المنهج العلمي
للشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم
آداب طلب العلم
هناك بعض النصائح التي نحتاج -أيضاً- للكلام فيها بين يدي الكلام في موضوع طلب العلم. ......
1- تصحيح النية
أول هذه النصائح هو تصحيح النية، فالذي لا يصحح نيته يتعب نفسه، ويكون تعبه هباء منثوراً، فلا بد أولاً من تصحيح النية، بأن يريد بالعلم وجه الله عز وجل ونيل فضائله.
2- مراعاة فقه الأولويات
وأمر مهم آخر فيما يتعلق بموضوع طلب العلم، وهو مراعاة الأولويات في المقاصد التي يطلبها الإنسان في العلم، وفقه الأولويات معناه أن هناك من العلوم ما هو علوم خادمة وهي علوم الوسائل، وعلوم مخدومة وهي علوم المقاصد، فلابد للإنسان من أن يبتدئ أولاً بالانشغال بهذه العلوم المخدومة، فيعطي أولوية لنوعين من العلوم، وهي فقه الإيمان وفقه الأحكام، أو بعبارة أخرى: الفقه والتوحيد. وفقه الإيمان يعني أمور العقيدة ومسائل التوحيد والإيمان، أن يفقهها ويتعلمها على مذهب السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فالأولوية المطلقة هي للتوحيد الذي هو فقه الإيمان والعقيدة. ثانياً: فقه الأحكام، وهو فقه العبادات الذي به يصحح الإنسان عبادته ويعبد ربه تبارك وتعالى، فالعلوم إذاً علوم غاية وعلوم وسيلة. فعلوم الغاية هي التوحيد والفقه. وعلوم الوسيلة هي العلوم الخادمة، كاللغة والنحو والصرف، وغير ذلك من العلوم التي تكون خادمة ووسيلة لخدمة ما عداها من العلوم. والنجاة في فقه الإيمان أن يكون على مذهب السلف، والنجاة في فقه الأحكام أن لا يتعصب الإنسان لآراء الرجال ويخالف الدليل إذا ثبت لديه، حتى ولو تمذهب لا يكون متعصباً، فلا يقدم آراء الرجال على حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
3- الشمولية والتوازن
ومن النصائح المهمة في هذا الباب الشمولية والتوازن. والتوازن معناه أن الإنسان يأخذ من العلم حسب وظائفه؛ لأن الناس تتفاوت أشغالهم، فمنهم التاجر، ومنهم طالب العلم، ومنهم طالب في الكلية، وهكذا تتفاوت الظروف، وبالتالي يتفاوت حظ الإنسان من هذه العلوم بقدر تفاوت وظائفه الأخرى، فالمطلوب أن يكون عند الإنسان نوع من التوازن بين هذه الواجبات، حتى لا يضيع حق أي طلب، وفي الحديث: (إن لجسدك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا، وإن لربك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه)، فحتى لا ينقطع الإنسان ينبغي أن يوجد من البداية نوع من التبادل بين وظائفه، ويختار الدرجة من العلم التي تناسب ظروفه حتى لا يحدث اضطراب يؤثر على سيره في طلب العلم.
4- التدرج في طلب العلم
ولابد من التدرج في سلم التعلم، فيتلقى المبادئ الأولية من كل علم، خاصة علمي التوحيد والفقه، فلابد من المبادئ الأولية أولاً، ولا يقفز مباشرة إلى المراجع الكبيرة أو إلى العلوم التي يمكن تأجيلها، فلا ينشغل بشيء أهم عما هو أهم منه.
5- تلقي العلم عن الشيوخ
الأصل في العلم أن يتلقاه الإنسان عن الشيوخ مشافهة، فهذه هي الطريقة الصحيحة مطلقاً لطلب العلم. أما عند العجز عن ذلك فنضطر في مثل هذا الزمان إلى البدائل، فالإنسان يطلب العلم عن الشيوخ، فإذا لم يجد شيوخاً يرحل إلى أقرب بلد فيها شيوخ ويطلب العلم على أيديهم ويلازمهم ويكثر الجلوس إليهم، فإن لم يجد فالبديل أن يترقب الأمثل فالأمثل، وهو الأقرب نسبياً للشخص الذي يمكن أن يكون أعلم منه ويفيده في توجيهه في طلب العلم، فإن لم يجد فالبديل هو التلقي عن طريق الكتب، لكن لابد من الأخذ عن شيخ يعلمه مبادئ العلوم الخادمة كعلوم اللغة العربية ومنها علم النحو، وأغلب من يصل اليوم إلى مرحلة الثانوية العامة في الغالب له شيخ -بل شيوخ- في اللغة العربية؛ لأنه يدرسها في المدرسة بصورة تؤهله لأن يستفيد من هذه الدراسة في العلوم الشرعية. فالأصل هو تلقي العلم عن الشيوخ، إلا إذا تعذر أو تعثر ذلك فيبحث عن بديل، والبدائل -كما ذكرنا- طالب علم أقوى منه أو أسبق تجربة فيفيده، أو أشرطة الشيوخ، وهناك بعض المتون والكتب قد شرحها كثير من الشيوخ الأفاضل فينبغي الرجوع إليها للإستفادة منها والاقتباس من نورهم، أو قراءة الكتب.
