أعرني ذلك اللحم !
قال بعض الأكياس : دعاني أحد الناس إلى منزله فقدم لي دجاجة ,فشربت من المرقة وجهدتُ أن أكل من اللحم فما قدرتُ لصلابته , وبتُ عنده فأعاده من الغد إلى القدر , وطرح عليه سكراً ,فعاد كالقديد ,فقدمه , وشربت من المرق , وجهدتُ أن آكل من اللحم فما قدرت لشدَّته , فبت عنده الليله الثانيه ,فلّما كان من الغد قال لغلامه :اطرح عن اللحم من المرق ليصير قليَّة (أي مقلي) , ففعل , ثمّ قدمه إليّ فشربت من المرق , وجهدت أن آكل من اللحم فما أقدر لقوته , فأخدت قطعة من اللحم ووضعتها إلى جهة القبلة لأصلي إليها , فقال :ماهذا الذي تصنع ؟ قلت :أشهد أنه لحم وليٍّ من أولياء الله تعالى ,فأنه قد أدخل إلى النار ثلاث دفعات فلم تفعل فيه شيئاً .
فلما أردت الانصراف إذ ببعض جيرانه يدق الباب ,فقال له : أعرني ذلك اللحم لضيف وافاني من الغد لأطبخه له وأرده إليك إن شاء الله تعالى ,فناوله إيّاه !
**
لم لا آخد الماء!
كان بالكوفه رجل يقال له مُصلح ,فبلغه أن بالبصرة رجلاً من المصلحين مقدماً في شأنه ,فسار الكوفي إلى البصرة فلّما قدم عليه قال له من أنت ؟قال أنا مصلح جئتك من الكوفة لمّا بلغني خبرك.فرحب به وأدخله موضعه , وخرج يشتري له ما يأكل .فأتى جبَّاناً فقال له :أعندك جبن ٌ؟ قال عندي جبن كأنه سمن ٌ ! فقال في نفسه :لم لا أشتري سمناً حين هو يضرب به المثل ؟فذهب إلى من يبيع السمن وقال له: أعندك سمن ؟فقال : عندي سمن كأنه زيت ! فقال في نفسه :لم لا اشتري زيتاً حين هو يضرب المثل ؟ فذهب إلى زيات وقال :أعندك زيت ؟ قال :عندي زيت صاف كأنه الماء ! فقال في نفسه ,لم لا أشتري ماء حيث يضرب به المثل ؟!
فرجع إلى بيته , وأخد صحفه وملأها ماء , وقدمها للضيف مع كسرات يابسه من الخبز , وعرّفه كيف جرى له ,فقال الكوفي :أنا اشهد أنك بالإصلاح أحق من أهل الكوفه!!
**
يحفظ آية وبيتاً !
سئل بنان الطفيلي :أتحفظ من كتاب الله شيئاً ؟
قال :نعم ,آيه واحدة.
قيل له ما هي ؟
قال : (قال لفتاهُ آتنا غداءنا ).
فقيل له :أتحفظ من الشعر بيتاً ؟
قال :نعم بيتاً واحداً.
قيل له ماهو :
قال:
نزوركم لا نُكافيكم بجفوتكم .... إنَّ المحبّ إذا لم يزر زارا
**
من أخبار الطفيليين ..
نظر رجل من الطفيليين إلى قومٍ من الزنادقه يُسار بهم إلى القتل ,فرأى لهم هيئة حسنة وثياباً نفيسة ,فظنهم يدعون إلى وليمة , فتلطف حتى دخل في لفيفهم وصار واحداً منهم .فلما بلغ صاحب الشرطة قال :"اصلحك الله ,لست منهم , وإنما أنا طفيلي ظننتم يدعون إلى صنيع فدخلت في جملتهم ! فقال :ليس هذا مما ينجيك مني, اضربوا عنقه ! فقال : أصلحك الله ,إن كان ولا بد فاعلاً ,فأمر السيّاف أن يضربوا بطني بالسيف ,فأنه هو الذي ورطني هذه الورطه ! فضحك صاحب الشرطة , وكشف عنه ,فأخبروه أنه طفيلي معروف ,فخلى سبيله.
**
بين ثقيلين !
قيل للشافعي :هل يمرض الروح ؟
قال نعم , من ظلّ الثقلاء!
فمرَّ به أحدهم وهو بين ثقيلين ,فقال : كيف الروح ؟
قال : في النزع !
***