من أنا؟!! أنا رفيقتك الدائمة.. أنا أكبر مساعديك أو أثقل أعبائك, سوف أدفعك نحو النجاح أو أجرك إلى الفشل.
يسهل عليك إدارتي، فقط إذا كنت حازمًا معي.. أرني بالضبط كيف ترغب في عمل شيء ما، وبعد دروس قليلة سوف أفعله لك تلقائيًا.. إنني خادمة جميع العظماء، وللأسف جميع الفاشلين أيضًا.
العظماء أنا من جعلتهم عظماء، والفاشلون أنا كنت سبب فشلهم.
أنا لست آلة، رغم أنني أعمل بنفس دقة الآلة، بالإضافة إلى ذكاء البشر. يمكنك أن تستخدمني لتحقيق نفع، ويمكنك أن تستخدمني في التدمير, هذا لا يشكل فارقًا بالنسبة لي.
خذني.. دربني.. كن حازمًا معي، وسوف أجلب لك العالم وأصفّه بين يديك.. كن متساهلاً معي وسوف أدمرك.
من أنا؟!!
زهرة.. ترى هل عرفتِ الإجابة؟! أسهل لك الأمر.
أن شيء جُعل به الصالحون في الجنة والعاصون في النار.
أنا.. العادة.. نعم، فعندما بحثنا في طريق الفاعلية وجدنا صخرة عظيمة تعترض الطريق وهي العادة, فلا يسهل على الإنسان أن يغير شيئًا قد تعوّد عليه إلا بعد جهد وعناء, فالذي يتعود على شيء يمكن أن يظل عليه حتى الموت، اسمعي قول ابن القيم رحمه الله: 'من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه', نعم أخيتي.. فعاداتك تظل معك حتى عند البعث.
معارك وهزيمة:
تخوض الكثيرات من الزهرات معارك نفسية, ومع الأسف تبدو الهزيمة في أصواتهن وعدم الأمل في النجاح والفاعلية وتغير العادة.
يقلن: هناك الكثير جدًا مما يجب إنجازه, ولكن لا يوجد وقت كافٍ، إن لديّ المدرسة والواجب والعمل والأصدقاء, والأسرة قبل كل شيء آخر.. إنني مرهقة ومجهدة تمامًا... النجدة!!
'لا أستطيع حفظ القرآن, وكلما حاولت فشلت, فأنا فاشلة ولن أفلح أبدًا'.
'كيف يمكنني أن أشعر بالرضا عن نفسي في الوقت الذي لا أستطيع أن أبدو فيه مساوية ومضارعة لمن هم مثلي؟! في كل مكان أذهب إليه أرى أن فتاة أخرى أكثر منى ذكاءً أو جمالاً أو أكثر شهرة، ولا أستطيع أن أمنع نفسي عن التفكير.. فقط لو أن لي مثل شعرها أو عينيها أو ملابسها أو شخصيتها أو شهرتها؛ لكنت قد شعرت بالسعادة.
فشلت في إرضاء والديّ.. أعرف أنني لا أعيش بالطريقة التي تنبغي.. كل تصرفاتي سيئة.. كل ما يمكنكِ أن تتخيله, 'ولكنني عندما أكون مع أصدقائي أستسلم وأفعل ما يفعله الآخرون وحسب'. لقد بدأت نظام تغذيه آخر أعتقد أنه الخامس هذا العام، إنني أرغب بحق في التغيير، ولكن ينقصني التنظيم للالتزام بالتغيير، في كل مرة أبدأ فيها نظامًا جديدًا يكون لديّ أمل ولكنه لوقت قصير فحسب قبل أن أنسق النظام الجديد، ومن ثم أشعر بشعور فظيع.
إنني متقلبة المزاج, وغالبًا ما أشعر بالاكتئاب، ولست أدري ماذا أفعل حيال ذلك؟!
تلك المشكلات حقيقية، ولا يمكنك أن تتجنب الحياة الحقيقية. لذا ما كنت لأحاول ذلك، وبدلاً من هذا سوف أمنحك مجموعة من الأدوات لمساعدتك على التعامل مع الحياة الحقيقية.. ما تلك الأدوات؟! إنها العادات السبع للفتيات الأكثر فعالية, أو دعينا نطلق عليها: السمات السبع التي يشترك في امتلاكها الفتيات السعداء الناجحون في جميع أنحاء العالم.
