بتـــــاريخ : 5/7/2010 9:25:58 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 958 0


    في الميزان أترانا شيعة ؟‏!‏

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : أشرف عـبد المنعم | المصدر : www.ahram.org.eg

    كلمات مفتاحية  :
    اترانا شيعة مقال اراء

    من أطرف المواقف الكوميدية ذات الأثر المتعدي لحدود السياق الدرامي الذي جاءت فيه‏-‏ من وجهة نظري‏-‏ هو ذلك الموقف الذي تعرض له الكوميديان الكبير عادل إمام في فيلمه‏'‏ كراكون في الشارع‏';‏ وذلك حين اضطر إلي مجالسة ذلك المغتصب لحوش قبر أبيه‏-‏ وكان المغتصب هو العبقري الراحل علي الشريف‏_‏ حيث خرج عادل امام ليلا إلي باحة الحوش يجالس عدوه ونخبة من أصدقائه من سفلة القوم‏,‏والذين دأبوا علي اللقاء في هذا المكان و في هذا التوقيت يدخنون الجوزة‏,‏فلما كان انضمامه إليهم يفرض عليهم واجب الضيافة‏,‏ولما لم يكن ل
    ولا أحدثك طبعا عن عبقرية تعبيرات قسمات وجه عادل إمام وانفعالاته الكوميدية حين علم بأنه سقط في هذا الفخ بسذاجة‏!!‏
    إنها نفس مشكلة المجتمعات الساذجة حين تغرق عن جهل في ممارسة شيء من المفترض أنها ترفضه جملة وتفصيلا‏,‏وهي التي لا تدرك أنها تمارسه علي نحو منظم ــ وهذا هو صميم الموضوع الذي أود أن أحدثك فيه اليوم‏,‏ و استسمحك في مقدمة بشأنه أراها ضرورية للغاية‏:‏
    فمن بين أهم وأخطر عقائد الشيعة عموما هو مبدأ التقية‏(‏ بضم التاء وتسكين القاف‏),‏وهو المبدأ الذي يأخذه عليهم أهل السنة بمذاهبهم‏,‏ ويختلفون معهم حوله‏,‏ شأنه شأن عقائد أخري يؤمن بها الشيعة كمثل‏:‏ عصمة الإمام‏,‏ والإمام المنتظر‏,‏والبداء‏(‏ بفتح الباء والدال‏),‏و زواج المتعة‏,‏والسجود علي قطعة من الحجر‏,‏ وما إلي ذلك‏.‏
    والتقية مشتقة لغويا من فعل‏'‏ اتقي‏,‏ يتقي‏',‏ والمراد منها عند الشيعة هو الوقاية من الضرر‏;‏إلي حد إظهار الكفر و إبطان الإيمان أو التظاهر بالباطل وإخفاء الحق خشية الوقوع في براثن التنكيل‏,‏وحفظا للنفس والمال والعرض‏,‏ إذا ما استشعر الشيعي بطشا من أي نوع في ظروف قاهرة لا يستطيع فيها الإعلان عن موقفه الحق صراحة‏;‏ ولا ينحصر ذلك فيما يخص الشخص فقط في رأيهم‏,‏ وإنما قد يمتد إلي حدود إغاثة الملهوف المضطهد أو المستضعف الذي لا حول له ولا قوة‏,‏ كما لا يقتصر هذا المبدأ علي الأمور الدينية فقط بل يمتد إلي ما هو دنيوي كمجاراة الحاكم أو بطانته أو النظام السائد‏,‏ بعكس ما يضمرونه‏.‏
    ولقد واجه هذا المبدأ من قبل أهل السنة إنكارا واسعا‏;‏ لما يخفيه من منهج باطني يجعل من المؤمن به طلسما يصعب فهم محتواه أو نواياه الحقيقة‏,‏ ومن ثم تصنيفه بأي حال من الأحوال أو التعامل معه علي أرضية صدق النوايا‏,‏ فيما ينكره الشيعة علي أنفسهم إنكارا شديدا فإذا بهم يسوقون الأدلة والبراهين علي أن مبدأهم هذا مستند علي قرائن من القرآن والسنة النبوية المطهرة رأسا بما قد يبرر عقيدتهم تلك في أعين المنكرين‏,‏ما يستوجب من جانبي أن استأذنك في المرور عليه بالذكر سريعا‏,‏حتي لا اترك نقطة معلقة في مقالي من ناحية‏,‏ وحتي أدلل لك‏,‏ من ناحية أخري‏,‏ علي أن عقل البشر لا يعجز أبدا عن الجدل القادر علي ارتداء عباءة المنطق إلي حد تبرير الخطأ أحيانا‏;‏ حيث يسوق الشيعة ثلاث آيات قرآنية بعينها رأوا فيها دليلا دامغا علي صدق معتقدهم‏:‏ الأولي‏,‏هي الآية رقم‏106‏ من سورة النحل‏:'‏ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من‏(‏ أكره‏)‏ وقلبه مطمئن بالإيمان‏..';‏ والثانية‏,‏ هي الآية رقم‏28‏ من سورة آل عمران‏:'‏ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن‏(‏ تتقوا‏)‏ منهم تقاة‏..';‏ والثالثة‏,‏هي الآية رقم‏28‏ من سورة غافر‏:'‏ وقال رجل مؤمن من آل فرعون‏(‏ يكتم‏)‏إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات‏..'