بتـــــاريخ : 3/30/2009 9:48:48 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1088 0


    الدين القيم - الحلقة 29

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : الدكتور محمد هداية | المصدر : www.islamiyyat.com

    كلمات مفتاحية  :
    الدين القيم
    الحلقة 29:
    (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) توقيع لهذه السكرة التي جاءت بالحق. التوقيع مبدع ويحتاج إلى وعي. أولاً سكرة الموت أتت بالحق قلنا أنها تأتي بكل الحقيقة التي غابت عني أو اعتقدتها. الواحد منا على فراش الموت واحد من اثنين كما وصفهم الرسول r العبد المؤمن اعتقد فالحق واضح أمامه حق والكافر تأتي له بالحق وقد غاب عنه الحق لذا جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد، إذا كان الحق بالنسبة للمؤمن وإذا كان الحق بالنسبة للكافر، هل الكل كان يحيد عن هذا الموقف؟ قلنا قديماً أنه حتى الذي أحسن والذي عمل كل الخيرات تسأله هل تحب أن تلقى ملك الموت؟ يقول لك لا. لذلك (ذلك ما كنت منه تحيد) تعني ذلك الذي كنت تفر منه أو ذلك لا تستطيع أن تفر منه والاثنين يعطيا معنى واحداً. (وجاءت سكرة الموت بالحق) هذا لكل من على قيد الحياة (ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد) هذه النفخة ستأخذ كل الأحياء الذي مات وانتهى الأمر بالنسبة له والذي على قيد الحياة (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) كلمة سائق تظهر أنك بذاتك لن تتقدم للحساب إنما تحتاج من يسوقك إلى الحساب. أنت معك سائق وشهيد، سائق يقودك إلى الحساب وشهيد يشهد عليك في كل ما عملت وعندنا آيات كثيرة في القرآن أن كل ما يشهد عليك أعضاءك ولسانك. شاهدي في هذه الآيات أنك يا ابن آدم ميت لا محالة، أنك ستلقى الله بلا شك فلماذا التأخير ولماذا التسويف؟ سوف أتوب، سوف أتحجب؟ لماذا هذا التأجيل؟ أنت لا تضمن متى تأتي ساعتك أو متى يأتيك ملك الموت لكن ما تضمنه عملك فإعمل. من أول لحظة بعد سائق وشهيد سيبدأ الاختصام مع القرين والآية قاطعة (بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) لا عذر لك يوم القيامة (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)) البصر الذي كان ضعيفاً والبصر هنا يعني البصر والبصيرة على حد سواء، كان فيها ضعف في الدنيا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك في غاية القوة والله تعالى ضرب المثل بالحديد في الآية دليل على القوة ذلك أنه من أشد جنود الله. جنود الله عشرة أشدها الجبال الرواسي ثم الحديد، أشد جنود الله في الأرض عشرة الجبال الرواسي والحديد يقطع الجبال والنار تذيب الحديد والماء يطفئ النار والسحاب يحمل الماء والريح يقطع السحاب وابن آدم يغلب الريح والسكر يغلب ابن آدم والنوم يغلب السكر والموت يغلب النوم. فبصرك اليوم حديد أي سيبقى في منتهى القوة فأنت اتبعت هواك في الدنيا لكنك لن تستطيع أن تفعلها في الآخرة (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين) لن ينفعك أحد حتى الذين عبدتهم من دون الله وحتى هواك سيتخلى عنك. ما هو الغطاء؟ الغطاء الذي تسبب في الغفلة الذي أحببته ووافقت له واستسلمت له من جماعة السوء وأصدقاء السوء والصحبة السوء التي تعمل غطاء غفلة ويعيش الإنسان هكذا لا دين ولا عبودية ولا معاملات ثم فجأة (وجاءت سكرة الموت ذلك ما كنت منه تحيد) بعض الناس يخافون أن يسمعوا كلمة الموت ولذلك يقول (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) البصر الحديد ليس في الدنيا وإنما في الآخرة ولذلك يقول (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)) (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيم تركت) المولى تعالى قال له (كلا إنه كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) ولذلك ساعة الواحد منا ما يرى ملك الموت والملائكة إما بيض الوجوه أو سود الوجوه لن تتمكن من أن تقول أي شيء يا من كنت في غفلة (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) لكنه اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وعلى حُسن الخاتمة يبكي العارفون اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة، إجعلها دعاء ثابتاً عندك لذلك كان الرسول r يستعيذ من موت الفجاءة وقلنا أن من يصيبه الله تعالى بمرض من أمراض الموت هذه نعمة كأني بها تقول لك استعد بهذا المرض، قرُب الأجل، تأخذ إنذاراً فتستعد وهذه رحمة واسعة. الرسول r كان يستعيذ من موت الفجاءة والبعض يمرض مرض الموت وقد يطول عمره لأنه لكل أجل كتاب، فاستعد لأن المرض نعمة من الله تعالى لأن العاقبة بعد هذه الآيات مباشرة (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) حتى المؤمن والمتقي والمحسن، كل نفس معها سائق وشهيق. اختلف أهل التفسير وأهل اللغة على كلمة سائق، لما يقول كل نفس يعني فيها أنبياء ومرسلين، من يسوق الرسول؟ السائق يختلف.
