بتـــــاريخ : 7/12/2009 1:26:06 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1083 1


    نحو استثمارات عربية في جنوب السودان

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : www.ecoworld-mag.com

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد استثمارات عربية جنوب السودان
    نحو استثمارات عربية في جنوب السودان
     

    لا أجدنى فى حاجة لشرح قضية جنوب السودان لقراء هذه المجلة، لأنها أصبحت لا تقل وضوحاً، بالنسبة لكل عربى، عن قضية فلسطين. فلا تكاد الصحف والمجلات والإذاعات والفضائيات العربية تخلو من خبر أو مقالة أو رأى أو حوار عن هذه المشكلة التى استعصت عن الحل ودامت أربعون عاماً ونيف، هى عمر السودان الحديث، إن كانت أعمار الدول التى كانت مستعمرة تبدأ باستقلالها من المستعمر. وقد يبدو أن أسبابها كثيرة وعميقة مما جعلها صعبة الحل، بينما هى فى حقيقة الأمر بسيطة وسطحية بساطة وسطحية حرب داحس والغبراء التى دامت ستون عاماً وحرب البسوس التى كانت حول ناقة جرباء، وبالرغم من ذلك دامت أربعون عاماً! فالمشكلات التى أدت إلي الحرب الطويلة فى جنوب السودان لا يكاد يخلو منها بلد فى عصرنا الحاضر. فقلما يوجد بلد فى عالم اليوم لا توجد بين سكانه فروقات من نوع ما، سواءً كانت إثنية أم عرقية أم دينية أم قبلية أم ثقافية أم حضارية، منفردة أم مجتمعة، فى بعض الحالات. فلماذا إذن لم تؤد مثل هذه الفروقات إلي الحرب كما أدت فى السودان؟ صحيح أنها قد أدت ولا زالت تؤدى، فى كثير من الدول، إلي بعض الاحتكاكات والمناوشات والاضطرابات الخفيفة المؤقتة والمبعثرة هنا وهناك، ولكنها لم تؤد إلي حرب طويلة لا يبدو لها حل فى الأفق كما هو الحال فى السودان. فلماذا؟ بقدر ما احتار الناس فى الإجابة علي هذا السؤال، بقدر ما اختلفوا فى الأسباب التى أدت إلي تلك الحرب وأدامتها طويلاً. ولذلك اختلفوا فى الحلول التى يطرحونها لها.



    ومن الآراء السائدة فى السودان وفى غيره لدي المهتمين بالشأن السودانى إنها مؤامرة أجنبية بذر بذورها الاستعمار البريطانى منذ دخوله للسودان فى بداية القرن العشرين واستمر فى رعاية ما بذر إلي أن أصبح شجرة عميقة الجذور عندما رحل فى بداية النصف الثانى من ذلك القرن. وبالرغم من أننى لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة وإلقاء اللوم دوماً علي الآخرين وتعليق كل مشكلاتنا علي "شماعة" الاستعمار، إلا أن كل الدلائل تشير إلي ذلك فى هذه الحالة التى نحن بصددها، علي وجه الخصوص. فبالرغم من أن الاختلافات الإثنية والعرقية والثقافية وغيرها لا يكاد يخلو منها بلد، وبالرغم من أن كل الحكومات التى تعاقبت علي حكم السودان باختلاف أنواعها وأشكالها، الديمقراطية منها والعسكرية والاشتراكية منها والإسلامية، لم تضع نصب أعينها، بل ولم تتصدر قائمة أولوياتها قضية لحلها قبل قضية الجنوب، بما فى ذلك قضية التنمية؛ بالرغم من كل ذلك، فإن هذه المشكلة تكبر وتزداد تفاقماً مع مرور الزمن بالرغم من الجهود التى بذلت والأرواح التى أزهقت والأموال التى أنفقت لحلها والاتفاقيات التى أبرمت حولها التى سرعان ما تُنقض وتراوح الحرب مكانها ويعود التمرد من جديد أقوي مما كان عليه. فقد برزت هذه المشكلة علي السطح وأطلَّت برأسها لأول مرة بتمرد إحدي الحاميات العسكرية الجنوبية (حامية توريت) فى عام 1955م ولم يكن قد مضي علي الحكم الذاتى فى السودان غير عامين فقط، بحجة عدم حصول الجنوبيين علي وظائف كافية عندما تمت "سودنة" وظائف المستعمرين. ولولا حنكة القائمين علي البلاد فى ذلك الوقت بقيادة الزعيم إسماعيل الأزهرى، أول رئيس وزراء لحكومة سودانية، ومعالجتهم لذلك التمرد بسرعة؛ لانهار الدستور ولوجد المستعمر البريطانى ذريعة للتنصل عن اتفاقية الحكم الذاتى وإلغائها، مما كان سيكرس الاستعمار ويطيل أمده.


