جرائم الشرف
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فمن التناقض الذي يوقع الشيطانُ الناسَ فيه أن يغويهم إلى الانحراف الأسري، فيسمح الرجل لأبنائه بكل ما قد يسبب لهم الفساد مثل استخدام (الدش) بدون رقابة، وترك الانترنت دونما حساب، وإدمان استخدام الهاتف، ومصاحبة المنحرفين وأشباههم، ثم إن حدث ووقع الفتى أو الفتاة في الانحراف أخذت الأسرة في لومهم والتبرؤ منهم لا سيما في ما يتعلق بالنساء، وهنا منطقة ملغومة يصاحبها فكر شاذ في أن الفتاة إن انحرفت فأقامت علاقة ما مع رجل مثلاً فإن عقابها هو القتل دفاعاً عن الشرف فيما يعرف بجريمة الشرف، في حين لا يفعلون ذلك مع ابنهم إن اكتشفوا انحرافه إلى نفس الخطأ، فتصبح الجريمة مزدوجة، إهمال ثم محاسبة، فلا الإهمال كان جائزاً ولا العقاب بطريقة شرعية.
ولا نعني بذلك أننا لا نغار على الأعراض، وإنما نقول: ينبغي أن نتفهم تلك الأسباب التي أدت إلى الانحراف لمعالجتها، ثم إن عاقبنا فنعاقب بطريقة يرضاها الشرع.
إن أكبر شيء يمكن أن تنحرف إليه الفتاة هو الزنا، ومع ذلك فالشرع وضع عقوبة لذلك الجرم لا تصل إلى القتل أبداً في حق العَزَب، وإنما إن قامت الأدلة من الشهود أو الإقرار أو الحمل وبضوابط تلك الشروط فإن العقاب يكون الجلد مائة جلدة للذكر وللأنثى على السواء، قال -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)(النور:2).
وإن حدث إكراه في ذلك -وهو كثير- فإن المرأة معذورة ولا إثم عليها ولا عقاب، قال -تعالى-: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(النور:33)، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسيرها: غفور لهن.
فالذين ينتقمون من المرأة بغير دليل وبغير الطريق الشرعية أيضاً مجرمون ويحتاجون إلى عقاب، وكذلك فإن باب العفو والتشجيع على التوبة مفتوح، وهو أليق بالناس لا سيما إن كان الخطأ في أوله وبدايته.