صادق البرلمان الأوروبي نهائيا أمس في جلسة تصويت موسعة في بروكسل قبيل اجتماع مجموعة العشرين في سيئول، على تشريعات ستسمح بضبط أنشطة صناديق التحوط في الاتحاد الأوروبي التي سيترتب عليها الحصول على ''جواز سفر'' للعمل في الاتحاد.
وأقر البرلمان الأوروبي في جلسة عادية في بروكسل النص بغالبية ساحقة من 513 صوتا مقابل 92، مع امتناع ثلاثة عن التصويت. وعلق المقرر النيابي، الفرنسي المحافظ جان بول غوزيس بأن هذا التشريع يشكل أحد العناصر الأساسية في رد أوروبا على الأزمة المالية. وأضاف روبرت غوبلز من لوكسمبورغ أن التشريعات ''ستلقي المزيد من الضوء في هذا الثقب الأسود في المالية''.
وتتهم صناديق التحوط بتشجيع المضاربات لأنها تجازف كثيرا لتحقيق أعلى مردود ممكن، واعتبرت مسؤولة عن زيادة حدة الأزمة المالية. ويعتبر تأثيرها مهما ولا سيما أنها تدير مبالغ ضخمة قدرت بما بين 1200 و1300 مليار دولار سنويا في العام الفائت على المستوى العالمي وتشغل أحيانا نصف التبادلات في الأسواق. ويشكل ضبط تلك الصناديق أحد التعهدات التي قطعت بعد الأزمة في إطار مجموعة العشرين التي تجتمع في سيئول.
وتنتقل رئاسة المجموعة لاحقا إلى فرنسا التي تطمح إلى التشدد في ضبط المالية العالمية. بالتالي لم يكن يسع الأوروبيين التوجه إلى سيئول دون اتخاذ قرارات بهذا الشأن. فإلى جانب تشريعهم الأخير حول صناديق التحوط، وضع الأوروبيون بنية جديدة للمراقبة المالية يتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في مطلع 2011، إضافة إلى اقتراحات قدمتها بروكسل أخيرا لتحسين ضبط وكالات التصنيف الائتماني وإدارة صعوبات المصارف التي تهدد النظام المالي برمته. ولن ينطبق الإجراء الجديد على صناديق التحوط فحسب، بل على جميع الصناديق المسماة ''بديلة''، على غرار صناديق رساميل المخاطرة أو صناديق الأسهم الخاصة.
وتنص التشريعات الجديدة على إنشاء ''جواز سفر أوروبي'' للمشرفين على إدارة صناديق التحوط سواء كان مقرهم في أوروبا (اعتبارا من 2013) أو في الخارج (اعتبارا من 2015). ويجيز لهم جواز السفر الجديد تسويق منتجات في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي شرط احترام قواعد حسن سلوك (الشفافية، إدارة المخاطر...). وأضاف البرلمان الأوروبي إلى النص ''بندا مضادا للتفكيك'' لمنع ''الصناديق المتنقلة'' من شراء شركة لمجرد تصريف سيولتها سريعا.
وكان النواب الأوروبيون قد طالبوا في أيلول (سبتمبر) 2008 باتخاذ إجراءات حيال صناديق التحوط بعيد إفلاس بنك ليمان براذرز، لكن الملف تطلب أشهرا من المفاوضات الصاخبة غالبا، التي طبعها توتر بين لندن وباريس ومع واشنطن. أما المملكة المتحدة التي تضم أغلبية الصناديق الناشطة في أوروبا فكانت تخشى على العكس التسبب بهروب هؤلاء إلى قارات أقل قيودا. أما الولايات المتحدة فأعربت تكرارا عن قلقها من تشريعات أكثر حمائية تعقد وصول اللاعبين الماليين الأمريكيين إلى السوق الأوروبية.
وتعرض المشرعون الأوروبيون لضغط مكثف سواء من الأوساط السياسية أو من أوساط القطاع نفسه.
وندد النائب عن الخضر الفرنسي باسكال كانفان الذي صوتت كتلته ضد التشريعات بأن النص في النهاية ''يبدو وكأنه ينظم الصناديق'' لكنه ''لن يعدل عميقا في الممارسات الأكثر مضاربة''. غير أن غوزيس رد بالقول إن النتيجة النهائية ''ليست مثالية'' لكنها تمثل ''إنجازا مهما''.