بتـــــاريخ : 10/29/2010 12:48:00 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1934 0


    الإعتدال العبادي والموازنة مع متطلبات الحياة

    الناقل : SunSet | العمر :37 | المصدر : www.balagh.com

    كلمات مفتاحية  :

    الإعتدال العبادي والموازنة مع متطلبات الحياة
    الإسلام دين الحياة كلّها، وليس دين العبادات فقط. والعبادات في الاسلام لا تطلب لذاتها، بل لغاية أكبر وفائدة أعظم، ولذا لم يركّز الاسلام على الكثرة في العبادة، بل على النوعية فيها.
    فقد تجد شاباً مشغولاً بالعبادة أغلب الوقت، يفرغ من صلاة واجبة فينشغل بأخرى مستحبّة، ويجهد نفسه بالصوم المستحب حتى ليصرفه ذلك عن اهتماماته وشؤونه ومسؤولياته الأخرى.
    ولقد لفت النبي (ص) النظر إلى ذلك ، حينما رأى شاباً منشغلاً في العبادة ومنقطعاً يستكثر منها ، فسأل عمّن يعوله، أي مَنْ يتولى شؤون حياته ومعيشته، فقيل له: أخوه، فقال: أخوه أعبد منه! الأمر الذي يدلل على اهتمام الاسلام بالعمل ونظرته الواسعة إلى العبادة.
    ولذا فإنّ حالة الشاب المستغرق في عباداته تمثل اختلالاً في التوازن، فالصلاة عمود الدين، وكان النبي (ص) يجد فيها لذّته الروحية، وكان يصلّي شكراً لله على نِعمه، لكنّ صلاة النبي (ص) لم تجمّد نشاط النبي (ص).
    فلقد كان يمارس مهامّ النبوّة في إدارة الدولة والمجتمع، والمشاركة في جهاد العدو، وتعليم الناس وتربيتهم، وتفقد مرضاهم وقضاء حوائجهم، والإستمتاع بالجلسات العائلية الحميمة حتى أثر عنه قوله: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».
    ولقد طلب الله سبحانه وتعالى من المسلمين أن يتوجهوا إلى صلاة الجمعة في كلّ جمعة، وذلك قوله : (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع )(الجمعة/ 9) لكنّه لم يرد لهم أن يقيموا في المساجد طوال نهار الجمعة، ويتركوا الرزق في ذلك اليوم، ولذا قال: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون )(الجمعة/10) .
    إنّ الشاب العابد المتهجد، والفتاة القانتة المتبتلة، قد يتصوران أنّ العبادة هي استقبال القبلة والجلوس على سجادة الصلاة لأطول وقت ممكن، وأداء النوافل والأدعية والأذكار والتسبيحات ، وتلاوة أكبر عدد من سور القرآن، وهذا فهم غير دقيق للعبادة .
    فالعبادة هي كلّ عمل يتقرّب به الانسان إلى خالقه وربّه، حتى ولو لم يكن فريضة عبادية معروفة .
    فالتحيّة، وقضاء حاجات الأهل والأصدقاء، والتعاون على مشروع عمل شبابي يهدف إلى إنماء قابلياتهم، أو يزيد في توعيتهم الدينية، أو يعمق من عرى المحبّة والتآلف والتآخي فيما بينهم، والإنجاز الدراسي لتنمية المواهب والمدارك والمعلومات، ورفع الأذى عن طريق المسلمين، وكلّ ما يسبب الإزعاج لهم، والإستماع إلى المواعظ، أو إلى المحاضرات العلمية والثقافية والتربوية.. كل ذلك عبادة، إذا كنت قاصداً بها أن تبني شخصيتك لتكون إنساناً نافعاً مباركاً أينما كنت، ألسنا نقول : «خير الناس مَنْ نفع الناس» .
    وإذن ، فأنت في صلاة دائمة قائمة متصلة، ما دمت في عمل لله فيه رضا ولك وللأمّة فيه خير وصلاح .
    لقد اشتكت بعض نساء المسلمين إلى الرسول (ص) انشغال أزواجهنّ بالعبادة ـ صياماً وقياماً ـ فاستدعاهم ليقول لهم إنّه وهو الرسول لم يفعل ذلك ، وإنّما يوازن بين العبادة وبين متطلبات الحياة ، حيث يقول : «أما إنِّي أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأضحك وابكي فمن رغب عن منهاجي وسنّتي فليس منِّي» .
    إنّ الرفق والمداراة والعطف كما هي مطلوبة مع الآخرين ، مطلوبة مع النفس أيضاً ، ولذلك فإنّ أحد معاني كلمة (ظلمتُ نفسي) هو إنّني قد تجاوزت عليها بالجور ، وتحميلها فوق طاقتها ، وحرمانها مما أحلّه الله ، والتضييق عليها بما وسّع الله ، وهذا هو الخروج على حدّ الإعتدال والتوازن.
    ولا يخفى ، أنّ إثقال النفس بالعبادة في مرحلة الفتوة والشباب قد يؤدي ـ في مرحلة لاحقة ـ إلى النفور من العبادة والضيق بها وربّما الانصراف عنها .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()