    وقد تم وعد الجنوبيين بتطبيق الحكم الفيدرالى، ولكن قبل أن تفيق الحكومة آنذاك من الخلافات التى نشبت بين الأحزاب السياسية المكونة لها فور إعلان الاستقلال فى عام 1956م لمناقشة هذا المطلب، فاجأها انقلاب عسكرى بقيادة الرئيس الأسبق إبراهيم عبود فى عام 1958م. وبطبيعتها العسكرية، لجأت تلك الحكومة علي إخماد التمرد عسكرياً الذى تفاقم عندما "سودن" ذلك النظام الكنائس لثبوت ضلوع رجال الدين المسيحى الأجانب فى تأجيج نيران التمرد، وأحل محلهم رجال دين مسيحيين سودانيين من الجنوب نفسه. ثم قررت الحكومة تدريس اللغة العربية فى المدارس الجنوبية ووحدت العطلة الأسبوعية لتصبح يوم الجمعة تكريساً لوحدة البلاد، فتفاقم التمرد مرة أخري واستمر حتي عام 1964م حين سقطت حكومة عبود بثورة شعبية عُرفت بثورة اكتوبر، التى هدأ بعدها التمرد ووافق قادته آنذاك ليجلسوا علي طاولة المفاوضات التى اشتركت فيها الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة علي حدٍ سواء لأول مرة. ولكنها سرعان ما انفضت نتيجة لإصرار بعض قادة التمرد علي الانفصال التام وإصرار الشماليين مع بعض الجنوبيين علي الوحدة؛ مع منح الجنوب نوعاً من الحكم الإقليمى. فعاد التمرد مرة أخري واستمر حتي عام 1972م حينما عُقدت ما عرف باتفاقية أديس أبابا فى عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد النميرى التى استمرت متماسكة لمدة عشرة أعوام كانت أطول مدة توقف فيها التمرد منذ أن بدأ فى عام 1955م. ولو أن تلك الفترة استغلت فى تنمية الجنوب بالطرق السليمة فلربما لم يعد هنالك تمرد آخر. ولكنه عاد مرة أخري عندما قرر الرئيس الأسبق جعفر النميرى تقسيم الإقليم الجنوبى إلي ثلاث حكومات إقليمية نتيجة لضغوط مارستها عليه الأقليات الجنوبية فى جنوب السودان نفسه التى ضجرت وتضررت من احتكار قبيلة الدينكا، كبري القبائل الجنوبية، للسلطة فى كل الإقليم. فتمرد بعض أبناء هذه القبيلة المنتسبين للقوات المسلحة فى عام 1983م وتمكنوا من تجنيد بعض المدنيين من قبيلة الدينكا وقبيلتى الشكك والنوير. وهذا هو حال التمرد والمتمردين الذين كلما أرضيت منهم طرفاً ثار عليك طرف آخر، مما يكسب التمرد صفة الاستمرارية ويصبح كالدوامة. وبعد صراعات كثيرة وتصفيات دموية وسجون واعتقالات بين قيادات التمرد أنفسهم، آلت قيادته إلي الدكتور جون قرنق ديمابيور، الذى سعي جاهداً لجعل التمرد يستمر حتي يومنا هذا، أى حوالى ثمانية عشر عاماً ولا تلوح فى الأفق بوادر حل أو إتفاق وشيك، بالرغم من أن الحكومة الانتقالية التى أعقبت سقوط نظام النميرى بقيادة الرئيس الأسبق، سوار الذهب، فى عام 1985م، والحكومات الديمقراطية التى أعقبته بقيادة الصادق المهدى (1986-1989م) سعت جميعها للتفاوض مع جون قرنق. وكذلك الحكومة الحالية التى لجأت لأسلوبى التفاوض والحرب معاً بداية بحمل غصن الزيتون والحمامة أولاً إثر مؤتمر جامع عقدته لحل هذه المشكلة وأسمته بمؤتمر الحوار الوطنى، ولكن دون جدوي. فالتمرد الحالى ليس هو الأطول فى تاريخ مشكلة جنوب السودان فحسب، ولكنه الأقوي أيضاً لدرجة أنه استقطب كبري الأحزاب الشمالية للتحالف معه. وكان آخر تلك الأحزاب، لدهشة الجميع واستغرابهم، هو حزب المؤتمر الشعبى بقيادة الزعيم الإسلامى المعروف، الدكتور