يتحدث الناس عن صور منشورة لابنة البرادعى بملابس البحر، ويرى البعض أن خصوم الرجل هم الذين سعوا إلى نشرها لينالوا من صورته أمام مؤيديه، ولاتزال القضية تكبر يوماً بعد يوم، ولاتزال مثيرة للجدل!
ومن قبل، كانوا قد قالوا عن البرادعى إنه أقام سنوات طويلة خارج البلد، وأن وجوده هناك طويلاً، قد جعله غريباً عن المجتمع الذى يريد أن يترشح فيه رئيساً، وكانوا قد قالوا إنه كثير السفر، وإنه لا يكاد يأتى إلينا حتى يعود، وإنه، لهذا السبب، مثل السائح الذى لا يعرف شيئاً حقيقياً عنا!
ولو أنك تأملت الموضوع فى إجماله، من هذه الناحية، فسوف تكتشف أننا نتكلم عن الشكل فيه، وليس عن المضمون.. بالضبط كما يقال عن جمال مبارك - مثلاً - إنه فقط ابن الرئيس، وإنه فقط لو رشح نفسه فسوف يكون هذا توريثاً، وإنه فقط يتحكم فى الحزب الوطنى من خلال أمانة السياسات التى يرأسها داخل الحزب.. وإنه.. وإنه.. إلى آخر ما يقال فى هذا الاتجاه!
فالانشغال بصور ابنة البرادعى لا يختلف كثيراً عن الانشغال بالتوريث - تحديداً - فى كل مرة تأتى فيها سيرة جمال مبارك، فى حين أننا جميعاً نعرف أن الجمعية الوطنية للتغيير لها مطالب سبعة فى الإصلاح، كما أن أحزاب المعارضة الرئيسية لها مطالب أيضاً، وهى مطالب سواء كانت سبعة، أو عشرة، يجب أن تكون قاسماً مشتركاً أعظم بين الجميع، من أول جمال مبارك نفسه، مروراً بالأحزاب الأربعة: الوفد، والتجمع، والناصرى، والجبهة، وانتهاءً بالبرادعى وجمعيته!
ما يجب أن ننشغل به، فى كل اسم مطروح على الساحة، هو ما يملكه فعلاً ليقدمه للناس.. ويجب أن نسألهم جميعاً، فى كل وقت، عن الأفكار التى يدعو إليها كل واحد فيهم، وعما سوف «يفعله» لملايين المصريين، لو أن أمر الحكم قد صار إليه!
انشغال وسائل الإعلام بصور ابنة البرادعى أضعاف أضعاف انشغالها ببرنامجه فى العمل، ولا أحد يسأله عن أولوياته فى هذا العمل العام، لو كتب الله له أن يكون فى موقع المسؤولية، وكذلك الحال بالنسبة لغيره، وليس معه وحده. فما يهمنا فيه، وفى غيره، هو العام فقط، أما الخاص فهو شأنه، وليس من شأننا أبداً!
صور ابنة البرادعى تخصه، وتخص زوجته، وتخص أمه، ولا تخصنا مطلقاً فى شىء، لأن الرجل، أى رجل، يمكن أن يكون رحيماً بأبنائه، رفيقاً بزوجته، باراً بأمه على نحو مثالى، ثم يكون آخر من يصلح لأن يكون فى صدارة العمل العام!
اسألوا كل واحد يريد أن يرشح نفسه فى أى موقع عن برنامجه، وعما يدعو إليه من أفكار، وعما لديه من حلول لمشاكلنا المتراكمة، ولا تسألوه، أياً كان هو، عن أسرته، أو صور لابنته. فكل ما كان يهمنا فى الرئيس مبارك، حين رشح نفسه عام 2005، هو برنامجه المعلن وقتها، وكان من قبل، كلما سألوه عن برنامج من هذا النوع، قال إن برنامجه يتمثل فى كل ما كان قد قدمه لنا من قبل.. وهذا بالطبع غير صحيح، لأنه يتعين دوماً أن نسأل عما هو مقبل، وليس عما مضى.. عن أجندة الأولويات التى فى يد كل واحد، وليس عن بيته!