بتـــــاريخ : 7/15/2008 12:42:35 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1134 0


    هل تعرف ما هي ؟؟

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.almoustshar.com

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب


     

    هل تعرف ما هي الشهوة؟؟؟

    يحكي لي أحد أصدقائي قصة طريفة فيقول:

    (لم أكن أحب أكل (البيتزا) مطلقًا، وكنت أتصور أنها عبارة عن خبز موضوع فوقه فضلات الطعام التي لا يحتاجها أهل البيت، فبدلًا من أن يلقوها في القمامة يضعونها على الخبز، ومع بعض التعديلات البسيطة تصبح بيتزا.

    وكان تصوري هذا مبنيًّا على بعض التجارب الفاشلة لأمي في عمل البيتزا.

    وظل هذا التصور في رأسي، حتى جاء يوم كنت فيه مع أصدقائي في أحد المطاعم، ونظرت إلى الطباخ الذي يقوم بعمل البيتزا، وتأملته فوجدته لا يفعل ما تصورته؛ فهو يستخدم عجينًا ـ وليس خبزًا ـ ثم يقوم بفرده، ويضع عليه إضافات طازجة ـ وليست فضلات ـ ثم بعد ذلك يقوم بطهيها، وعندما رأيته يفعل ذلك تعجبت؛ وقلت في نفسي يبدو أن ما كنت أتصوره عن البيتزا لم يكن صحيحًا بالمرة، فلماذا لا أجرب وآكل بيتزا هذه المرة؟ وبالفعل أكلت بيتزا، واكتشفت أنها جيدة ومن ساعتها أخذت قرارين:

    أولهما: أني سأعدل عن وجهة نظري في البيتزا وسأبدأ في أكلها من الآن.

    والثاني: أنني لن أحكم على شيء حتى أتأكد أن تصوري عنه صحيحًا).

    هل تعرف أنك تشبه صاحبي هذا إلى حد كبير؟!!!

    ولم لا فكلاكما أصدر حكمًا على أمر دون أن يعرف حقيقته، فكما تصور هو البيتزا بأنها قطعة خبز فوقها بعض الفضلات ومن ثم قرر عدم أكلها؛ فكذلك فعلت أنت نفس الشيء مع قضية الشهوة!! عندما تصورتها وحشًا مخيفًا لا يمكن ترويضه، ولا سبيل للتحكم فيه!! ومن ثم قررت الاستسلام لقيادها حتى أصبحت تقودك حيثما شاءت!!

    ولذا قبل أن تتعامل مع قضية الشهوة لا بد أن تسأل نفسك بعض الأسئلة البسيطة والهامة في نفس الوقت:

    هل تعرف ما هي الشهوة؟

    هل أخبرك أحد قبل ذلك كيف ينظر الإسلام إلى قضية الشهوة؟

    هل أنت على يقين أن نظرتك إلى قضية الشهوة هي النظرة الصحيحة السليمة؟

    هل حاولت من قبل أن تتعرف على الشهوة قبل أن تبدأ في محاولة تحجيمها أو التحكم فيها؟

    هذه الأسئلة أخي الحبيب تلخص ببساطة مشكلة من أهم المشاكل في التعامل مع قضية الشهوة، وهي أن أغلب الشباب الذين يواجهون هذه المشكلة لا يعرفون أساسًا أبعادها، والتوصيف الدقيق لها، ناهيك عن أن يعرفوا كيف يتعاملون معها!!

    وقد دارت تعريفات أهل العلم للشهوة حول معنى واحد:

    وهو أن الشهوة: (غريزة فطرية خُلقت في الإنسان من غير اختيار لهكما أنها محببة للنفوس، وهذا مصداقًا لقوله تعالى: ((زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب)) [آل عمران:١٤]، [التعريف في تفسير البغوي، (ج2/ ص14)].

    (فهي شهوات مستحبة مستلذة؛ وليست مستقذرة ولا كريهة، والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها، ووضعها في مكانها لا تتعداه، ولا تطغى على ما هو أكرم في الحياة وأعلى، والتطلع إلى آفاق أخرى بعد أخذ الضروري من تلك «الشهوات» في غير استغراق ولا إغراق! وهنا يمتاز الإسلام بمراعاته للفطرة البشرية وقبولها بواقعها، ومحاولة تهذيبها ورفعها، لا كبتها وقمعها) [في ظلال القرآن، (1/343)].

    ولذلك كان رفع قيمة الشهوات وتنزيلها في غير منزلها خطأ جسيم، وهو ما وقع فيه الغرب وساقه إلى ما وصل إليه الآن والذي سنبينه في حلقات لاحقة بإذن الله.