الآن.. لابد وأنك تتساءلين: ما هي تلك العادات؟! لذا فيمكنني كذلك أن أنهي حالة الحيرة والتساؤل التي تنتابك، وهاهي إليكِ متبوعة بشرح موجز:
العادات السبع:
• العادة [1]: كوني مبادرة.
تولي مسئولية حياتك.
• العادة [2]: حددي أهدافك ذهنيًا مسبقًا.
حددي رسالتك وأهدافك في الحياة.
• العادة [3]: صفي الأولويات أولاً.
حددي أولوياتك، وقومي بإنجاز أكثر الأمور أهمية أولاً.
• العادة [4]: فكري بأسلوب فوز – فوز.
امتلكي موقفَ [كل شخص يمكن أن يفوز].
• العادة [5]: اسعي أولاً إلى أن تفهمي، ثم أن تكوني مفهومة.
أنصتي إلى الناس بصدق وإخلاص.
• العادة [6]: تعاون.
اعملي مع الآخرين لتحقيق المزيد.
• العادة [7]: اشحذي المنشار.
جددي نفسك بانتظام.
تلاحظين أخيتي أن هذه العادات تبني إحداها الأخرى؛ فالعادات 1، 2، 3 تتعلق بالسيطرة على الذات، إننا ندعو ذلك [النصر الخاص], والعادات 4، 5، 6 تتناول العلاقات الشخصية والعمل الجماعي، ونحن ندعو ذلك [النصر العام]. عليكِ أولاً أن تحكمي السيطرة على ذاتك قبل أن يمكنك أن تصبحي لاعبة جيدة في فريق عمل، وهذا هو السبب في أن يأتي النصر الشخصي قبل النصر العام, والعادة الأخيرة العادة 7 هي أن تفهمي ما هو عكسها. لذا إليك نقائض العادات من الأولى إلى السابعة أو:
العادات السبع الأكثر قهرًا للفتيات:
• العادة [1]: تصرفاتك عبارة عن ردود أفعال.
فعدم حفظي للقرآن يرجع إلى المعلمة، وعدم نجاحي في الدارسة يرجع إلى المدرسة, تصرفاتي الخطأ ترجع لوالديّ فهما لم يهتما بي، علاقتي سيئة بجيراني لأنهم مزعجون.
• العادة [2]: لا تحددي أهدافك ذهنيًا مسبقًا.
لا تفكري في الغد ولا تضعي خطة ولا تحددي أهدافك.
• العادة [3]: صفي الأولويات أخيرًا.
أيًا كانت الأمور أكثر أهمية في حياتك، فلا تقومي بها حتى تكوني قد قضيتِ وقت الترفيه.
• العادة [4]: فكري بأسلوب فوز – خسارة.
تذكري دائمًا أنه إذا نجح الآخرون فأنت فاشلة.
• العادة [5]: اسعي أولاً إلى التحدث، ثم تظاهري بالإنصات.
• العادة [6]: لا تتعاوني.
إن العمل الجماعي ليس لذوي الذكاء المرتفع وليس له طائل.
• العادة [7]: أرهق نفسك واستنزف قواك.
ذاكري طوال الليل قبل الامتحان, ولا تأخذي قسطًا من الراحة.
وكما ترى فإن العادات المذكورة هي وصفات للكارثة والفشل, ومع ذلك فإن الكثير من ينغمس في ممارستها, وبناءً على هذا فلا عجب أن الحياة يمكن بحق أن تصبح رديئة وبغيضة فلا تنجحين في أي عمل.
ما هي العادات.. وما أثرها؟!
العادات هي أمور نقوم بها مرارًا وتكرارًا, ولكننا لا ندرك عاداتنا معظم الوقت.. إنها تعمل وتوجهنا أوتوماتيكيًا.
بعض العادات واجبة مثل:
• الطاعات والصلوات على وقتها.
• احترام الآخرين.
• طاعة الوالدين.
وبعضها بغيضة مثل:
• الوقوع في المعاصي والذنوب.