حسن الترابى، الذى انشق قبل عامين عن المؤتمر الوطنى الحاكم وخرج معارضاً له. فمن الواضح أن استراتيجية قرنق وتكتيكاته معاً وأجندته الخفية منها والظاهرة، تعتمد علي الاتفاق مع الأحزاب الشمالية المعارضة وترفض الاتفاق مع أية حكومة مركزية لأن فى ذلك علاجاً للمشكلة، بينما الاتفاق مع الأحزاب المعارضة يبعدها عن الحل؛ وهو ما تستهدفه حركة التمرد الحالية لأنها فى الواقع تشن حرب استنزاف طويلة النفس غايتها جعل الحكومة المركزية غير قادرة علي مقاومتها كلما طال أمد فترة الاستنزاف، وهو النموذج نفسه الذى اتبعه كابيلا فى الكونغو بشنه حرب استنزاف مماثلة ضد حكومة بلاده لمدة ثلاثين عاماً حتي سقطت فى يده كلقمة سائغة جراء حرب الاستنزاف طويلة الأمد. فالتمرد الحالى ليست له مطالب معينة يريد تحقيقها لحل المشكلة إذا تمت تلبيتها. وذلك بدليل أنه كلما لُبيت له مطالب وتحققت له أهداف، بما فى ذلك حق تقرير مصير الجنوب فى استفتاء يحدد الوحدة أو الانفصال، طالب بأخري، إلي أن وصل حد المطالبة بفصل الدين عن الدولة فى بلد لم ينفصل فيه الدين عن الدولة فى كل حقبه التاريخية التى تمتد إلي سبعة آلاف عام قبل الميلاد. ففى أى بلد تم فصل الدين عن الدولة فى كل دول العالم القديم والمعاصر؟ فدين الأغلبية هو الذى يسيطر علي قوانين البلاد ودستورها حتي فى الدول التى تساند قرنق وتمده بالسلاح والتدريب والغذاء. فمملكة بريطانيا هى حامية الكنيسة الانجليكانية. وفى الولايات المتحدة الأمريكية لم يفز، وربما لن يفوز، كاثوليكى بمنصب رئيس الدولة ما عدا الصدفة التى جاءت بجون كيندى إلي البيت الأبيض الذى اغتيل قبل أن يكمل فترة رئاسته الأولي. كما أن الصليب هو الشعار الأساسى الذى يتوسط أغلب أعلام الدول الأوروبية ويؤدى القسم فيها الرئيس ووزرائه علي الإنجيل أمام رجال الدين المسيحى قبل أن يتسلموا مناصبهم. ففصل الدين عن الدولة هو فى رأىى كفصل الرأس عن الجسد، أو كسلخ الجلد عن الجسم. ولذا فهو مطلب تعجيزى لا توجد حكومة فى السودان توافق عليه وتستمر فى الحكم طويلاً، عسكرية كانت أم ديمقراطية. وهو، أى جون قرنق، يعلم ذلك جيداً. وعندما ألزمت الحكومة نفسها بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية فى كل مناطق السودان التى ليس بها أغلبية مسلمة وهى الجنوب نفسه وبعض مناطق جبال النوبة فى غرب السودان، وطبقت الحكم الاتحادى (الفيدرالى)؛ طالب قرنق بالكونفيدرالية علي أن يشمل الجنوب بعض الأراضى الشمالية وذلك للمزيد من المطالب التعجيزية، لأنه لو طالب بالكونفيدرالية والتزم حدود الجنوب التاريخية الأصلية حسب خريطة السودان المعروفة والمعترف بها دولياً، لربما وافقت الحكومة علي ذلك. ولذلك طالب بضم المزيد من الأراضى لدولته المقترحة لكى لا توافق الحكومة وتستمر حرب الاستنزاف إلي أن تبلغ غايتها فى الاستيلاء علي كل السودان وتحريره من العرب والمسلمين كما يوحى بذلك اسم الحركة، وإن لم تقل بذلك صراحة؛ بالرغم من أنه هو من صميم أجندتها الخفية. بدليل ما يحدث وبدليل شهادة بعض من تحالفوا معه من الأحزاب الجنوبية والشمالية التى كان آخرها حزب الأمة وتركوه لهذا السبب ولأسباب أخري كإصراره علي أجندته الحربية ورفضه لكل الجهود السلمية وتحالفه مع الدول الأجنبية المعادية للوطن.


