بتـــــاريخ : 3/1/2009 8:21:03 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1340 0


    الأمر بالمعروف .. الفريضة المنسية

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : مجموعة سماحة الاسلام | المصدر : www.alameron.com

    كلمات مفتاحية  :
    الأمر المعروف الفريضة المنسية

     

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    فإن من أهم المهمات وأفضل القربات التناصح والتوجيه إلى الخيروالتواصي بالحق والصبر عليه، والتحذير مما يخالفه ويغضب الله عز وجل ويباعد منرحمته.
    والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منزلته عظيمة، وقد عده العلماءالركن السادس من أركان الإسلام، وقدمه الله عز وجل على الإيمان كما في قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُالْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُالْفَاسِقُونَ. وقدمه الله عز وجل في سورة التوبة على إقامة الصلاةوإيتاء الزكاة فقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَبِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَالزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
    وفي هذا التقديم إيضاح لعظم شأن هذا الواجب وبيان لأهميته في حياةالأفراد والمجتمعات والشعوب. وبتحقيقة والقيام به تصلح الأمة ويكثر فيها الخيرويضمحل الشر ويقل المنكر. وبإضاعته تكون العواقب الوخيمة والكوارث العظيمة والشرورالكثيرة، وتتفرق الأمة وتقسو القلوب أو تموت، وتظهر الرذائل وتنتشر، ويظهر صوتالباطل، ويفشو المنكر.
    ومن فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مايلي:
    أولأ: أنه من مهام وأعمال الرسل عليهم السلام، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَوَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ.
    ثانيا: أنه من صفات المؤمنين كما قال تعالى: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَالسَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِوَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، على عكسأهل الشر و الفسادالْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنبَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَأَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُالْفَاسِقُونَ.
    ثالثا: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الصالحين، قالتعالى: لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَآيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللّهِوَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِوَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ.

     

