القاهرة: أجازت دراسة جديدة قام بها الباحث الإسلامي ،عصام تليمة، حكم غير المسلم للدولة ذات الأغلبية المسلمة، مؤكدا عدم وجود حكم شرعي يضيق على المسيحيين في إقامة كنائسهم أو تجديدها، وجواز أن ترث الزوجة غير المسلمة الزوج المسلم، والسماح للمسيحي بالدعوة لدينه، بعرض حقائق دينه، لا عن طريق الإغراء المادي.
وهاجم تليمة من أسماهم بـ "المدعين"، وأكد أن الإسلام أقر بحرية المواطنين، بحيث يتم ترك القرار للشعب، ليختار من يمثله عن طريق صناديق الاقتراع، وليختر من يلبي له مصلحته العامة، ويحفظ عليه كيانه وحضارته وتقدمه، وليرض الجميع بما تأت به صناديق الاقتراع الحر، الذي لا يشوبه شائبة تزوير ولا تلاعب، مضيفا: ليكن من تأت به صناديق الاقتراع من يكون، رجلا كان أو امرأة، مسيحيا أو مسلما، أو علمانيا أو ليبراليا.
ونقلت صحيفة "الشروق" المستقلة عن تليمة، انتقاده للباحثين والسياسيين الذي يريدون إلغاء المادة الثانية من الدستور والتي تقر بأن الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع، ووصفهم بأنهم يجهلون الشريعة الإسلامية، عندما يرددون تساؤلاتهم حول ذنب غير المسلم أن يُحكم بشريعة غير شريعته.
وأوضح أن هناك تفرقة بين ارتكاب المسلم للحدود، وبين ارتكاب غير المسلمين للحدود فيما بينهم، أو في داخل نفسه، ودلل على هذا بمثال: أن المسلم إذا شرب الخمر فحده في الإسلام الجلد، ولو شربها غير المسلم وكانت شريعته تقضي بأن الخمر حلال، فليس للحاكم المسلم أن يقيم الحد عليه، وهذا باتفاق الفقهاء.
وعاب على الأقلية عدم استيعابها لمبادئ الديمقراطية التي تؤكد أنه على الأغلبية أيا كانت ديانتها أن تراعي حقوق الأقلية، وعلى الأقلية أن تحترم الأغلبية وتنزل على رغبتها، مشيرا إلى أن هذه هي أبجديات الديمقراطية، فليس من المقبول أن يجبر الأغلبية ويلغي تشريعها، لصالح الأقلية، وتساءل: ما ذنبي كأغلبية مسلمة أن تنحى عن الحكم شريعة يطالبني ربي بالتعبد له بها، رغم أني لا أجبر غير المسلم على الامتثال لها؟.
المواطنة والجزية
في بند المواطنة، أوضح الباحث أن كل مسلم وغير مسلم يعيش في بلاد الإسلام ومتمتع بالجنسية هو مواطن له حقوق المواطنة، وكل مسلم وغير مسلم ممن ليس من أهل البلاد الإسلامية يأخذ حكم المواطنة أو ما نسميه بمصطلحنا المعاصر: الجنسية أو التجنس، بمجرد مرور عام كامل عليه في بلاد الإسلام، ففي الفترة الأولى من ستة أشهر إلى سنة يعد مستأمنا، فإذا اكتمل عليه عام، أخذت منه ضريبة البقاء، ويعد ذلك تجنسا بجنسية هذه الدولة.
وحول الجزية وأزماتها، أكد الباحث أنها اختراع غير إسلامي، حيث جاء الإسلام فوجد الجزية نظاما موجودا بين الناس، شأنه في ذلك شأن الرِّق، فهو من مخلفات العصور التي سبقته، مشيرا إلى أنها مرتبطة بالأساس بالمعركة الحربية، ولهذا لم يعامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود المدينة بنظام الجزية، كما تضمنت وثيقة المدينة بين النبي واليهود في بداية أيام الهجرة إلي المدينة، وبالتالي فالنصارى المواطنين من أهل البلاد يخضعون للقوانين التي يخضع لها المسلمون، ولا جزية عليهم.
وقال إن محاولات البعض تصوير الجزية بأنها ضد حقوق الأقليات داخل الدولة الإسلامية مستشهدين بقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) التوبة: 39، باعتبار أن ذلك تحريضا على إذلال لغير المسلمين وإهانة لهم، يعتبر كلام خاطئ ويحمل معاني التدليس، وأن المعنى اللغوي الذي تحمله الآيات الكريمة وفسرته طرق الخلفاء وحكام المسلمين في التعامل مع الجزية، بأنها شكلا من أشكال الطاعة للإدارة المركزية ولقوانين الدولة كأي نظام مدني للمواطنين فيه حقوق كما عليهم واجبات، فضلا عن أن المعنى اللغوي لكلمة صاغرون لغويا تعني الخضوع وليس الإذلال.