م. خالد بن عبد القادر باعشن .
زوجي الحبيب الغالي .. إن الحياة اليوميَّة تُعَدُّ تربةً خصبة للنزاعات والاختلافات في الرأي .. وهذا قد يحدث بيننا في الكثير من الأحايين .. بل هو فعلاً ما يحدث بين بني البشر .. فهذا يختلف عن مقعدٍ في الطائرة .. وآخر يختلف مع زوجته على موعد الذهاب للطبيب أو زيارة قريب .. وغيرها من الأمور ..
زوجي العزيز الغالي .. أعلم قد تساورك الخواطر وتجيب بأن هذه سنة الحياة ولم آتي بجديد! .. فعلاً إنها سنة الحياة واختلاف أمتي رحمة .. ولم يكن هذا ما قصدته .. إنما القصد من ما ينتج غالباً من هذه الاختلافات .. طريقة التعامل معها ..
فلو نظرنا إلى الكثير من المواقف التي تحصل بين الأزواج .. وإن أردت ألا تذهب بعيداً .. فتأمل مواقف الاختلاف التي تحصل بيننا .. في كل مرة نتعرض لموقف اختلاف نجد أنفسنا في حالة من الشد والإصرار .. الثبات الذي لا مثيل له .. على جملة واحدة "إنني على حق" .. وربما في النهاية يكتشف الواحد منَّا أنه كان غلطان مائة بالمائة ومع ذلك لايزال بكامل قواه العقلية يصر ويكابر، و الجملة "إنني على حق" لا زالت هي الهاجس!!
زوجي نور عيني .. لتعلم أنك كلما قلَّتْ درجة إصراركَ وتشبتكَ بأنك محق .. كان من الأسهل التغاضي عن الأمور التافهة في كثير من الأحيان .. بل إن ما تتكلفه من عناء وتوتر وشد عصبي بسبب الإصرار على موقفك والدفاع عن نفسك ومحاولة إثبات أنك على حق لا يساوي بأي حال من الأحوال ما ستحصل عليه لو أنك تنازلت بطريقة أو أخرى عن ذلك الإصرار ..
يقول أحدهم: (طوال حياتي ظللت مصرَّاً بأني على حق .. وللأسف لم أجنِ إلا الابتعاد عن معظم أصدقائي .. بل حتى زوجتي .. بل وَوُسمتُ بأني الرجل الأحمق .. وفي أحد الأيام، وبعد قراءة أحد الكتب عن السعادة، قررت أن استخدم الكلمات الساحرة والمحببة إلى النفوس .. ففي أثناء إحدى المشادات الكلامية المعتادة بيني وبين زوجتي .. نظرت في عينيها وقلت (بنبرة صادقة) "أنا أتفهم ما تعنينه يا حبيبتي وأنتِ على حق"!.
وعلى الرغم من بساطة تلك الجملة، إلا إنها فتحت الباب لتحَولٍ تامٍ في حياتي الزوجية .. واكتشفت أن زوجتي ظلت طوال حياتها الزوجية في انتظار السماح لها بأن تكون على حق ولو لمرةٍ واحدة!!).
زوجي يا روعة الأيام .. إن السماح للآخرين بأن يكونوا على حق لا يسبب لنا اي ضررٍ إو إهانة .. بل إن الإصرار والثباث بأننا على حق لا يزيدنا إلا غطرسة وغرورا .. إنه يشعرنا على الدوام بأننا مهددون .. وعلى إثر ذلك نتخذ مواقفَ دفاعيةٍ لنثبت أننا على حق في كل شيء ..
زوجي يا شمعة حياتي .. طالما أننا نفكر على الدوام أننا على حق .. فالنعلم أن من حولنا كذلك، يشعرون بنفس الشعور .. يحاولون إثبات أنهم على حق مثلما نحاول .. يكونون على أهبة الاستعداد لاتخاذ مواقف دفاعية في أي لحظة .. لكن عندما نتصرف بطريقة لبقة ونُظهِرُ قدراً كبيراً من التواضع .. فإننا سنجد أن هناك شيء ما قد قلب الموقف رأساً على عقب .. سنجد أن الحواجر بيننا وبين الآخرين تأخذ في الإنهيار .. تختفي معها مشاعر الاستياء .. وتتفتح على إثرها قنوات التواصل مع الآخرين .. بل تزداد عمقاً ويتبدى لنا عالمٌ جديد تماماً!.
زوجي يا أغلى الناس .. صدق أو لا تصدِّق! .. كل هذا يبدأ عندما تسمح للآخرين بأن يكونوا على حق حيث تقل الخلافات والنزاعات والانتصار للذات شيئاً فشيئاً .. فيا لها من طريقةٍ رائعة لجعل حياتنا أفضل!
بإختصار!!
إن التواضع والسماح للآخرين بأن يكونوا على حق ولو لمرَّةً واحدة دليل على النضج وسعة الأفق .. فأرجوك ابدأ بتطبيق هذه الاستراتيجية .. ولا تنسى أن يكون لي نصيباً منها يا أغلى الناس!.
|