قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ
القول في تأويل قوله تعالى : { قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون } يعني تعالى ذكره بقوله : { قل أتحاجوننا في الله } قل يا محمد لمعاشر اليهود والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك كونوا هودا أو نصارى تهتدوا , وزعموا أن دينهم خير من دينكم , وكتابهم خير من كتابكم لأنه كان قبل كتابكم , وزعموا أنهم من أجل ذلك أولى بالله منك : أتحاجوننا في الله , وهو ربنا وربكم , بيده الخيرات , وإليه الثواب والعقاب , والجزاء على الأعمال - الحسنات منها والسيئات , فتزعمون أنكم بالله أولى منا من أجل أن نبيكم قبل نبينا , وكتابكم قبل كتابنا , وربكم وربنا واحد , وأن لكل فريق منا ما عمل واكتسب من صالح الأعمال وسيئها , ويجازي فيثاب أو يعاقب - لا على الأنساب وقدم الدين والكتاب . ويعني بقوله : { قل أتحاجوننا } قل أتخاصموننا وتجادلوننا . كما : 1756 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { قل أتحاجوننا في الله } قل أتخاصموننا . 1757 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { قل أتحاجوننا } أتخاصموننا . 1758 - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : { أتحاجوننا } أتجادلوننا . فأما قوله : { ونحن له مخلصون } فإنه يعني : ونحن لله مخلصو العبادة والطاعة لا نشرك به شيئا , ولا نعبد غيره أحدا , كما عبد أهل الأوثان معه الأوثان , وأصحاب العجل معه العجل . وهذا من الله تعالى ذكره توبيخ لليهود واحتجاج لأهل الإيمان , بقوله تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : قولوا أيها المؤمنون لليهود والنصارى الذين قالوا لكم : { كونوا هودا أو نصارى تهتدوا } . { أتحاجوننا في الله } يعني بقوله : { في الله } في دين الله الذي أمرنا أن ندينه به , وربنا وربكم واحد عدل لا يجور , وإنما يجازي العباد على ما اكتسبوا . وتزعمون أنكم أولى بالله منا لقدم دينكم وكتابكم ونبيكم , ونحن مخلصون له العبادة لم نشرك به شيئا , وقد أشركتم في عبادتكم إياه , فعبد بعضكم العجل وبعضكم المسيح . فأنى تكونوا خيرا منا , وأولى بالله منا .