.‏ أما دليلهم من السنة‏,‏ فهو ما جاء علي لسان رسول الله‏(‏ ص‏)‏ فيما فعله عمار بن ياسر حين أمسك الكفار به وبأهله فقتلوا أبويه من بعد أن رفضا العودة إلي الكفر‏,‏فلما تظاهر عمار بما أرادوا منه‏,‏ أطلقوا سراحه‏,‏ فلما عاد إلي رسول الله‏(‏ ص‏)‏وأخبره وهو يبكي‏,‏ جعل رسول الله‏(‏ ص‏)‏ يمسح عينيه ويقول‏:'‏إن عادوا لك فعد لهم بما قلت‏'‏ كناية عن تصريحه له باتقاء شرهم بإظهار الكفر وإبطان الإيمان‏!!‏
    ولعل مبدأ‏'‏ التقية‏'‏ هذا هو السبب الرئيسي وراء إطلاق اسم‏'‏ الباطنية‏'‏ علي الشيعة ممن يعتقدون بهذا المبدأ‏-‏ وفي مقدمتهم الشيعة الإمامية‏-‏ حين ذكرهم عند أهل السنة استهجانا لهذا المبدأ المريب‏,‏ والذي وصل بهم حد المغالاة بشأنه إلي مشارف إنكار تشيع من لا يؤمن بالتقية‏,‏ بل واستباحة العمل بهذا المبدأ ليس فقط بين المسلم والكافر‏,‏ بل بين المسلم والمسلم‏!!‏ الأمر الذي من شأنه أن يجعل من بين صفوف المسلمين في المجتمع الواحد‏_‏ من وجهة نظر أهل السنة‏_‏ طابورا خامسا يدعي عكس ما يبطنه في كل ما يتصور أنه قد يكون سببا في البطش به‏,‏ فإذا بك عاجز عن تحديد مبدأ بعينه للشيعي أبدا‏.‏
    وبعيدا عن هذا الخلاف المذهبي‏,‏ وبالعودة إلي المثال الذي سقناه من فيلم‏'‏ كراكون في الشارع‏'‏ أجدني أتساءل‏:‏ ألا تلاحظ معي أن عموم سلوك المصريين قد أصبح مبنيا علي‏'‏ التقية‏'‏ ؟‏!‏ ألا تلاحظ معي أنه قد بات من دروب المستحيل أن يفصح لك المواطن المصري عن حقيقة رأيه أو صميم مشاعره تجاه شيء ما أو شخص ما؟‏!‏
    ألا تلاحظ معي أن أجيالا وأجيالا من المصريين قد تربت وترعرعت علي فلسفة باطنية دعائمها‏'‏ المسكنة‏'‏ والابتعاد كل البعد عن المكاشفة فيما أغرقنا فيه إلي حد الثناء والإطراء عليه تحت شعار حكمة ودهاء الفلاح المصري وقدراته غير المسبوقة علي مواجهة المحن بالمكر والمواربة‏,‏ وهو السلوك الذي راح يجري في عروق المصريين مجري الدم باعتباره ميزة تميزهم عن غيرهم من بين سائر أهل الأرض‏,‏ وما هو بميزة في شيء‏!!‏
    وقد‏(‏ يبرر‏)‏ المفسرون ذلك بدلائل وحجج ما أكثرها يرون أقواها قاطبة ما عاناه المصري من قهر علي يد مستعمر تلو الآخر لسنوات وسنوات‏(‏ وهو بالمناسبة نفس المبرر الذي يسوقه الشيعة لتبرير مبدئهم استنادا إلي ما لاقوه من قهر بطول التاريخ الإسلامي‏),‏ ثم ما عاناه المصري تحت نير حكم شمولي‏,‏ لا أقصد به هنا حكما سياسيا بعينه فحسب‏,‏ وإنما امتد به إلي آفاق أي منظومة إدارية‏_‏ صغرت أم كبرت‏_‏ يمر المصري بتجربة العمل في رحاها‏,‏ سواء تمثلت هذه المنظومة في شخص مقاول أنفار بسيط يسوق أنفاره كالبعير متسلطا عليهم‏,‏ أو مسئول يسوق من هم تحته بأدوات التلويح بالسلطة المطلقة في إنزال صنوف العقاب من نقل وتشريد وخصم‏;‏ الأمر الذي زج في مجمله بالمصريين في خانة التعايش السلبي المبني علي الباطنية في أدق تفاصيل الحياة اليومية‏,‏ يتجرعون أنفاسا يمارسون من خلالها ما لا يبشرون به كمثل ما فعل عادل إمام في المشهد الذي قصصته عليك‏..‏ وقس علي ذلك أشياء كثيرة جدا‏!!‏
    ثم ليبقي سؤالي حائرا‏:‏ ما كل هذه الباطنية وكل هذه التقية‏,‏ أترانا شيعة ونحن لا نعرف؟‏!‏

    كلمات مفتاحية  :
    اترانا شيعة مقال اراء

    تعليقات الزوار ()