كنت أول أمس كعهدي بك دائما-منذ أن جمعتنا' مريلة تيل نادية البيج' في صفوف المدرسة الابتدائية في نهايات الخمسينيات_ هادئا.. وديعا.. مطيعا ولا تشكو!!
بالتأكيد لم تكن وقتها تدرك أن تلك اللحظات هي الأخيرة التي نراك فيها ولذا فقد استجبت في براءة لما كنا نطلبه منك' شقيقك الأكبر وعامل المستشفي وكاتب السطور' حتي نستطيع أن نتم وضوءك استعدادا لتلقي وجه رب كريم.. لم تتبرم.. ترفض.. تثور.. بل كنت كعهدنا بك بريئا تستجيب دون أن تنفعل!!
يبدو أن قاموس الحياة- التي بدأناها سويا في المدرسة الابتدائية وبعدها الإعدادية ثم الثانوية وأكملناها في قسم الصحافة بآداب القاهرة قبل أن يجمعنا القدر بعلاقة زمالة في الأهرام حلمنا- بدأت الكلمات تهجره ولم يتبق فيه سوي ذلك التعبير القاسي:' كان' الذي يلخص' دراما الحياة'..!!
تعبير يدمي القلوب التي توجعها دوما آلام الفراق.. يثير في النفس شجونا.. يفجر حزنا.. يحفر خطوطا عميقة للألم.. تعبير اعتاد أن يفرق.. يفصل.. ينهي حياة كانت قبل لحظات تنبض!!
أول أمس وتحديدا في السادسة وعشر دقائق قبيل المغرب.. وعندما أغلق حارس المقابر أبواب' مقرك الدائم' أدركت أن حلم الطفولة قد انهار وانتهي.. فكما كان طوال عمره مطيعا' خضع حسين فتح الله للنداء.. ورحل في هدوء وصمت!!