    بعد هذه المنعطفات الطويلة التى بعدنا فيها عن الموضوع الأساسى لهذه المقالة لكى نوضح بعض الحقائق التاريخية المهمة، نعود للقول إن الهدف من هذه الحرب بعد أن تستولى الحركة الشعبية لتحرير السودان علي كل البلاد أو علي الأقل تحتل الجنوب؛ هو أن يكون شمال السودان هو آخر منطقة تصلها الثقافية العربية الإسلامية ويكون جنوبه سداً عازلاً وخطاً فاصلاً يحول دون توغل هذه الثقافة إلي أفريقيا جنوب الصحراء. وهو الهدف نفسه الذى سعت إليه الحكومة البريطانية منذ أن احتلت السودان فى نهاية القرن التاسع عشر.


    ولكل هذه الأسباب، فإن أسلوب المفاوضات مع جون قرنق لن يجدى وأسلوب الحرب لن يحل المشكلة. فما هو الحل إذن؟ الحل فى رأىى هو تكثيف الجهود لتنمية جنوب السودان بصفة خاصة لكى يقتنع أبناؤه أنه من الأفضل لهم الانخراط فى وطنهم الكبير بدلاً من أن يدعموا التمرد الذى لم يفعل لهم شيئاً غير الدمار والتخريب والجوع وبمستوي لم يحدث لشعب فى العالم لا فى الماضى ولا فى الحاضر. وهو ما يراه الجميع علي شاشات التلفاز وصور الصحف والمجلات، بين الفينة والأخري، فضلاً عن النزوح والتشرد الذى لم يحدث مثله لشعب آخر. وبما أن حكومة السودان غير قادرة بمفردها علي تحقيق حجم التنمية المطلوب لجنوب السودان وبالسرعة المطلوبة، فإن الاستثمارات العربية فى هذا الجزء من العالم تصبح من أفيد ما تكون الاستثمارات وذلك لأنها ستكون بمثابة إعادة الثقة فى العرب التى زعزعتها الكنائس المُسيسة والاستعمار بتشويه التاريخ وتزويره. كما أن وحدة السودان ستحمى ظهر الدول العربية وتعزز أمنها الوطنى والقومى. وذلك لأنه إذا انفصل جنوب السودان عن شماله أو إذا استولت الحركة الشعبية علي السودان كله، لا قدر الله، سيصبح ظهر العرب بصفة عامة وظهر جمهورية مصر العربية بصفة خاصة مكشوفاً للأعداء الذين يساندون هذه الحركة حالياً ويعدونها بالدعم مستقبلاً عندما تحقق هدفها الأصغر وهو فصل جنوب السودان، أو هدفها الأكبر وهو الاستيلاء علي السودان كله، ومن بين هؤلاء إسرائيل ومن لفَّ لفها وكل المعاديين للعرب والمسلمين فى العالم. ومن أهم ما سيصيب مصر بسوء هو أنها ستبتعد عن منابع النيل مما يهدد انسياب مياهه إليها، وليس هنالك ما هو أهم من النيل بالنسبة لمصر. والسؤال الذى سيتبادر للأذهان هو؛ كيف تكون هنالك استثمارات جاذبة فى جنوب السودان فى ظروفه الأمنية الحالية؟ والإجابة هى أن الوضع الأمنى المتدهور هو فى جزء يسير يقع فى أقصي جنوب البلاد حيث تتمترس الحركة الشعبية. فالوضع الأمنى فى أغلب جنوب السودان مستتب تحت حماية الجيش السودانى وقوات الدفاع الشعبى والجنوبيين الوحدويين الذين يرفضون التمرد ويقاومونه والأغلبية الصامتة من الجنوبيين الذين يتمنون الوحدة والسلام. بل وأغلبية الذين نزحوا منهم إلي مدن الشمال هرباً من ويلات الحرب، فكيف ينزح إليك ويستأمنك من تستعبده وتسترقه وتضطهده عرقياً أم دينياً، كما تدعى حركة التمرد ومن ورائها بعض النصاري الحاقدين كالبارونة كوكس ووسائل الإعلام الغربية المضادة، بل وبعض الحكومات الغربية؟ كما أن الاستثمارات المطلوبة حالياً هى فى البنية الأساسية المتمثلة فى الطرق والمطارات وخطوط السكك الحديدية التى تربط ولايات جنوب السودان بعضها ببعض وتربطه بشماله فتزداد التجارة والمصالح الاقتصادية بين شطرى القطر ويجد المواطن الجنوبى أن مصلحته فى الأمن والسلام وليس فى الحرب والتمرد، مما يقلِّص شعبية الحركة الشعبية وتصبح إسماً علي غير مسمي وتتقلص بالتالى مواردها البشرية التى لا غني لها عنها مهما تمكنت من الحصول علي الموارد المادية من عتاد ومال وسلاح من الجهات المعادية للسودان بصفة خاصة وللعروبة والإسلام بصفة عامة. والبني الأساسية الأخري المطلوبة حالياً هى المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد وما إلي ذلك. ويمكن أن تتكفل الحكومات العربية، القادرة، ببناء طرق المواصلات حتي وإن كان علي أساس قروض طويلة الأمد، ومن يستطع من مواطنى هذه الدول القيام ببناء المرافق التنموية الأخري كالمدارس والمستشفيات علي أن تحمل أسماءهم مثل مستشفي "الصباح" فى مدينة جوبا، الذى نفذ علي نفقة الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت. هذا بالإضافة إلي المنظمات العربية والإسلامية غير الحكومية التى يمكن أن تلعب دوراً تنموياً وليس إغاثياً فحسب، كما تفعل، مشكورة، حالياً. وأنا علي يقين من أن هذا الأسلوب، وهو التركيز علي التنمية، سيوقف التمرد ويجفف منابعه ويؤدى إلي استتباب الأمن ويرفرف السلام فى ذلك الجزء من العالم مما يجعله مكاناً آمناً للاستثمارات العربية الربحية الجاذبة فى المستقبل القريب، شاملاً الاستثمارات الصناعية والزراعية والسياحية مما يفيد المستثمر ومواطن جنوب السودان بصفة خاصة والسودان كله بصفة عامة والدول العربية بصفة أعم.


    وخلاصة القول، فإن مشكلة جنوب السودان لن تحل بالمفاوضات التى ستجعلها تراوح مكانها، ولن تحل بالحرب التى ستفاقمها كما هو الحال الآن؛ وإنما تحل بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذى لا تستطيع حكومة السودان بمفردها القيام به بالرغم من كميات البترول التى تمكنت من استخراجها. مما يستدعى إسهام الدول والشعوب العربية، القادرة، لتحقيق التنمية المنشودة لأن انفصال جنوب السودان عن شماله أو احتلال حركة التمرد للسودان كله يهدد الأمن القومى العربى بصفة عامة وأمن مصر المائى والعسكرى بصفة خاصة. وعندها ستنشغل مصر بنفسها عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية ولا تستطيع القيام بالدور الإيجابى الذى تقوم به حالياً لنفسها ولغيرها. ولعل هذا هو الهدف الأكبر لأعداء العروبة والإسلام. فهلا فوتنا عليهم هذه الفرصة التى ينتظرون اغتنامها عاجلاً أم آجلاً وبصبر فارغ؟ أتمني ذلك.


    $ أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود - الرياض.

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد استثمارات عربية جنوب السودان

    تعليقات الزوار ()