بتـــــاريخ : 2/21/2009 7:13:18 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1004 0


    المرأة المسلمة في العصر الحديث -التيار الوسطي

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د.صهيب مصطفى العمادي | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    المرأة المسلمة

    عدا تيار الجمود والتقليد وتيار التغريب –الذين ذكرناهما في المقالات السابقةة-، برز تيار آخر يدعو إلى تغيير وتجديد الوضع القائم قائلا إن الوضع القائم للمرأة ليس هو الوضع الإسلامي الصحيح وإنما هو مجموعة تقاليد موروثة من عصور الإنحطاط.
    وقد تميز هذا التيار عن تيار التغريب في مرجعية الحل فهو مع مطالبته بالحل وتغيير أوضاع المرأة، إلا أنه أراد لها الحل ذو المرجعية الإسلامية لا الحلول المستوردة والغربية، يقول الشيخ \"محمد الغزالي\": ونحن نؤكد مرة ومرة أن مكانة المرأة المسلمة في المجتمع المسلم شيء آخر غير ما يقع في أوروبا وأمريكا الآن للنساء وشيء آخر غير ما يقع في أقطار واسعة من العالم الإسلامي حيث شخصية المرأة ممحوقة من الناحية الدينية والثقافية، وقد تكون باقية للحديث عن ثوب غال وحلية نفيسة، أما ما عدا ذلك فهي منه صفر.. ولهذا يطالب أصحاب هذا التيار بإعادة الحقوق الإسلامية المسلوبة من المرأة -بسبب تقاليد جامدة- إليها كما يطالبون بإعادة النظر في واقع المرأة وواقع المجتمع قائلين بضرورة التمييز بين ما هو إسلامي نابع من أصول الإسلام وبين ما هو عرف تشبث به الناس، وبدون هذا التمييز يصعب الإصلاح حيث إن أهم ما يجب أن يهتم به المشتغلون بالفكر الإسلامي والدعوة الإسلامية، رصد التصورات والسلوكيات المرتبطة بأعراف القرون الماضية وتمييزها عما هو مبادئ شرعية وأحكام إسلامية ثابتة وكنسها من العقل والواقع الإسلاميين وبدون ذلك فسيصعب على دعاة الإصلاح وعلى رواد البعث الحضاري لأمة الإسلام أن ينالوا مبتغاهم في واقع لم يخلص من رواسب التخلف والجمود.
    إن رواد هذا التيار لا يوافقون التيارين الآخرين -الجمود والتغريب- بل يقفون ضدهما، ففي معرض الإنكار على آراء تيار الجمود يقول الشيخ \"محمد الغزالي\": إن عقلية السجّان لا تزال تسيطر على نفر غير قليل من المتحدثين في شؤون المرأة، إنهم يريدونها محبوسة في عقر الدار لا ترى أحدا ولا يراها أحد حتى تنتقل من ضيق البيت إلى ضيق القبر، ويقول أيضا: المرأة الروسية غزت الفضاء ويراد أن تعجز المسلمة عن معرفة الطريق إلى المسجد، كل دين في عصرنا مهما بلغ بطلانه ربط النساء بمعابده ويراد للإسلام وحده أن ينفي النساء من بيوت الله .. إن قضايا النساء لا تعالج بعلم بقدر ما تعالج بعقد نفسية وأمزجة سوداوية وقصور، يدّعي الغيرة ويتطاول على الحقائق.
    أما في معرض بيان التمييز بين الحل الإسلامي والحل الغربي فيقول: \"وبديهي أن الخط الذي رسمه الإسلام للمرأة غير الخط الذي رسمته الحضارة الحديثة فإن هذه الحضارة أطلقت الإختلاط وارتضت نتائجه على الأعراض ورفضت قيما دينية مقررة في كل وحي منزل\".