6- احترام العلماء
حتى لا يحرم الإنسان من بركة العلم فإنه محتاج لبعض التوجيهات، وأهمها احترام العلماء، يقول الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]. ويقول تبارك وتعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] فهذه علامة التقوى في القلب، تعظيم شعائر الله، والشعيرة: هي كل ما أذن الله به وأشعر بفضله وتعظيمه. كل شيء أذن الله به وأشعرنا بفضله وتعظيمه فهذا هو الشعيرة، وتعظيم أهل العلم وأهل الخير من شعائر الإسلام، فإهانتهم إهانة للإسلام، وفي الحديث السالف الذكر: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط). ويقول الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى: (اعلم -يا أخي، وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة). يعني أن لحوم العلماء من أكلها بالغيبة سم ومات وهلك، قال: (أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك ستر منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالسب ابتلاه الله قبل موته بموت في القلب). ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه! لا تغتابوا المسلمين ولا تستبيحوا عوراتهم؛ فإن من يتتبع عورة أخيه يتتبع الله عورته، ومن يتتبع الله عورته يفضحه ولو في عقر داره) أو كما قال صلى الله عليه وسلم. ويقول عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه) (ليس منا) هذا تبرؤ من النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: ليس على طريقنا ولا من أهل هدينا. وكان السلف يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار. وقال بعضهم: أعراض العلماء حفرة من حفر جهنم. وقال الله عز وجل في الحديث المعروف: (من عادى لي ولياً فقد بارزته بالحرب)، ولذلك جاء عن الأئمة أبي حنيفة والشافعي: (إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي). إن لم يكن أهل العلم أولى الناس بالله وبنصرة الله ومحبته فلم يبق في هذه الأرض أولياء، فالأولياء ليسوا مجانين وليسوا أطفالاً يسيل لعابهم من أفواههم كما يقول بعض المعتوهين من أمثالهم: هذا ولي. ويبنون عليهم الأضرحة بعد أن يموتوا، والواحد منهم يكون معتوهاً -أي: يكون مريضاً بالعته ونقص العقل- يمشي متجرداً من ثيابه، أو يسيل لعابه في الطرقات، أو يفعل هذه الأشياء وهو في الحقيقة معذور؛ لأنه ليس عنده عقل، وهو غير مكلف، ثم يقولون: هذا ولي من أولياء الله، ويبالغون في ذلك، خاصة في الأرياف فإنه معروف وكثير، فهذا لا يمكن أبداً أن يصدق، بل أولياء الله ليس فيهم مجنون، ولابد من أن يكون أولياء الله عقلاء، بل هم أعقل الناس على الإطلاق. فهذا الأمر من ضمانات الفلاح في طلب العلم، أن يراعي الإنسان حرمة أهل العلم ولا يطعن فيهم ولا يتطاول عليهم، وإلا نزعت منه بركة هذا العلم. ......
7- الحذر من الاشتغال باختلافات العلماء
أيضاً من النصائح التي أهداها العلماء في مثل هذا الموضوع ما قال بعضهم: على طالب العلم أن يحذر في ابتداء أمره الاشتغال بالاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقاً. فينبغي لطالب العلم إذا حدد لنفسه هذا الهدف أن يبني على هذا الهدف ويبعد نفسه تماماً عن الاختلافات والصراعات، ومن ذلك الاختلافات في الأمور الفقهية والأمور العلمية، لا يفتح عينه أول ما يفتحها على أمور تتناطح فيها الجبال ويقوم فيها العمالقة من العلماء والمجتهدين، فعليه أن يحذر في ابتداء أمره الاشتغال في الاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقاً، سواء في العقليات أو السمعيات، فإنه يحير الذهن ويدهش العقل، بل عليه أن يتقن أولاً كتاباً واحداً في فن واحد -أو كتباً في فنون إن كان ذلك أحسن له- على طريقة واحدة يرتضيها له شيخه، فإما أن يبقى على كتاب واحد ويتقنه تماماً حتى يحفظه ويترك الشيخ يمتحنه فيه مثلاً، وإما أن يشتغل بأكثر من فن إذا كان الشيخ يرجح له أنه يناسبه أن يشتغل بأكثر من فن في وقت واحد حسب الأمثل له، فالمهم أن يبقى على شيء ولا يشتت نفسه.