    (سائق وشهيد) سائق تدلني على أنني لن أتقدم بذاتي للحساب ولا بد من سائق يسوقني إلى الله تبارك وتعالى. الذي يكون في الامتحان خائف يكون أحد اثنين إنما طالب مجتهد جداً أو طالب فاشل، سائق يسوقك لأنك حتى لو كانت أعمالك جيدة تخاف من الحساب والآخر ليس عنده أعمال ولذلك (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا) (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا) لم يذهب أحدهم لوحده. لذلك المولى تعالى جعل لكل أجل كتاب زماناً ومكاناً (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) لقمان) لا تدري أين ومتى تموت لذا أول ما يحصل سائق وشهيد سيبدأ الاختصام وستبدأ كل أسماء القيامة التي تهتز لها القلوب فيبدأ الله تبارك وتعالى الأمر الإلهي (ألقيا في جهنم كل جبار عنيد) هؤلاء الذين يدخلون النار بهذه السرعة هؤلاء الذين اتخذوا مع الله إلهاً آخر لما يدخلوا النار ويظهر الاختصام بين القرين والانسان ستبدأ منطقة مهمة من أهم مناطق العقيدة أول ما يقوله القرين (ربنا ما أطغيته ولكن كان في صلال بعيد) تبرأ القرين من الكافر هذا نوع من أنواع الاختصام ومحاولة إلقاء العذر. القرآن يتكلم عن طرف واحد وهو القرين فقال المولى عز وجل (لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد) دليل على أنه حصل اختصام لكن لأن كلامك لم يعد له اعتبار لم يذكر القرآن نفهم من هذا أن كلامك يا ابن آدم إن كنت من أهل النار لا اعتبار له هذه كما قال تعالى (رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيم تركت كلا إنها كلمة هو قائلها) القرآن لم يعطه اهتماماً لذا أتى القرآن بكلام القرين وبكلام الله عز وجل وكلام الله عز وجل يوضح الإختصام بين هذا الغافل والقرين الكلام الذي لم يصرح به بين الغافل والقرين. (ما يبدل القول لديّ وما أنا بظلام للعبيد) ما يبدل القول لديّ مسألة القضاء والقدر مسألة خطيرة في العقيدة. نذكر ما قاله الرسول r لما سأله جبريل عن الإيمان قال وتؤمن بالقدر خيره وشره فالإيمان به من أصول الاعتقاد الحق لما نسمع آية ق (ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) وعندنا في مطلع الآيات (ألقيا في جهنم كل جبار عنيد) مهما اختصمتما فالله لا يبدل القول لديه وما هو بظلام للعبيد. الأمر يبدأ من ساعة أول الخلق ساعة خلق الله الخلق، البعض يعتقد أن الدعاء يرد القضاء أو يرد القدر وهناك حديث بهذا الخصوص لكن فيه ضعف في السند وفي المتن. يجب أن نفهمها بعقيدة المسلم الحق، ما القضاء والقدر؟ ما هو أمر الله؟ فيم يتلخص أمر الله؟ القرآن يقول (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يقول له) الضمير في (له) يدل على أن الشيء موجود. (كن) تتلخص هنا في - إظهر للناس - لكن الشيء موجود عنده سبحانه وتعالى. إذا أراد الله شئياً وأول ما تنصرف الإرادة للشيء يقول له تعالى (كُن) يعني الشيء موجود و(كن) يعني إظهر، (له) يعني موجود أنت لا تراه بالنسبة لك لكن بالنسبة لله تعالى موجودة إذن الأمر الإلهي أزلي يعني قديم قبل آدم والخلق ونعود لما قاله رسول الله r في الحديث الصحيح " كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة (خمسين ألف سنة هذا رقم للتهويل) وقد تكون المسألة أكبر من الرقم وهذه عادة العرب وعادة القرآن مثل (إن تستغفر لهم سبعين مرة) يعني مهما تستغفر لهم فلن يغفر الله لهم. ليس هناك شيء حادث بالنسبة لله القضاء ما قضى الله به أزلاً والقدر هو وقوع القضاء في الساعة التي أمر الله تعالى بها إذن لا شيء يتغير لا دعاء يغيرها ولا عقيدة تردها ويجب أن تكون العقيدة هكذا لأن هذه من أصول الاعتقاد أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلة واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، خير تقول الحمد لله وشر تقول الحمد لله لأن الحمد لله كلمة مزدوجة الأداء تقال عند الكرب فتفرجه وتقال عند الخير فتزيده ليس لنا غيرها الحمد لله على كل حال وفي أي حال. " كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ثم خلق الله أول ما خلق القلم وقال له اكتب قال القلم ما أكتب؟ قال اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة" فكل شيء عند الله أزلي قديم لا أحداث مستجدة عند الله وإنما هي مستجدة عندنا. كيف نفهم القضاء والقدر هذا ما سنعرضه في الحلقة الأخيرة
    كلمات مفتاحية  :
    الدين القيم

    تعليقات الزوار ()