الدخل الدائم والدخل الشخصي
الدخل الدائم؛ فرضية قدمها ملتون فريدمان من جامعة شيكاغو بالولايات المتحـدة الأمريكية عن مفهوم الدخل الدائم، متجاهلاً التقلبات الانتقالية فى هذا الدخل من فترة زمنية إلي أخري، ومفترضاً أن أفراد المجتمع قد تكون لديهم توقعات معينة عن الدخل الدائم، ولكن فى المدي القصير. وقد يتغير الدخل الفعلى لهؤلاء الأفراد بسبب بعض الأمور كالعمل وقتاً إضافياً أو البطالة. ولكن تغير هذا الدخل الفعلى فإنه يدور حـول الدخل المتوقع فى المدي الطويل.
مثال ذلك؛ يعرف أحـد الأفراد أن دخله فى أسابيع متعاقبة سوف يكون 300 وحـدة نقود فى أسبوع، ثم 200 وحـدة نقود فى الأسبوع الذى يليه، ثم 100 وحـدة نقود فى الأسبوع الذى يليه، وفقاً لهذا التتابع المتكرر. وقد يمكن النظر إلي دخل هذا الفرد علي أنه يحـتوى علي مكون دائم بمقدار 200 وحـدة نقود فى الأسبوع (300+200+100) 3، ومكوِّن انتقالى بمقدار + 100 وحـدة نقود (فى الأسبوع الأول)، وصفر وحـدة نقود (فى الأسبوع الأول)، وصفر وحـدة نقود (فى الأسبوع الثانى)، -100 وحـدة نقود (فى الأسبوع الثالث).
وبافتراض أن هذا الفرد، فى المثال السابق، ينفق 180 وحـدة نقود فى كل أسبوع، وأن ميله المتوسط للاستهلاك قد يكون ثابتاً بنسبة 9،0 من الدخل الدائم؛ إلا أن هذا الميل المتوسط للاستهلاك -علي أساس الدخل المقاس والاستهلاك الفعلى- قد يبدو علي أنه يهبط من 8،1 (بالنسبة للدخل بمقدار 100 حـدة نقود) إلي 9،0 (بالنسبة للدخل بمقدار 200 وحـدة نقود) ثم إلي 6% (بالنسبة للدخل بمقدار 300 وحدة نقود). ومن الجلى أن سلوكاً ثابتاً جداً قد يعطى الانطباع بأن الميل المتوسط للاستهلاك يكون هابطاً، وأن الميل الحـدى للاستهلاك يساوى الصفر، معبراً عن هذين الميلين للاستهلاك بدلالة الدخل المقاس (الدخل الفعلى المتقلب من فترة إلي أخري).
ويفترض فريدمان أن أفراد المجتمع قد يختلفون بعضهم عن بعض اختلافاً كبيراً فى ميولهم الحـدية للاستهلاك -أو ميولهم المتوسطة للاستهلاك- بالنسبة للمكون الدائم والمكون المؤقت (الانتقالى)، وإن كانت ميولهم للاستهلاك بالنسبة للزيادات الدائمة فى الدخل أكثر ارتفاعاً من ميولهم للاستهلاك بالنسبة للزيادات المؤقتة فى الدخل. وإذا كان الأمر كذلك، فإن المرء يتوقع -علي مدار فترات طويلة عندما تتاح الفرصة للتغيرات الانتقالية لأن تصبح بمثابة متوسطات- أن يشاهد ميولاً للاستهلاك أكثر ارتفاعاً (إلي ما يقرب من الميول المناسبة للدخل الدائم)، بينما يختلف الأمر فى المدي القصير، إذ قد يشاهد المرء التغيرات الانتقالية، وقد يتأثر بها فى سلوكه. والاعتقاد الراسخ بين الاقتصاديين المحـدثين أن فرضية الدخل الدائم تتسق مع نتيجتين بالغتى الأهمية، أمكن التوصل إليهما من خلال التجربة العملية:
$ أن الميل الحـدى للاستهلاك فى المدي القصير أقل من الميل الحـدى للاستهلاك فى المدي الأطول.
$ أن الميل المتوسط للاستهلاك فى المدي الطويل يميل إلي أن يكون ثابتاً.
الدخل الشخصى؛ مقدار الدخل الذى يحـصل عليه الفرد فى مقابل ما يقدمه من خدمة العمل أو خدمة رأس المال أو العمل ورأس المال معاً، ويحـصل عليه الفرد عادة فى صورة نقدية، أى بعدد معين من وحـدات النقود. ولكن هذا لا يمنع من أنه قد يحـصل عليه فى صورة عينية، كالخدمات التعليمية أو الصحـية التى تقدمها الدولة مجاناً، أو المزايا العينية التى يحـصل عليها الفرد فى أدائه لوظيفة معينة -عامة أو خاصة- أو بعض المهام المعينة. ويتخذ الدخل الشخصى إحـدي الصور الأربع المعروفة؛ الأجر مقابل خدمة العمل، والريع مقابل خدمة الأرض، والفائدة مقابل خدمة رأس المال، والربح مقابل خدمة التنظيم، باعتبار أن هذه خدمات إنتاجية مشتقة من عوامل أو عناصر الإنتاج الأربعة (العمل والأرض ورأس المال والتنظيم). ولابد من تضافر هذه الخدمات بعضها مع البعض فى سبيل إنتاج سلعة أو خدمة معينة، وعندما تستقطع من الدخل الشخصى الضرائب الشخصية، أى ضرائب الدخل المفروضة علي الأفراد؛ يصبح دخلاً صافياً قابلاً للتصرف. وهنا يمكن للفرد أن يوجه هذا الدخل كله للإنفاق علي الاستهلاك، أو أنه ينفق جزءاً من الدخل علي شراء السلع الاستهلاكية والخدمات، ويدخر الجزء المتبقى من دخله ليستثمره فى أية ناحـية من نواحـى الاستثمار.
وللتوصل إلي رقم الدخل الشخصى، تستبعد من الدخل القومى البنود الآتية؛ الضرائب المفروضة علي الشركات، وضرائب المساهمة فى الضمان الجماعى، والأرباح غير الموزعة.
وتضاف المدفوعات الحـكومية لنقل الدخل (مدفوعات نقل القوة الشرائية) كرواتب التقاعد وإعانات البطالة والفوائد المستحـقة عن الدين العام، وذلك حـسب المعادلة الآتية:
الدخل الشخصى = الدخل القومى - (الضرائب المفروضة علي الشركات + ضرائب المساهمة فى الضمان الاجتماعى + الأرباح غير الموزعة) + المدفوعات الحـكومية لنقل الدخل.
المصدر: الموسوعة الاقتصادية - دار الفكر العربى - جمهورية مصر العربية.