الحلقة 15:
زمرة الأبرار
زمرة الأبرار هذه زمرة يتمناها كل مسلم كما قال تعالى (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) آل عمران) (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) الإنسان). الأبرار هم الزاهدون في هذه الدنيا الذين لا يرون الدنيا إلا لقمة تسد جوعتهم وهِدمة تستر عورتهم فإن كان لهم سقف يُظلهم فبخٍ بخٍ وتركوا كل ما عدا ذلك وراءهم كما روى عمار بن ياسر عن رسول الله r قال: " ما تزيّن الأبرار بشيء بمثل الزُهد في الدنيا"، فالزاهدزن في الدنيا هم الأبرار هذه الزمرة العظيمة المكرمة ذات الشأن الرفيع يوم القيامة الذين إشتروا الآخرة وباعوا دنياهم. وحينئذ يلقاهم الله عز وجل على منابر من نور.
يقول ٍ كما روى فُضالة ابن عبيد " طوبى لمن هُديَ للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنِع". تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : ما شبع النبي r يوماً من أكلة وما رُفِع من أمامه مائدة فيها فضل (لأن المائدة التي كان r يأكل منها لا تحتوي إلا على لقيمات قليلة لا تكفي ولا تُشبِع لذا لا يمكن أن يكون فيها فضل) وما جمع r لونين على مائدة ولو شاء لشبع، ولكن هكذا هو فعل الأبرار والنبي r سيد الأبرار وسيد الخلق كلهم وهو قدوتهم ومثلهم. من أجل هذا إن الزهد في الدنيا هو الفيصل يوم القيامة " أكثركم شبعاً في الدنيا أكثركم جوعاً في الآخرة والعكس بالعكس" فإذا أردت أن تكون من الأغنياء يوم القيامة فلا ينبغي أن تكون من الأغنياء في الدنيا كما في الحديث " إن المكثرين هم الهالكون" من حيث أن الغنى له الآثار في المأكل والمشرب والملبس والمسكن وعلاقته بالآخرين وتكوين نفسيته ما يحيق به الخطر من كل مكان. من أجل هذا ذو العيال المُقِلّ والذي يموت وحاجته في صدره والذي لا يستطيع أن يُشبِع عياله ولا أن يكفيهم وهو عفيف متعفف كما ذكرنا في أهل الجنة وملوكها عفيف متعفف ذو عيال زاهد في الدنيا لا يضره ولا يغرّه أن يبيت بلا عشاء. هؤلاء هم الأبرار وهم الأولياء الصالحون يوم القيامة الذين تفتح لهم البلدان ويسيتقى بهم الغمام وتُسدّ بهم الثغور وهم أهل الكرامات الصالحون الذين ابتلوا هذا العصر بالطعن عليهم وهذا من بلية هذا العصر. ونسأله أن يجعلنا وإياكم من الأبرار الصالحين الذين يزهدون في الدنيا وهذا لا يناله إلا من أراد الله تعالى له الخير.