السادسة وعشر دقائق‏!!‏

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : عبد العظيم درويش | المصدر : www.ahram.org.eg

كنت أول أمس كعهدي بك دائما‏-‏منذ أن جمعتنا‏'‏ مريلة تيل نادية البيج‏'‏ في صفوف المدرسة الابتدائية في نهايات الخمسينيات‏_‏ هادئا‏..‏ وديعا‏..‏ مطيعا ولا تشكو‏!!‏

بالتأكيد لم تكن وقتها تدرك أن تلك اللحظات هي الأخيرة التي نراك فيها ولذا فقد استجبت في براءة لما كنا نطلبه منك‏'‏ شقيقك الأكبر وعامل المستشفي وكاتب السطور‏'‏ حتي نستطيع أن نتم وضوءك استعدادا لتلقي وجه رب كريم‏..‏ لم تتبرم‏..‏ ترفض‏..‏ تثور‏..‏ بل كنت كعهدنا بك بريئا تستجيب دون أن تنفعل‏!!‏
يبدو أن قاموس الحياة‏-‏ التي بدأناها سويا في المدرسة الابتدائية وبعدها الإعدادية ثم الثانوية وأكملناها في قسم الصحافة بآداب القاهرة قبل أن يجمعنا القدر بعلاقة زمالة في الأهرام حلمنا‏-‏ بدأت الكلمات تهجره ولم يتبق فيه سوي ذلك التعبير القاسي‏:'‏ كان‏'‏ الذي يلخص‏'‏ دراما الحياة‏'..!!‏
تعبير يدمي القلوب التي توجعها دوما آلام الفراق‏..‏ يثير في النفس شجونا‏..‏ يفجر حزنا‏..‏ يحفر خطوطا عميقة للألم‏..‏ تعبير اعتاد أن يفرق‏..‏ يفصل‏..‏ ينهي حياة كانت قبل لحظات تنبض‏!!‏
أول أمس وتحديدا في السادسة وعشر دقائق قبيل المغرب‏..‏ وعندما أغلق حارس المقابر أبواب‏'‏ مقرك الدائم‏'‏ أدركت أن حلم الطفولة قد انهار وانتهي‏..‏ فكما كان طوال عمره مطيعا‏'‏ خضع حسين فتح الله للنداء‏..‏ ورحل في هدوء وصمت‏!!‏