    وعلى النقيض تمام فإن استقذار الشهوة والشعور أنها رجس ودوافع لا ينبغي أن توجد في الإنسان الملتزم المتدين خطأ جسيم أيضًا ينم عن فهم مغلوط للإسلام فالله عز وجل خلق فينا الشهوات واللذات لحكمة دقيقة وهي ببساطة: (لنستعين بها على كمال مصالحنا، فخلق فينا شهوة الأكل واللذة به؛ فإن ذلك في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء جسومنا في الدنيا، وكذلك شهوة النكاح واللذة به؛ هو في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء النسل.

    فإذا استعين بهذه القوى على ما أُمرنا؛ كان ذلك سعادة لنا في الدنيا والآخرة وكنا من الذين أنعم الله عليهم نعمة مطلقة، وإن استعملنا الشهوات فيما حظره علينا بأكل الخبائث في نفسها، أو كسبها كالمظالم أو بالإسراف فيها، أو تعدينا أزواجنا أو ما ملكت أيماننا؛ كنَّا ظالمين معتدين غير شاكرين لنعمته) [الاستقامة، شيخ الإسلام ابن تيمية، (1/341ـ342)].

    وكما قال ابن القيم رحمه الله: (اقتضت حكمة اللطيف الخبير أن جعل فيها ـ أي في النفس ـ بواعث ومستحثات تؤزه أزًّا إلى ما فيه قوامه وبقاؤه ومصلحته) [مفتاح دار السعادة، ابن القيم، (1/276)].

    ولذلك كانت نتيجة هذا الفهم المغلوط أنه:

    (يوقع الفرد تحت ضغطين متعارضين: ضغط من شعوره ـ الذي كونه الإيحاء أو كونه الدين أو كونه العرف ـ بأن دوافع الفطرة دوافع قذرة لا يجوز وجودها أصلًا، فهي خطيئة ودافع شيطاني!

    وضغط هذه الدوافع التي لا تغلب لأنها عميقة في الفطرة، ولأنها ذات وظيفة أصيلة في كيان الحياة البشرية، لا تتم إلا بها، ولم يخلقها الله في الفطرة عبثًا؛ وعندئذ وفي ظل هذا الصراع تتكون «العقد النفسية») [في ظلال القرآن (1/344)].

    ولذلك فإن الإسلام بنظرته المتوازنة (قد ضمن سلامة الكائن الإنساني من هذا الصراع بين شطري النفس البشرية، بين نوازع الشهوة واللذة، وأشواق الارتفاع والتسامي.. وحقق لهذه وتلك نشاطها المستمر في حدود التوسط والاعتدال) [في ظلال القرآن (1/344)].

    فهذه النظرة المتوازنة للشهوة هي نظرة الإسلام؛ لأن الشهوة في الأصل نعمة من نعم الله علينا كالمال ولكن الخلل تولَّد من جانبنا نحن مؤخرًا، عندما ضخمنا المشكلة عن حجمها الطبيعي الذي ينبغي أن تأخذه؛ حتى غطت على جميع المشكلات الأخرى.

     فالناس ينقسمون في تفكيرهم في شهوات الدنيا عمومًا إلى قسمين: (قسم: جعلوها هي المقصود، فصارت أفكارهم وخواطرهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة لها، فشغلتهم عما خُلقوا لأجله، وصحبوها صحبة البهائم السائمة، يتمتعون بلذاتها ويتناولون شهواتها، ولا يبالون على أي: وجه حصلوها، ولا فيما أنفقوها وصرفوها، فهؤلاء كانت زادًا لهم إلى دار الشقاء والعناء والعذاب.

    والقسم الثاني: عرفوا المقصود منها وأن الله جعلها ابتلاءً وامتحانًا لعباده؛ ليعلم من يقدم طاعته ومرضاته على لذاته وشهواته، فجعلوها وسيلة لهم وطريقًا يتزودون منها لآخرتهم، ويتمتعون بما يتمتعون به على وجه الاستعانة به على مرضاته، قد صحبوها بأبدانهم وفارقوها بقلوبهم، وعلموا أنها كما قال الله فيها: ((ذلك متاع الحياة الدنيا))، فجعلوها معبرًا إلى الدار الآخرة ومتجرًا يرجون بها الفوائد الفاخرة، فهؤلاء صارت لهم زادًا إلى ربهم) [تفسير السعدي، (ج 1/ ص 123)].

    وللأسف الشديد، فإن مجتمعاتنا الإسلامية التي نشأنا فيها فرضت علينا بعض التصورات عن الشهوة، ورسختها في عقولنا؛ فأدت إلى حالة من حالات الغموض والقلق والتخبط، الذي يجعل من الشاب أسير تصورات خاطئة حول شهوة النساء عمومًا، ووظيفتها الاجتماعية، ومظاهرها الفيسيولوجية، التي تبدأ بالظهور لدى الشاب منذ مرحلة المراهقة.

    بالطبع تريد أن تعرف ما هي هذه التصورات، أليس كذلك؟؟

    تابعنا في لقاءنا القادم (التصورات الخاطئة)

     

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب

    تعليقات الزوار ()