• السلبية.
• الشعور بالدونية والتبعية.
وبعضها ليس مهمًا بحق، مثل:
• الاستحمام بالليل.
• الأكل بالملعقة.
بناءً على ماهيتها، فإن عاداتنا إما أن تبنينا وإما أن تحطمنا.. إننا نصبح ما نفعله مرارًا وتكرارًا, ويعبر الكاتب صامويل سمايلز Samal Smiles عن ذلك بقوله:
• ازرع فكرة وسوف تحصد فعلاً.
• ازرع فعلاً وسوف تحصد عادة.
• ازرع عادة وسوف تحصد شخصية.
• ازرع شخصية وسوف تحصد مصيرًا.
وقد أكد هذا النبي صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من أربعة آلاف سنة في حديث بين فيه الصدق والكذب؛ قال صلى الله عليه وسلم: 'إن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا'.
فإذ صدق الفرد واعتاد الصدق أصبح شخصية صادقة, ومصيره الجنة.
أما إذا كذب الفرد واعتاد الكذب أصبح شخصية كاذبة, ومصيره النار.
وتأكدي أنك أقوى من عاداتك, ويمكنك أن تغيريها على سبيل المثال. حاولي ثني ذراعيك ثم حاولي ثنيهما في الاتجاه المعاكس, كيف يبدو هذا غريبًا للغاية؟! أليس كذلك؟! ولكن إذا ثنيتيهما في الاتجاه المعاكس لمدة ثلاثين يومًا متصلة، لن يبدو الأمر غريبًا... وهكذا.
عظماء في تاريخ التغير:
• سحرة فرعون:
انظري عندما أرسل لهم فرعون ليقيم منافسة بينهم وبين سيدنا موسى لإبطال نبوة سيدنا موسى, قال تعالى: {فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} [الشعراء: 41].
وعندما رأوا برهان نبوة سيدنا موسى تغيرت قلوبهم؛ فاستقر فيها الإيمان وطرد منها الكفر وتغيرت أفعالهم وأقوالهم وحياتهم, ليس هذا فحسب, بل تحملوا العذاب حتى الموت.
قال تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [46] قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [47] رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [48] قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ [49] قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} [الشعراء:46: 50].
مصعب بن عمير الصحابي الجليل الذي تحولت حياته تحولاً تامًا بعد إسلامه. فكان في أهله مرفهًا ومنعمًا, لا يلبس إلا الحرير.. وبالطبع, الذي يتعود على ذلك يصعب عليه التغير, ولكن انظري عندما مات كانت لديه بُردة ليس له غيرها, فكفن فيها, فكانت إذا غطوا بها رأسه بدت قدماه وإذا غطوا بها قدميه بدت رأسه.. فكيف تحوّل؟!
العادات السبع يمكن أن تساعدك:
- التحكم في مسار حياتك. - ثقتك بنفسك.
- تحسين علاقاتك مع أصدقائك. - السعادة.
- اتخاذ قرارات أكثر ذكاء. - التغلب على العادات السيئة.
- التغلب على الإهمال وتضييع الوقت. - تحقيق التوازن بين دينكِ ودنياكِ.
ما كان لله دام واتصل:
قال هشام بن عبد الملك يصف الخليفة الراشد الخامس:
[[ما أحسب عمر بن عبد العزيز خطا خطوة إلا وله فيها نية]].
فاجعلي في هذا التغير نية لله تعالى, وقتها ثقي أن الله سوف يعينك على تغيير نفسك وشخصيتك, وسوف يدوم هذا الأمر, ولكن إذا كان التغيير لمجرد التغيير أو للدنيا فقد يحدث ولكنه سيكون وقتيًا وليس فيه بركة.
ومع استحضار نيتك تذكري قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاَ} [العنكبوت: 69]
فلابد أخيتي من بذل الجهد حتى تحصدي الثمار, ولابد من التحلي بالصبر حتى لا يتملككِ اليأس في منتصف الطريق فترجعي.
فبالصبر والاجتهاد ووجود النية يأتي كل الخير.
وفي المقال التالي نتابع رحلة التغيير والفاعلية
بإذن الله تعالى
|