمتها استباقا لالتئام القمة، في حين تبدو ''حرب العملات'' الموضوع الأكثر سخونة في الوقت الراهن، إذ يتبارى عدد من الدول الصناعية الكبرى في تشجيع خفض عملاتها في سبيل دعم صادراتها، وهو ما قد يعوق نجاح القمة.
وفي وقت أكد فيه مسؤول كوري جنوبي فشل اجتماع الثلاثاء لممثلي وزارات المالية للمجموعة من أجل وضع مسودة بيان نهائي للقمة قال يون ـــ كيونج الناطق باسم اللجنة الرئاسية الكورية الجنوبية لمجموعة العشرين صباح أمس ''كل دولة بقيت على موقفها الأساسي وارتفعت حدة اللهجة، لم يشأ أحد التنازل، اضطروا إلى إبقاء الباب مفتوحا لأن النقاش كان محتدما جدا وكان ينقصنا الأوكسجين''.
ويرفض المسؤولون الكوريون الخوض في تفاصيل الخلافات التي تحدث بين جدران قاعاتهم للمسؤولين الاقتصاديين المجتمعين غير أن كيونج قال إن ''كل شيء ترك بين قوسين لأن أحدا لم يكن قادرا على التوصل إلى اتفاق''.
ويواجه الاجتماع الخامس لقمة العشرين التي تمثل معا 90 في المائة من الاقتصاد العالمي صعوبات التوصل إلى اتفاق بين أعضاء القمة التي تجتمع للمرة الخامسة منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008 بهدف إبعاد مخاطر الحمائية وتجنب حصول انكماش جديد بعد الأزمة المالية التي وقعت في عام 2008 وخفض الخلل في التوازن الاقتصادي.
وتريد الولايات المتحدة (الاقتصاد الأكبر في العالم) من أبرز الدول المصدرة الأخرى، أن تتعهد بالحد من فائض حساباتها الجارية (الفائض التجاري وعائدات أخرى).
وتطالب أيضا بإعادة تقييم أسرع للعملة الصينية التي يسهم سعرها المنخفض في العجز التجاري الأمريكي الكبير، لكن الصين وألمانيا رفضتا أي التزام محدد بالأرقام.
د. باعشن
وهنا يؤكد لـ ''الاقتصادية'' الدكتور عبد الله باعشن رئيس مجلس إدارة الفريق الأول للاستشارات المالية في الرياض أن الاتفاق في نهاية الأمر سيحسم في اتجاه الأقوى اقتصاديا معتقدا أن المصالح السيادية للدول هي التي يحكم ويتقدم على المصالح العامة لاقتصاديات العالم.
ويعتقد الدكتور باعشن أن اتفاق مجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى هو في الغالب مقدمة لاتفاق مجموعة العشرين ''لأن مجموعة الثماني الكبرى هي مجموعة مؤثرة بالفعل في مجموعة العشرين كونها تمثل ما نسبته من 80 إلى 90 في المائة من اقتصاديات المجموعة''.
ويرى باعشن أن التوجه القادم لمجموعة العشرين هو في إيجاد نوع من الرقابة على النظام الرأسمالي الحر أساسا عبر فرض الرقابة على الأسواق بوجود آليات شرعية ونظامية وإحداث التنسيق المطلوب بين الأعضاء للقيام بهذه الأدوار.
ويشير رئيس الفريق الأول للاستشارات المالية إلى ''حرب العملات'' باعتبارها الموضوع الأكثر حضورا بالفعل في قمة سيئول، إضافة إلى موضوع السياسات المالية الأخرى التي بدأت في بعض الدول الكبرى وهي ما تقود لإحداث التأثير في اقتصاديات العالم المختلفة ''كون العالم أصبح قرية صغيرة تتأثر ببعضها البعض'' كما يقول الدكتور عبد الله باعشن الذي يشير بالمثال إلى خطة الدعم الأمريكية الأخيرة وتأثيرها الحاصل في دورة الاقتصاد العالمي.
حجاج بوخضور
لكن حجاج بوخضور المحلل الاقتصادي الكويتي يرى أن ''حرب العملات'' ليست بالأمر الجديد على الاقتصاد العالمي وهي أشد ما تكون دائما بين قطبين اقتصاديين كبيرين هو من جهة الولايات المتحدة، ومن جهة ثانية كانت اليابان في العقود السابقة ثم صار الاتحاد الأوروبي في العقد الماضي يلعب دور المواجه للولايات المتحدة في هذه الحرب الاقتصادية، في حين صارت الصين الآن هي أبرز خصوم الولايات المتحدة.
ويضيف بوخضور ''خط التماس الآن هو الصين وفتيل الأزمة أتى من اختلال الموازين التجارية بين الدول الكبرى، من جهة الولايات المتحدة لديها عجز كبير جدا في الميزان التجاري، ومن جهة ثانية الصين لديها فائض كبير في الميزان التجاري''.
وترى الولايات المتحدة - وفقا للمحلل الاقتصادي بوخضور - أن الصين هي السبب الأبرز في هذا العجز الكبير في الميزان التجاري لديها، فيما ترى الصين المشكلة في اختلال الهياكل الاقتصادية في أمريكا والدول الغربية إجمالا، في حين تتلخص المشكلة لدى الطرف الآخر المواجه للصين في عدم اتخاذ الحكومة الصينية الإجراءات اللازمة لتحرير العملة الصينية وتركها لقوى السوق.
وفي حين يطرح المحلل الاقتصادي الكويتي وجهتي النظر الأساسيتين في المعسكرين، يبدي حجاج بوخضور توافقه مع الرأي القائل إن المشكلة هي في التضارب والتناقض بين السياسات المالية والسياسات النقدية في الاقتصادات العالمية.
