أنت.. جعلته يكذب!!!
قلت له: ما بك؟! مالي أراك تبدو مهتمًا؟! هل حدث شيء؟!
قال لي: الحقيقة أنى مهتم جدًا بسبب ابني أحمد..
قلت: وما الذي كساك هذا الهم؟
قال لي: إنه يكذب!! ابني يكذب!!!!!! لم أدخر جهدًا في نصحه و إرشاده و تحذيره من الكذب ولكنه في كل مرة يثبت لي أني فشلت!!
قلت له في شفقة: مهلًا، هون عليك أخي، لا تتهم نفسك بالفشل، أحكي لي القصة بهدوء.
قال: الحقيقة أني كثيرًا ما أسأله عن أشياء فيظهر لي أنه يصدقني ثم أفاجأ بعد أن أسأل زوجتي أنه كان يكذب على.
قلت له: أريدك أن توضح لي أكثر؟
قال: مثلًا؛ عندما أسأله: هل صليت العصر؟ هل توضأت؟ هل ذاكرت الواجب؟ فيرد علي بنعم!! ثم أعلم بعد ذلك من زوجتي أنه كان يكذب!
لقد تعبت كثيرًا من هذه الخصلة التي لا أحب أن تكون أبدًا في ولدي، ولقد استخدمت معه كل الوسائل؛ الضرب والمواجهة والصراخ والحرمان من المصروف، ولكن دونما أدنى جدوى.
قلت له في اهتمام: اسمع يا صديقي، من الواضح أن الكذب عند طفلك ليست صفة أو خصلة متأصلة في نفسه أو عادة سيئة هو مواظب عليها، لا لا، هي ليست أبدًا شيئًا من ذلك، فلا تقلق.
قال لي متعجبًا: إذن، فلماذا يكذب؟!
قلت: من الواضح جدًا أنه يكذب لأنه خائف منك وأنت توجه له هذه الأسئلة.
• هل صليت؟؟
• هل ذاكرت؟؟
• هل توضأت؟؟
• هل أخذت ما في الدرج؟؟
• هل ضربت أخاك الصغير؟؟
وأنت توجه له هذه الأسئلة بطريقه مخيفة أو فيها شيء من التهديد أو التوعد.
أخي الحبيب، أنت تحفر له الحفرة، وتوقعه فيها بيديك، وتريده بعد ذلك كله أن لا يقع...؟؟؟
قال لي: أنت محق أنه لا يكذب في الأحوال الأخرى! نعم لا يكذب إلا إذا وجهت له السؤال بشيء من الحدة، ولكن كيف أعلمه الإقلاع عن هذه الخصلة أم كيف أترك أنا هذا الأسلوب؟
قلت له: من الممكن أن توصل له المعنى بطريقة أخرى أو بأسلوب آخر؛ فإن كان لم يصلي مثلًا وأنت تعرف ذلك وكنت جالسًا مع زوجتك قل لها:
آخ يا زوجتي لقد نسيت أن أصلي سنة العشاء، ثم تقوم وتصلي أمام الطفل بصوت مرتفع أنت وزوجتك فستجده بتلقائية ودون أن تكلمه بصورة مباشرة دخل معك في الصلاة.
أو إن كنت تعلم أنه لم يتوضأ، قل لزوجتك أمامه دون أن توجه إليه الكلام: لقد قرأت حديثًا فيه أن من توضأ وصلى ركعتين غفر له ذنبه، ثم تقوم وتدعوه لأن يقوم معك.
أو أن تقول له بطريقة لطيفة دون أن تتهمه بالتقصير: يا بني، يبدوا أنك نسيت أن تصلي، هيا قم لأني أحب أن أسمع صوتك الجميل وأنت تصلي.
وهكذا في بقية الأمور غير الصلاة والوضوء، لا تواجهه بسؤال مخيف؛ لأنك بهذه الطريقة توقعه في الكذب وهو لا يريد أن يكذب لأن فطرته السليمة تلح عليه ألا يكذب.
قال لي في خوف: ولكني أخاف أن يكون تعود على الكذب من كثرة ممارستي لأسلوب الحدة معه..!!
قلت: لا يا صديقي، أنت فور ممارستك الأسلوب الهادئ معه ستجده أقلع عن الكذب بإذن الله تعالى، ولكن إذا كنت تريد أن تذهب الشك باليقين أحكي له قصة كعب!!!
قال لي: وما هي قصة كعب؟ وكيف أحكيها له؟؟؟
قلت له: هذا ما ستعرفه عزيزي المربي في لقائنا القادم بإذن الله.
فتابع معي حتى نقضي على مشكلة الكذب عند الأطفال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته