بتـــــاريخ : 7/14/2010 11:23:02 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1189 0


    مقارنة بين المنهج الإسلامي والمنهج المادي ـ ثالثاً : النظرة الواقعية/2)

    الناقل : SunSet | العمر :36 | المصدر : www.holykarbala.net

    كلمات مفتاحية  :


     

    (ركن الاسرة-مقارنة بين المنهج الإسلامي والمنهج المادي

    ـ ثالثاً : النظرة الواقعية/2)


    2 - إباحة الطلاق
    إنّ الإسلام شرع الزواج وأحاطه بكلِّ الضمانات ليستقر فيؤتي ثماره الطيبة بتشكيل الاُسرة وإنجاب الذرية ، ولما كان المنهج الإسلامي يتصف بالواقعية فقد أخذ بنظر الاعتبار كل ما يعكّر صفو الحياة الزوجية من حصول الشقاق من جراء تنافر القلوب أو انكشاف ما خفي من العيوب بعد الاقتران أو إصابة أحد الزوجين بمرض لا يستطيع معه المعاشرة مما يجعل الحياة الزوجية جحيماً لا يُطاق ، وعليه فقد أباح الطلاق وجعله بمثابة الكي الذي هو آخر الدواء ، علما بانه أحاطه بهالة من الكراهية والمبغوضية للتنفير منه واعتباره أبغض الحلال إلى الله.
    وعليه فان الإسلام لا يعرف الأبدية في عقد الزواج كما هو الحال في المسيحية ، وعلى الخصوص الكنيسة الكاثوليكية الرومانية التي ترى أن الزواج غير قابل للانحلال إلاّ بالموت من خلال الزعم بأن ما يربطه الله لايمكن أن يحلّه الإنسان.
    أما المذهبان المسيحيان الآخران : الارثوذكسي والبروتستاني فيبيحان الطلاق في حالات محدودة من أهمها الخيانة الزوجية ، ولكنهما يحرمان على الرجل والمرأة كليهما أن يتزوجا بعد الطلاق (1).
    وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد قررت حق الطلاق للزوجين من أربعة عشر قرناً ، فإنّ العالم المتحضر لم يعرف هذا الحق ولم يعترف به إلاّ في القرن العشرين ، بل كان بعضهم يأخذ على الشريعة أنها جاءت مقررة لحق الطلاق ، ثم دار الزمن دورته وجاء عصر العلوم والرقي ، وتقدمت نظم الاُمم وتفتحت العقول ، فرأى العلماء الاجتماعيون والمفكرون في الغرب أن تقرير حق الطلاق نعمة على المتزوجين ، وأنه الطريق الوحيد للخلاص من الزواج الفاشل ومن سوء العشرة وما ينتج عنها من الآلام النفسية ، وإن الطلاق هو الذي يحقق سعادة الزوجين إذا فشل الزواج في تحققها ، ولا يكاد اليوم يخلو قانون وضعي من قوانين الاُمم المتحضرة من النص على الطلاق والاعتراف به (2).
    وهكذا بدأ العالم بعد ثلاثة عشر قرناً يعترف ـ ضمناً ـ بواقعية المنهج الإسلامي في الطلاق ويأخذ به ، ومع اعتراف النظم الوضعية ـ مؤخراً ـ بحق الطلاق فإنّ الذي يؤاخذ عليها جانب الإفراط والتفريط فيه ، فطائفة منها تجرّد عقد الزواج مما له من حرمة ، فتقبيح الطلاق لأتفه الأسباب ، كما هو الشأن في بعض ولايات أمريكا الشمالية والدول الاسكندنافية كالسويد ، وطائفة اُخرى تشدد كل التشديد على ديمومة عقد الزواج متأثرة بروح الكنيسة ، فلا تكاد تبيح التحلل منه إلاّ في حالات محدودة ، كفضيحة تلحق الاُسرة في حاضرها ومستقبلها ، وتتّبع من أجل إنهائه إجراءات معقدة لا تؤدي إلى الطلاق إلاّ بعد أمدٍ طويل كما هو الحال في فرنسا ومعظم الدول الكاثوليكية ، فهذه بغت حدّ التفريط ، وتلك بلغت حدّ الإفراط الأمر الذي يبعدهما عن الواقعية.
    علـى أن الأكثـر إثـارة فـي هذا الصـدد أن العلمانيـة « لا تجـوّز للرجـل أن يطلّق زوجتـه إلاّ فـي حالة الزنـا ، يجوز للزوجين الزواج بعده مرة اُخرى » (3).
    ومثل هذا الحل لا يتصف بالواقعية ؛ لأنه سد باب الزواج أمام الزوجين الأمر الذي يدفعهما إلى إشباع غريزتهما الجنسية بطرق غير شرعية.
    وبعض التشريعات أخذت تضيّق الخناق على الزوج وتفرض عليه تبعات مالية من أجل ثني إرادته عن الطلاق ، فعلى سبيل المثال لاالحصر : « يجيز القانون البريطاني الجديد للزوج تطليق زوجته بشرط أن يعطيها نصف ما يملك من ثروة أو مورد رزق » (4).
    تجدر الإشارة هنا إلى أن بعض المفكرين الماديين يوجّهون سهام نقدهم اللاذع إلى المنهج الإسلامي ؛ لأنه جعل الطلاق بيد الرجل وحده وحرم المرأة منه ، وقد فات هؤلاء انّ المنهج الإسلامي قد راعى في تشريعه الواقعي طبيعة المرأة النفسية حيث تغلب عليها ـ في الغالب ـ العاطفة وتكون سريعة الانفعال في أوقات معينة ، فلا يصح ـ والحال هذه ـ أن يوضع بيدها قرار الطلاق الخطير الذي يهدد بانهيار الاُسرة لنزوة عابرة أو انفعال طارىءَ.
    أما الرجل فإنّه أقدر من المرأة نوعاً ما على ضبط عواطفه والتحكم في انفعالاته ، فهو غالباً ما يحتكم للعقل لا سيّما وإن قرار الطلاق قد ينجم عنه خسارة مالية تطاله وحده.
    على أن الإسلام ( قد أباح الطلاق عن تراضٍ للطرفين في صورة الخلع ، بل أباح أنواعاً من الطلاق تستأثر بها المرأة إذا تنازل لها الزوج عن هذا الحق وأباحلهاأن تشترط في عقد الزواج شروطاً خاصة ، ينفسخ العقد عند عدم الوفاء بها ) (5).
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) اُنظر : المرأة في الإسلام : 100.
    (2) اُنظر : التشريع الجنائي الإسلامي | عبدالقادر عودة : 65.
    (3) الموسوعة الميسرة : 505.
    (4) كيف تسعد الحياة الزوجية : 217 نقلاً عن مجلة الاسبوع العربي ، العدد 621 آيار 1971 م.
    (5) المرأة في الإسلام | د. علي عبدالواحد وافي : 118 .


    المصدر : كتاب / الأسرة في المجتمع الإسلامي / مركز الرسالة


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()