    ويتمثل هذا التيار في الشخصيات والجماعات الإسلامية التي تبنت النهج الوسطي مثل جماعة الإخوان المسلمين.. ومن المفكرين المعاصرين الذين يعدون رواد هذا التيار وتتميز آراؤهم بالوسطية الدكتور \"يوسف القرضاوي\" والدكتور \"محمد عمارة\" والأستاذ \"راشد الغنوشي\" والدكتور \"محمد سعيد رمضان البوطي\" وغيرهم.
    وباختصار فإن أصحاب هذا التيار يريدون تحسين أوضاع المرأة المسلمة ولكن ليس على الطريقة الغربية، ويبقى موضوع المرأة في الإسلام من المواضيع الحية التي ما انفك المفكرون يتناولونه ويعالجونه من خلال الإسلام بعيدا عن النموذج الحضاري الغربي وبعيدا عن عدد من الأفكار والتقاليد الموروثة من عصور الجمود والإنحطاط، فالحل الإسلامي \"الوسطي\" هو بديل الحل الغربي وبديل الجمود أيضا، وفي هذا يقول \"محمد قطب\": وقد كان هناك بديلا ثالثا للمصلح المخلص الذي يريد الله ورسوله ويريد تصحيح الأوضاع في المجتمع المنحرف ورفع الظلم عن المظلومين وهو الدعوة والجهاد لإعادة المجتمع الإسلامي إلى صورته الصحيحة التي ينبغي أن يكون عليها، ولكن أحدا من المصلحين القائمين يومئذ لم يدع إلى ذلك البديل الثالث وظل الخيار المعروف دائما هو إما الإبقاء على الأوضاع السيئة المتخلفة الظالمة وإما محو الإسلام ونبذه والإنسلاخ منه والاتجاه إلى أوروبا من أجل التقدم والتحضر والرقي.
    واليوم يمكن ملاحظة أن الفكر الإسلامي المعاصر أخذ ينتقل في تناوله لموضوع المرأة من الرد على الشبه التي ألقاها الغرب والعلمانيون العرب على موقف الإسلام من الموضوع إلى محاولة بلورة صيغة ترتكز إلى الأصول الإسلامية وتجيب أو تتجاوب مع إحتياجات الأمة الإسلامية في هذا العصر وهذا ما جعل الفكر الإسلامي يعالج هذا الموضوع الهام والأساسي والحساس على جبهتين، جبهة الصراع مع التحديات الآتية من الخارج وجبهة الصراع فيما يثيره من خلافية في الداخل الإسلامي نفسه ويمتد هذا الصراع الأخير في مجال الخلافية في التفسير والفقه وتحديد الموقف الإسلامي وهو مجال الحوار بين أهل العلم والفكر أنفسهم إلى مجال الصراع مع العادات والموروثات القائمة على أرض الواقع أي مع فئات إجتماعية وأفكار سائدة إجتماعيا.
    كان هذا عرضاً سريعاً للإتجاهات الثلاث القائمة اليوم في العالم الإسلامي إزاء قضية المرأة.
    وفي الختام ينبغي القول أن التيار الإسلامي \"الوسطي\" بالرغم من انه إستطاع الوقوف بوجه العلمانيين والتصدي لشبهاتهم بخصوص المرأة إلا أنه يفتقر لحد الآن إلى تقديم نماذج لرموز إسلامية نسوية أو منظمات واتحادات وجمعيات نسوية فاعلة تقدم النموذج الإسلامي لتحرير المرأة تقديماً عملياً، فلا نكاد نجد مثلا نماذج لعالمات مسلمات ومفكرات وسياسيات ضليعات..... وإن وجدت فهي نماذج قليلة وليست رموزاً عالمية.

    1. د.يوسف القرضاوي، مركز المرأة في الحياة الإسلامية
    2. د.محمد عمارة، التحرير الإسلامي للمرأة
    3. راشد الغنوشي، المرأة المسلمة في تونس بين توجيهات القرآن وواقع المجتمع التونسي
    4. د.محمد سعيد رمضان البوطي، المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني
    5. مجلة النهج، العدد 19، سنة 1999.

    كلمات مفتاحية  :
    المرأة المسلمة

    تعليقات الزوار ()