    رابعا: من خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ.
    خامسا: التمكين في الأرض، قال تعالى: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُاالزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِعَاقِبَةُ الْأُمُورِ.
    سادسا: أنه من أسباب النصر، قال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَإِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَوَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُالْأُمُورِ.
    سابعا: عظم فضل القيام به كما قال تعالى: لاَّخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْمَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاءمَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. و قولهصلى الله عليه وسلم : { من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك منأجورهم شيئا } [رواه مسلم].
    ثامنا: أنه من أسباب تكفير الذنوب كما قال عليه الصلاة والسلام: { فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر } [رواه أحمد].
    تاسعا: في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظ للضروراتالخمس في الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرمن الفضائل غير ما ذكرنا. وإذ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعطلت رايتة ظهرالفساد في البر والبحر وترتب على تركة أمور عظيمة منها:
    1- وقوع الهلاك والعذاب، قال الله عز وجل: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةًوَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. وعنحذيفة رضى الله عنه  مرفوعا: { والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكرأو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابأ منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم } [متفق عليه].
    ولما قالت أم المؤمنين زينت رضي الله عنها: "أنهلكوفينا الصالحون؟" قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم : { نعم، إذا كثر الخبث } [رواه ا لبخاري].
    2- عدم إجابة الدعاء، وقد وردت أحاديث في ذلك منها حديث عائشة رضيالله عنها مرفوعا: { مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم } [رواه أحمد].
    3- انتفاء خيرية الأمة، قال صلى الله عليه وسلم : { والله لتأمرنبالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنهعلى الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم } [رواهأبوداود].
    4- تسلط الفساق والفجار والكفار، وتزيين المعاصي، وشيوع المنكرواستمرائُه.
    5- ظهور الجهل، واندثار العلم، وتخبط الأمة في ظلمة حالكة لا فجرلها. ويكفي عذاب الله عز وجل لمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتسلطالأعداء والمنافقين عليه، وضعف شوكته وقلة هيبته.
    أخى المسلم:
    قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله: "فلو قدر أن رجلا يصومالنهار ويقوم الليل ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع هذا لا يغضب لله، ولا يتمعر وجهه،ولا يحمر، فلا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، فهذا الرجل من أبغض الناس عندالله، وأقلهم دينا، وأصحاب الكبائر أحسن عند الله منه".
    خطوات الإنكار و الأمر:
    أولا: التعريف، فإن الجاهل يقوم على الشيء لا يظنه منكرا، فيجبإيضاحه له، ويؤمر بالمعروف ويبين له عظم أجره وجزيل ثواب من قام به، ويكون ذلك بحسنأدب ولين ورفق.
    ثانيا: الوعظ وذلك بالتخويف من عذاب الله عز وجل وعقابه وذكر آثارالذنوب والمعاصي، ويكون ذلك بشفقة ورحمة له.
    ثالثا: الرفع إلى أهل الحسبة إذا ظهر عناده وإ صراره.
    رابعا: التكرار وعدم اليأس فإن الأنبياء والمرسلين أمروا بالمعروفوأعظمه التوحيد، وحذروا عن المنكر وأعظمه الشرك، سنوات طويلة دون كلل أو ملل.
    خامسا: إهداء الكتاب والشريط النافع.
    سادسا: لمن كان له ولاية كزوجة وأبناء، فله الهجر والزجر والضرب.
    سابعا. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستوجب من الشخص الرفقوالحلم، وسعة الصدر والصبر، وعدم الانتصار للنفس، ورحمة الناس، والإشفاق عليهم، وكلذلك مدعاة إلى الحرص وبذل النفس.
    أخي المسلم:
    درجات تغيير المنكر ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: { منرأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفالإيمان } [رواه مسلم].
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: "ومن لم يكن في قلبه بغضما يبغضة الله ورسوله من المنكر الذي حرمه من الكفر والفسوق والعصيان، لم يكن فيقلبه الإيمان الذي أوجبه الله عليه، فإن لم يكن مبغضا لشيء من المحرمات أصلا لم يكنمعه إيمان أصلا".
    وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: "فالله الله إخواني،تمسكوا بأصل دينكم أوله وآخره أسه ورأسه، وهو "شهادة أن لا إله إلا الله " واعرفوامعناها وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت،وعادوهم وأبغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم أو لم يكفرهم، أو قال ما علي منهم، أو قال: ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، بل كلفه الله بهم وفرض عليه الكفربهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانه أو أولاده".
    أخي المسلم:
    شاع في بعض أوساط الناس الغفلة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،واعتبروا ذلك تدخلا في شئون الغير، وهذا من قلة الفهم ونقص الإيمان، فعن أبيبكر رضى الله عنه  قال: يا أيها الناس! إنكم لتقرؤون هذه الآية: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّإِذَا اهْتَدَيْتُمْ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: { إن الناسإذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه } [رواهأبوداود].

     

    وتأمل في سفينة المجتمع كما صورها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: { مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصاربعضهم أعلاها و بعضهم أسفلها، و كان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا علىمن فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا و لم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم و ماأرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا و نجوا جميعا }.
    ومع الأسف الشديد ظهرت في بعض المجتمعات ظاهرة خطيرة وهي الاستهزاءبالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولمزهم وغمزهم، والله عز وجل قد توعد الذينيؤذون المؤمنين والمؤمنات بعذاب أليم.
    وننبه الأحبة الكرام إلى خطورة الأمر، قال في حاشية ابن عابدين: إنمن قال:"فضولي" لمن يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكرفهو مرتد.
    وفي "الدر المختار" قال في فصلالفضولي: "هو من يشتغل بما لا يعنيه،فالقائل لمن يأمر بالمعروف: أنت فضولي، يخشى عليه الكفر".
    اللهم إجعلنا من الآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر، المقيمينلحدودك. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب. اللهم اغفر لنا و لوالدينا و لجميع المسلمين، و صلى الله على نبينا محمد و على آلهو صحبه وسلم
    كلمات مفتاحية  :
    الأمر المعروف الفريضة المنسية

    تعليقات الزوار ()