الحلقة 19:
زمرة المتحابين في الله
(وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10) الحشر) إذا لم يكن في قلبك غلٌ للذين آمنوا فلا بد أنك يحبهم في الله عز وجل والمتحلبين في الله في ظل العرش يوم القيامة، والمتحابون في الله على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. ذلك الموقف الصعب يوم الفزع الأكبر ضمن الذين لا يهولهم الفزع الأكبر المتحابون في الله. هذا الحب في الله من أقوى علامات كمال الإيمان. فإذا أردت أن تعرف أن إيمانك قد اكتمل فاسأل نفسك كم من الناس تحبهم في الله لا تشتري منهم طمعاً ولا ترجو منهم نفعاً وليس لك لهم حاجة وليسوا من أهل السلطان لكي تتقرب وتتزلف لهم ولا من أهل المال لترجوه من أيديهم لا تحبهم إلا لله عز وجل. حينئذ أحصي ما في قلبك كم من الناس تحبهم من الأحياء والأموات واختر لنفسك قوماً تحبهم وتظن فيهم الصلاح وأنت لا تزكي على الله أحداً لأن أصحاب النبي r ما فرحوا بشيء كما فرحوا بقوله r: "إن الرجل ليحب القوم لا يلحقهم بعمل يُبعث معهم لحبّه لهم". قد يحب شخص ما النبي r أو آل بيته أو الصحابة أو التابعين أو الصديقين أو واحداً من العلماء المرموقين حاضراً أو ماضياً يعتقد بصلاحه الصلاح الكامل فيحبه لله ويؤدي شروط هذا الحب من الإحترام والتواضع والخير يزوره في الله ويتبادل وإياه في الله ويدفع عنه ويدعو له بظهر الغيب، هذا الإنسان تحبه لصلاحه العظيم وأنت تعلم أنك لست بجانبه أو بقربه في عمله الصالح أنت بهذا الحب تُبعث معه وتنزل منزلته ودرجته يوم القيامة. سأل أحد المسلمين رسول الله r: متى الساعة؟ قال r: ويحك وماذا أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها كثير صلاة ولا كثير صيام إلا إني أحبك، فقال r: أنت مع من أحببت. هذا الرجل مهما بلغ لن يبلغ أدنى مستويات الرسول r لكنه نال درجة في الجنة بدرجة الرسول r بحبه لرسول الله r.
هذه القاعدة في الإسلام: إثنان تحابا في الله وافترقا لله، هذه أبواب وزمر فتحها الله تعالى لعباده لئلا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة. ليس لك عذر إن تخلّفت عن الركب، هذا هو باب مفتوح. ألم تقرأ في التاريخ عن رجل تظنه من أهل الصلاح والمواقف الكريمة، سلطان عادل، وليّ صالح، عالم عامل بكل شروط هذا العامل فأحببته لأجل ذلك وقد لا تراه وقد لا تجتمع به وتحبه غيباً لصلاحه فتبعث معه في درجته ويا لها من درجة عظيمة! فاختر لنفسك مع أي الناس تريد أن تُبعث يوم القيامة ومع أي الناس يكتمل عملك الناقص بمجرد أنك تحبهم.
اللهم اجعلنا ممن يحب فيك ويُبغض فيك