بشارتان عظيمتان فقط للموحدين
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين أما بعد :
فإن كلمة التوحيد لا إله إلا الله بشرطها و ركنها ، لها فضل عظيم ، و منزلة عظيمة ، و ميزة خاصة ، فمن الأمور المشتهرة بين المسلمين و المتفق عليها أنّ الموحد لابد أن يدخل الجنة ، إما دخولا أوليا ، و إما دخولا مآليا ، فهو إما أن يدخل الجنة في الحال ، و إما أنه يدخلها لكن في المآل بسبب ذنوب ارتكبها ، لكنه لا يخلد في النار ، و هذا هو معنى قول أهل السنة نرجو للمحسن الجنة ، و نخاف على المسيء النار ، فهم لا يجزمون لأحد بعينه بالجنة ، و لا لأحد بعينه بالنار إلا من جزم لهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، لكنّ الموحد قطعا سيدخل الجنة و لو بعد حين .
و لكن هنا فضلان عظيمان للتوحيد لا يعرفهما كثير من الناس !! و هما بشارتان عظيمتان لا يُبشر بهما إلا الموحدون :
البشارة الأولى :
أنّ كل موحد سيجيب على أسئلة القبر الثلاثة :
مَنْ ربك ؟ ما دينك؟ من نبيك؟ و يُبشر بالجنة ، سواء كان عنده الإيمان المطلق ، أو كان عنده مطلق الإيمان! نعم، سواء كان عنده الإيمان التام ، أو كان عنده الإيمان الناقص الذي كدّره بالمعاصي و الذنوب و الكبائر.
و البشارة الثانية:
أنّ كل موحد سيأخذ كتابه يوم القيامة على العرصات بيمينه سواء كان عنده الإيمان المطلق ، أو كان عنده مطلق الإيمان! ، ففاعل الكبائر من الموحدين مِمّن مات دون توبة سيأخذ كتابه بيمينه ! و إن كان قد يعذب بذنوبه هذه فيما بعد!
السؤال:
فضيلة الشيخ! علمت من الحديث الطويل للبراء بن عازب رضي الله عنه عن حال المؤمن والكافر عند الاحتضار والقبر, من بشارة بالنار وخذلان عند السؤال للكافر, وبشارة بالجنة وتثبيت للمؤمن, فهل هذه البشارة أيضاً للمؤمنين الذين يُخدَشون على الصراط، أو يعذبون على بعض معاصيهم في الدنيا قبل دخولهم الجنة، هل هؤلاء يبشرون في القبر بالجنة أم يبشرون بالنار؟
الجواب:
(( الظاهر أن البشرى تحصل للمؤمن وإن كان عليه معاصٍ, وبعد ذلك قد يعفو الله عنها في الآخرة, وقد يُعذَّب بها بمشيئة الله سبحانه تعالى, كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
السائل: هو يبشر بالجنة وإن كان عليه معاصٍ.
الشيخ: يبشر بالجنة وإن كان عليه معاصٍ)).
الشيخ العلامة ابن عثيمين. لقاء الباب المفتوح (106).
السؤال:
يقول السائل إنه وجد ابن حزم يقول: إن المؤمنين يأخذون كتابهم بأيمانهم والكفار يأخذون كتابهم بشمالهم، والمؤمنين من أهل الكبائر يأخذون كتابهم من وراء ظهورهم فبينوا لنا؟
الجواب:
(( مذهب أهل السنة والجماعة أنه من مات على الإيمان يتناول كتابه بيمينه ولو كان مرتكباً للكبائر، وأن من مات على الكفر والعياذ بالله يتناول كتابه بشماله من وراء ظهره، وهو بذلك يمثل هيئة الفاتر المتألم الكاره لما يتناوله، ولكن لا بد من تناوله، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص فإنها لم يذكر فيها بالنسبة لتناول الكتاب إلا مؤمن ولو مطلق الإيمان، وكافر وإن اختلف نوع كفره أو تفاوتت درجته، وقوله تعالى: {وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبوراً} الآيات. هي في الكافر كفراً يخرج عن ملة الإسلام لخبر الله عنه بأنه لا يؤمن بالآخرة في قوله سبحانه آخر هذه الآيات: {إنه ظن أن لن يحور} أي: يرجع إلى ربه للحساب والجزاء.
ولا منافاة بين خبر الله تعالى عن الكافر مرة بأنه يؤتى كتابه من وراء ظهره وأخرى بأنه يؤتى كتابه بشماله لإمكان الجمع بينهما بأخذه كتاب عمله بشماله من وراء ظهره كما تقدم، فإحدى الآيتين في بيان العضو الذي يتناول صحيفة العمل والأخرى في صفة التناول وهيئته.
وما ذكرته عن ابن حزم من تناول مرتكبي الكبائر من المؤمنين كتاب أعمالهم من وراء ظهورهم فنقلك عنه صحيح، لكن قوله رحمه الله في ذلك غير صحيح; لما تقدم، فالصحيح ما تقدم، وهو مذهب أهل السنة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم))اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــ ــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة - المجلد الرابع عشر (العقيدة).فتوى رقم (1759).
و الحمد لله رب العالمين.
منقول
من كل السلفيين