بتـــــاريخ : 10/12/2010 1:31:44 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2039 0


    الصناعة في بغداد بين الماضي والحاضر

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : عبد الكناني | المصدر : www.alsabaah.com

    كلمات مفتاحية  :



     

    عبد الكناني *
    شهدت بغداد حركة صناعية كانت بواكيرها ونواتها الاولى في العصر العباسي وتقدمت تلك الصناعات ، صناعة النسيج بانواعه واشتهرت بعض محلات بغداد ببعض الصناعات النسيجية حيث اشتهرت محلة العتابية بصناعة الثياب العتابية المصنوعة من الحرير والقطن المختلف الالوان ..



     

    كذلك اشتهرت محلة التستريين بالثياب التسترية التي تصنع فيها ومن الصناعات النسيجية والاقمشة التي اختصت بها بغداد نوع من القماش سمي (السقلاطون) وهو قماش يغزل بخيوط الذهب .
    ومن الصناعات الاخرى التي اشتهرت بها بغداد كما تشير الى ذلك المراجع التاريخية وكتب الرحالة ومن بينهم (ابن جبير وياقوت الحموي) صناعة الاواني النحاسية وكان يسمى اصحاب هذه المهنة الجالية اي تبييض الاواني والقدور او عملية الجلي .
    وصناعة الصابون وصناعة الاجر (الطابوق) كما ازدهرت مهنة الصياغة وكانت من الصناعات الدقيقة والمهمة التي تغذي حاجة النساء من الحلي المتنوعة .
    وصناعة الورق او ماعرفت (الكاغد) وقد رفدت هذه الصناعة ورفدت حاجة السوق ومن اشهر المحلات التي يصنع فيها الكاغد محلة دار القز بالجانب الغربي من بغداد .
    ان الصناعة في بغداد اكتسبت سمعة حسنة واصحبت مطلب التجار لجودتها ونوعيتها الجيدة وصناعتها المتقنة ولذلك اخذ بعض التجار يقوم بصناعة بعض الثياب في بلدان اخرى ويكتب عليها اسم بغداد لترويجها في الاسواق والبلدان الاخرى وعلى الرغم من كونها تدخل في باب الغش والخداع غير انها تؤكد مكانة الصناعة البغدادية وجودتها في العالم وانها مطلوبة ومرغوبة من الناس في كل مكان وتنفذ في اسواق الشرق والغرب ذلك الزمن لقد دلت التنقيبات الاثرية على العديد من الصناعات التي اشتهرت في بغداد حيث اكتشفت مواقع اثرية اشبه بالمعامل والورش تختص ببعض الصناعات ومنها الاحذية اذ بين ذلك توزيع المحال على امتداد الاسواق العاملة في مدينة بغداد وغيرها من المدن العراقية وقد شاهدنا بعض تلك الاثار التي اكدت تلك الصناعات ومن المواقع الاثرية التي اكتشفت نهاية القرن الماضي مدينة بلط الواقعة على نهر دجلة في محافظة نينوى واتيح لي مشاهدتها مع بعثة اثرية عراقية واجنبية اذ بينت بقايا تلك المدينة المهمة ومنها السوق وامكنة بعض الحرف والورش التي كانت تختص ببعض الصناعات الاساسية للمجتمع العراقي عموماً .
    لقد شكلت تلك الصناعات نواة لصناعات لاحقة تطورت بمرور الزمن واكتسبت شهرة وسمعة بين البلدان في تلك الحقب .
    ولعل القرن العشرين شهد تطوراً ملحوظاً في بعض الصناعات واصحبت بعضها تضاهي الصناعة الاجنبية بل راحت تنافسها وتتفوق عليها ولو وجد نظام غير نظام حزب البعث البائد يحترم الكفاءات ويرعى القدرات والمهارات والمواهب بصدق وايمان وليس للدعاية والاستفادة الاعلامية لاصبحت بعض الصناعات علامة فارقة او ماركة مسجلة ان الصناعة انتكست من جديد في العراق لقلة المهارات وانعدام الخبرات بعد ان حول النظام السابق الناس الى مستهلكين وجياع لا سيما في فترة الحصار الجائر الذي قضى على الابتكار وحجم العقول المبدعة وهربت الكفاءات الى خارج البلاد بحثاً عن لقمة العيش واليوم بفعل القرارات النفعية والقصدية تحولت البلاد الى مجاميع تتغذى على عطاءات الدولة ووارداتها ودفعت البرايا للتعلق بالوظيفة واختيارها سبيلاً للعيش والاستمرارية حتى من قبل اصحاب المهن والحرف والتخصصات الفنية الاخرى حيث اخذ الجميع يتطلع الى مكاسب الوظيفة في العراق لانها خارج القوانين المتعارف عليها التي تتفق وتنسجم مع المعايير الدولية حيث ان الدولة وبمسوغ فائدة الناس انهت القطاع الخاص وقطعت الطريق على اية محاولة تميز وابداع وابتكار ذلك لان الوظيفة في العراق باتت حلم الجميع لتوافر العوامل التي يستفيد منها المواطن حيث هو راتب جيد ومكاسب اخرى غير منظورة وعطل مستمرة ودوام كيفي ومزاجي واجازات مفتوحة فلماذا يتعب نفسه في مهن اصبحت لا جدوى منها وهنا المصيبة الاكبر حيث اضمحلال بلا تلاشي المعارف وعطب العقول وتوقفها عن الابداع ان اية مقارنة تبدو ليست ذات جدوى بين الماضي والحاضر غير انه من المفيد ان نذكر ان الماضي ميراث الحاضر الخصب المتجدد والدافع له على الاختراع والتطور ومن ذلك الماضي الصناعة في بغداد الحبيبة .
    *باحث في التراث العراقي

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()