ويعزو بوخضور هذا التناقض والتضارب في السياستين إلى ما وصفها (الاختلالات في الهياكل التجارية)، موضحا أن سياسة رفع سعر الفائدة لمعالجة التضخم في الأسعار قوبلت بسياسة مالية من جهة ثانية تعمل على زيادة الإنفاق، ومن ثم زادت من مستويات التضخم بسبب تحفيز الأسعار، وهذان الإجراءان المتناقضان يعملان في اتجاه متناقض على خلق تذبذبات حادة في المؤشرات الاقتصادية وعدم استقرار الاقتصاد والتوترات والأزمات الحادة.
من جهته، حث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الصين على العمل بشكل وثيق مع مجموعة العشرين لتوسيع الحريات السياسية وذلك في اليوم الأخير من مهمة تجارية يقوم بها إلى الصين خيمت عليها مسائل حقوق الإنسان.
وقال كاميرون إن تعاون الصين مع مجموعة العشرين في مجال التجارة والعملة ''سيسهم بشكل كبير'' في استقرار الاقتصاد العالمي، إلا أنه حذر من ''موجة خطيرة من انتقال الأموال من جانب إلى آخر في العالم''.
وجاءت تصريحات كاميرون في كلمة في جامعة بكين عشية قمة قادة الـ20 من الدول الغنية وذات الاقتصاديات الناشئة في سيئول والتي من المقرر أن تهيمن عليها مسألة اختلال التوازن الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة وحرب العملات التي تبدو وشيكة.
ودعا كاميرون إلى ''الانفتاح السياسي بشكل أكبر'' على حقوق الإنسان في الصين.
ويتردد أن كاميرون ناقش مسألة المنشق الصيني المسجون والذي حصل على جائزة نوبل للسلام لهذا العام ليو تشياوبو مع رئيس الوزراء الصيني وين جياباو الثلاثاء.
وكاميرون هو أول زعيم غربي يزور الصين منذ منح تشياوبو جائزة نوبل الشهر الماضي مما أغضب بكين. وقد واجه ضغوطا خلال رحلته التي استمرت يومين لاتخاذ موقف علني حازم بشأن حقوق الإنسان.
وجاءت الكلمة في ختام نشاطاته الرسمية، وبعد محادثات أجراها صباح أمس مع الرئيس الصيني هو جينتاو وزيارة إلى سور الصين العظيم.
وقال كاميرون ''إذا كانت الصين مستعدة لفتح أسواقها بشكل أكبر والعمل مع بريطانيا وغيرها من دول مجموعة العشرين من أجل إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد العالمي واتخاذ خطوات مع الوقت باتجاه تدويل عملتها، فإن ذلك سيسهم بشكل كبير في انتعاش الاقتصاد العالمي وفي تحقيق الاستقرار الذي يحتاج إليه من أجل تحقيق نمو قوي ومستدام''.
ولكن ومع مواجهة الصين اتهامات من الغرب بأنها تبقي على التدني المصطنع لقيمة عملتها من أجل دعم صادراتها، حذر كاميرون بقوله ''الحقيقة أن بعض الدول التي حققت فائضا في حسابها الجاري تدخر الكثير من المال، بينما دول أخرى مثل بلادي التي تعاني العجز فإنها لا تدخر سوق القليل جدا''.
وأضاف أن النتيجة كانت موجة مد خطيرة من الأموال التي تنتقل من جهة من العالم إلى الجهة الأخرى''، مؤكدا أنه ''يجب'' على الصين تعزيز استهلاكها الداخلي، إلا أنه أقر أن ''هذا لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها''.
من ناحية أخرى قال الرئيس الصيني في مقابلة مع وسائل الإعلام الكورية الجنوبية إن الدول الأجنبية يجب أن ''تواجه مشاكلها'' ولا تلقي اللوم على الآخرين.
وأضاف أن ''الصين تحاول أن تدير شؤونها وألا تلوم الآخرين على مشاكلها''، حسبما نقلت عنه وكالة الصين الجديدة التي نشرت المقابلة.
إلا أن كاميرون (44 عاما) دعا الصين إلى لعب دور أكبر في الشؤون العالمية خاصة في مسألة التغير المناخي.
وقال ''لقد حاولت الصين تجنب التدخل في الشؤون العالمية في السابق. ولكن حجم الصين واتصالاتها العالمية تعني أن هذا الخيار لم يعد واقعيا''.
وتأتي زيارة كاميرون، الذي تولى منصبه في أيار (مايو)، قبل شهر من إقامة حفل تسليم جوائز نوبل في أوسلو.
وقال كاميرون قبل بدء الزيارة التي رافقه فيها وفد كبير من رجال الأعمال والوزراء، إنه يرغب في أن يبرم صفقات بمليارات الدولارات مع الصين خلال الزيارة.
ولم يكشف مسؤولون عن القيمة الإجمالية للصفقات التي تم إبرامها خلال الزيارة، إلا أنه يعتقد أنها منخفضة.
وكانت أكبر صفقة تم الإعلان عنها هي الاتفاق بين شركة رولز رايس وشركة خطوط تشاينا إيسترن التي ستزود بموجبها الشركة البريطانية محركات لـ16 طائرة من طراز إيه 330 تملكها الشركة.
ويهدف كاميرون على المدى الطويل إلى مضاعفة مستوى التجارة في السلع والخدمات بين بريطانيا والصين بحلول عام 2015 والذي بلغت قيمته العام الماضي 51.8 مليار دولار.
وتسعى حكومته إلى خفض العجز الذي بلغ مستوى قياسيا، مما دفعها إلى فرض إجراءات تقشفية لخفض الإنفاق العام تعد الأقسى منذ عقود.