8- الحذر من القراءة العشوائية
ينبغي أن يحذر الإنسان من القراءة العشوائية، وهذه آفة الآفات، فالموضوع عند بعضهم تسلية، فلا يؤديه بصورة مسئولية أو عبادة عظيمة أو فرض كفاية، لكن المسألة عنده عبارة عن قراءة عشوائية يجمع الكتب ويحسنها ثم لا يقرأ من هذه الكتب شيئاً إلا أنه يأخذ ما يروق لمزاجه، فالشيء الذي يأتي على هواه يقرأ فيه، أما الشيء الصعب عليه فلا يصبر عليه، فهو يتبع ما يوافق هواه فقط وما يحبه من العلوم، أما العلوم الصعبة فإنه يذاكرها إن كان في الجامعة فقط، فإذا كان هناك في الجامعة مادة صعبة فإنه يسهر الليالي ويبتدع كل وسيلة ممكنة كي يفهم هذه المسألة، يذهب إلى المدرس، ويذهب إلى زميله يأتي بالكتب والمراجع، ويكد الليل والنهار في سبيل أن يفهم ما صعب عليه فهمه. أما العلوم الشرعية فهو إما أن يقرأها على السرير إلى أن ينام، أو يقرأ الشيء الذي يروق له ويبتعد تماماً عن الشيء الذي يجده صعباً، فمثل هذا لا يأتي بنتيجة، هذه قراءة جرائد ليست قراءة طالب العلم. فليحذر -كما قال العلماء- في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات، فإنه يضيع زمانه ويفرق ذهنه، تمر سنوات وسنوات وفي النهاية يجد نفسه ما حصل شيئاً؛ لأنه لم يحقق بل شتت نفسه. فعليه أن يعطي الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يدرسه كُلِّيته حتى يتقنه، فيهتم به ولا يشتت نفسه في قراءة المجلدات وفي قراءة الكتب في العلوم الأخرى. وطالب العلم ينبغي أن يكون في سلوكه وفي منهجه مختلفاً تماماً عمن عداه، ولماذا نعذر الطالب الذي يكون في كلية أو في معهد أو مدرسة ونقول: لا أحد يزوره؛ فعنده امتحانات ويكون في حالة طوارئ لا أحد يقترب من البيت ولا يزوره؟ وهو عذر كل الناس تقبله، فلماذا طلب العلم الشرعي لا يكون فيه هذا التعظيم؟ وهو أولى بالتعظيم والتركيز وقطع العلائق في سبيل تحصيل هذا الهدف ولو إلى حين. كذلك يحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب، فإنه علامة الضجر وعدم الإفلاح، فالانتقال من كتاب لكتاب من غير ما يوجب ذلك هو علامة الضجر، ومثل هذا لا يفلح ولا يأتي منه خير، هذا إذا كان مبتدئاً، أما إذا تحققت أهليته وتأكدت معرفته فالأولى أن لا يدع فناً من الفنون من العلوم الشرعية إلا نظر فيه، فإن ساعده القدر وطول العمر على التعمق فيه فذاك، وإلا فقد استفاد منه ما يزيل به عداوة الجهل بذلك العلم، ويعتني من كل علم بالأهم فالأهم، ولا يغفلن عن العمل الذي هو المقصود بالعلم.
9- طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها
فطلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها، فالإنسان لا يقفز على السلم، فلا ينبغي تعديتها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف، ومن تعدى سبيلهم عامداً ضل، ومن تعداه مجتهداً ذل. فأول ما ينبغي الاشتغال به في العلم حفظ كتاب الله تبارك وتعالى وتفهمه وكل ما يعين على فهمه، وهذا ما سنفصله إن شاء الله تعالى، لكن قبل ذلك أيضاً نشير إلى أمر مهم جداً بالنسبة لطالب العلم، وقد أشرنا إليه من قبل، وهو أنه لابد من أمرين: لابد من المنهجية ولابد من المرحلية، لابد من أن يتوافق الأمران منهجياً، لابد من أن يكون هناك منهج محدد في كل علم من العلوم تدرسه، وحبذا لو تقرأه على شيخ، فلابد من المنهجية، لابد من منهج يحصر في كتب محددة يتم انتقاؤها بعناية، ولا تتجاوزها ولا تقرأ في غيرها، وتسهر فيها الليل والنهار تلخص وتحفظ وتذاكر وتسمع وتتعاون مع إخوانك في حفظها ومذاكرتها، فلابد أولاً من المنهجية، ثم لابد من المرحلية الزمنية، بأن يكون هناك جدول زمني للقراءة في مادة معينة أو في فن معين أو في كتاب معين، فقد تمر الأيام الطويلة ولا تحاسب نفسك ولا تشعر بأن مراحل العمر تطوى وأنت لا تشعر ولم تحصل بعد شيئاً، فلابد من الأمرين: منهجية ومرحلية زمنية. وأهمية هذا الموضوع الذي نتكلم فيه تنشأ وتتسرب إلى الذهن بمجرد أن الإنسان يزور معرضاً من معارض الكتب، فنحن عندنا الآن في هذا الزمان ما يصح أن نطلق عليه -إذا لم يكن في العلوم الشرعية- أنه نوع من إسهال تأليفي كما يقول بعضهم، فقد كثرت الكتب كثرة غير عادية، حتى وصل بعض الخبثاء والشياطين في هذه الأيام إلى أن أعادوا طباعة كتب السحر، وتجد جناحاً مستقلاً في كثير من معارض الكتب لكتب تعليم السحر، والعياذ بالله تبارك وتعالى، وهذا -بلا شك- كفر، ويجب على كل مسلم في معرض من هذه المعارض أن يكلم صاحب تلك الكتب، فعلى الأقل إن لم يكن يخاف من الله ويستحيي يخاف على تجارته أن تبور، فقل له: هذا حرام وهذا كفر. ولو أن كل أخ دخل وأنكر عليه فإنه سيتشكك في مسلكه، وعلى الأقل يبعد هذه الكتب التي يمكن أن تفتن الناس وتعصف بإيمانهم عصفاً وتقتلعه من جذوره. فينبغي على أي أخ مسلم يوجد في مثل هذه المعارض أن يتوجه إلى من يبيع تلك الكتب وينصحه في الله ويتلو عليه الآيات في سليمان عليه السلام ويقول له: قال تعالى: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] وأنت بهذا تساعد على تعليم الناس السحر، والمال الذي تأخذه من هذا حرام، وهذا السحر كفر. ونحو هذا.
10- طالب العلم وموقفه من العلوم ومعارض الكتب
فمعارض الكتب لو أن إنساناً صاحب اتجاه علمي أو فكري محدد دخل معارض الكتب في هذا الزمان تصيبه حيرة وملالة الله بها عليم، فكيف يكون الشاب الذي ليست عنده خلفية أصلاً؟ أو طالب العلم الذي ليس عنده خلفية؟ أو أي أحد يرغب في طلب العلم ولا يعرف أي اتجاه يسلك، أيسلك اتجاهاً سلفياً أو اتجاهاً خلفياً صوفياً أو أشعرياً أو سنيّاً أو بدعياً؟ وهل يقرأ في كتب الفكر أو الفقه، لا يعرف شيئاً وما عنده خبرة، لاشك أن هذا يكون أشد ملالة وأشد تشتيتاً إذا دخل معارض الكتب، فهذا يعكس تأكيد النصيحة فيما يتعلق بالاهتمام بمنهج محدد في طلب العلم. وأيضاً يحذر الإنسان -كما أشرنا ضمناً- أن يميل فيقرأ العلوم التي يميل إليها فقط، بل على طالب العلم أن لا يقتصر على العلوم التي يميل إليها، فهذه العلوم التي يميل إليها يمكن أن يكون لها وقت آخر إذا أصابه ضجر أو ملالة، لكن لابد من أن يدرس العلم بصورة منهجية، حتى وإن كانت هناك بعض العلوم التي لا يميل إليها، أو يجد فيها صعوبة كأصول الفقه مثلاً أو غيره من العلوم التي يكون فيها شيء من الجفاف أو الصعوبة، فعليه أن يصبر ويحتال حتى يعرف طريقة حلَّ رموزها أو الاستعانة بمن هو أخبر منه في طلب العلم حتى يفرغ منه مع مرور الوقت ومرور الزمن.