توعد الله سبحانه للوليد بن المغيرة المخزومي بالنار
بقلم المهندس عمار عبد الرحمن شيت خطاب
مهندس كهرباء في العراق ـ الموصل
في هذه الآيات الكريمات من سورة المدثر 11....31
((ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً (12) وَبَنِينَ شُهُوداً (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31))
أجمعت التفاسير على أن المقصود بهذه الآيات هو الوليد بن المغيرة المخزومي.
ومن تفسير الجلالين:
-[ذرني] اتركني [ومن خلقت] عطف على المفعول أو مفعول معه [وحيدا] حال من من أو من ضميره المحذوف من خلقت منفردا بلا أهل ولا مال هو الوليد بن المغيرة المخزومي.
-[وجعلت له مالا ممدودا] واسعا متصلا من الزروع والضروع والتجارة.
-[وبنين] عشرة أو أكثر [شهودا] يشهدون المحافل وتسمع شهاداتهم.
-[ومهدت] بسطت [له] في العيش والعمر والولد [تمهيدا].
-[ثم يطمع أن أزيد].
-[كلا] لا أزيده على ذلك [إنه كان لآياتنا] القرآن [عنيدا] معاندا.
-[سأرهقه] أكلفه [صعودا] مشقة من العذاب أو جبلا من نار يصعد فيه ثم يهوي أبدا.
-[إنه فكر] فيما يقول في القرآن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم [وقدر] في نفسه ذلك.
-[فقتل] لعن وعذب [كيف قدر] على أي حال كان تقديره.
-[ثم قتل كيف قدر].
-[ثم نظر] في وجوه قومه أو فيما يقدح به فيه.
-[ثم عبس] قبض وجهه وكلحه ضيقا بما يقول [وبسر] زاد في القبض والكلوح.
-[ثم أدبر] عن الإيمان [واستكبر] تكبر عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
-[فقال] فيما جاء به [إن] ما [هذا إلا سحر يؤثر] ينقل عن السحرة.
-[إن] ما [هذا إلا قول البشر] كما قالوا إنما يعلمه بشر.
-[سأصليه] ادخله [سقر] جهنم.
-[وما أدراك ما سقر] تعظيم لشأنها
-[لا تبقي ولا تذر] شيئا من لحم ولا عصب إلا أهلكته ثم يعود كما كان
-[لواحة للبشر] محرقة لظاهر الجلد
-[عليها تسعة عشر] ملكا خزنتها قال بعض الكفار وكان قويا شديد البأس أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني أنتم اثنين
-[وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة] أي فلا يطاقون كما يتوهمون [وما جعلنا عدتهم] ذلك [إلا فتنة] ضلالا [للذين كفروا] بأن يقولوا لم كانوا تسعة عشر [ليستيقن] ليستبين [الذين أوتوا الكتاب] أي اليهود صدق النبي صلى الله عليه وسلم في كونهم تسعة عشر الموافق لما في كتابهم [ويزداد الذين آمنوا] من أهل الكتاب [إيمانا] تصديقا لموافقته ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم لما في كتابهم [ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون] من غيرهم في عدد الملائكة [وليقول الذين في قلوبهم مرض] شك بالمدينة [والكافرون] بمكة [ماذا أراد الله بهذا] العدد [مثلا] سموه لغرابته بذلك وأعرب حالا [كذلك] أي مثل إضلال منكر هذا العدد وهدى مصدقه [يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك] أي الملائكة في قوتهم وأعوانهم [إلا هو وما هي] أي سقر [إلا ذكرى للبشر]
- يتوعد الله سبحانه وتعالى الوليد بن المغيرة المخزومي بالنار ويبقى معاندا ولو انه نطق بالشهادتين لنسف القران وأثبت انه قول بشر.
وعند مناقشتي لبعض النصارى اجمع كلهم على أن الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ليس بنبي ولا مرسل وإنما كان من عباقرة الزمن الذين لا يخطئون وخطيب مفوه وقائد عسكري محنك لكن ليس بنبي، فكيف إذا كان كما يصفون يرتكب الرسول الكريم مثل هذا الخطأ وهو يعلم أن الوليد بن المغيرة نطق بالشهادتين لا ثبت خطأ القرآن.
وهذا الكلام ينطبق أيضاًعلى سورة المسد حين توعد الله عم النبي ابىلهب وامرأته بالنار .
- الإعجاز الثاني في هذه الآيات الكريماتهي في الإيجاز والوصف لحاله الوليد في تفكيره فيما سيرد على المشركين في تحليله لآيات كتاب الله عز وجل، فلم يجد له توصيفا إلا بالسحر وهو نفسه الذي وصفه في موقف آخر :-
وقد جاء حكيم العرب -كما وصفوه- يساوم النبي صلى الله عليه وسلم؛ مقلباً له الأمور على كل وجوه الاسترضاء التي يقبلها البشر. وهنا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "أفرغت أبا الوليد"،يقول نعم فيقول له: "فاسمع مني"،ثم تلا عليه سورة فصلت حتى وصل إلى قوله تعالى: "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ" (فصلت: 13).
فوضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الله والرحم ألا يكمل.
وعاد لقومه بوجه غير الذي ذهب به. ولما سئل قال: "سمعت منه كلامًا ليس من كلام الجن ولا من كلام الإنس، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وان أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه".
وهذا مما يعطي دلالة قاطعة على أن القرآن ليس كلام بشر وإنما هو من عند خالق البشر سبحانه وتعالى عما يشركون.