هناك مكان نعمل فيه، ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة، لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية: أولاً: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائماً بدون سبب، وأيضاً المغرب والعشاء، ولا يمسكون بأيديهم أسفل الصدر، فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا، جزاكم الله خيراً؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة كالمرض أو الاستحاضة للمرأة ، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها ، الظهر في وقتها والعصر في وقتها والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها ، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين إلا من دون علة شرعية ، وما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في المدينة ثماناً جميعاً ، وسبعاً جميعاً يعني الظهر والعصر والمغرب والعشاء هذا عند أهل العلم لعلة ، قال بعضهم أنه كان هناك وباء مرض ، وشق على المسلمين وجمع بهم - عليه الصلاة والسلام - ولم يحفظ إلا مرة واحدة - عليه الصلاة والسلام - لم يحفظ عنه أنه فعل هذا إلا مرةً واحدة ، لم يحفظ عنه أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائمة ، إنما جاء هذا مرةً واحدة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - عليه الصلاة والسلام -، وقال آخرون إن الجمع صوري وليس بحقيقي ، وإنما صلى الظهر في وقتها في أخره ، والعصر في أوله ، والمغرب في أخره والعشاء في أوله ، وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه صلى الظهر في آخر وقتها ، وقدم العصر ، وصلى المغرب في آخر وقتها وقدم العشاء ، فسمي جمعاً ، والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها ، وهذا جمع منصوص في الرواية الصحيحة عن ابن عباس ، فيتعين القول به ، وأنه جمع صوري فلا ينبغي لأحد أن يحتج في ذلك على الجمع بغير عذر. أما أنت - أيها السائل - فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها ، أما العشاء فلا تجمعها مع المغرب ولا تجمع العصر ، لا تصلي معهم العصر ولا العشاء هذا إذا كانوا من أهل السنة ، أما إن كانوا من غير أهل السنة من الشيعة فلا تصلي معهم حتى تعلم أنهم ليسوا يتعاطون شيئاً من الشرك ؛ لأن بعض الشيعة يدعو أهل البيت ويستغيث بهم ، وينذر لهم ، فهذا لا تصح صلاته ، ولا تصح الصلاة خلفه ؛ لأنه مشركٌ بهذا العمل كالرافضة وأشباههم ممن يدعو أهل البيت ويستغيث بهم ويدعوا علياً ويستغيث به وينذر له أو يدعو الحسين أو الحسن أو فاطمة أو غيرهم من أهل البيت فإن هذا من الشرك الأكبر ، كالذي يدعو البدوي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس فهذا يعتبر من الشرك الأكبر : يا سيدي المدد المدد ، اشف مريضي ، انصرني ، أغثني ، اشف مريضي ، إلى غيره ، هذا من الشرك الأكبر ، فهؤلاء لا يصلى خلفهم ، ولا يصلى معهم ، بل ينصحون ويوجهون ويعلمون ، أما إن كانت بدعتهم الشيعية بأقل من ذلك مجرد تفضيل علي على الصديق وعلى عمر ، ولكن لا يدعون مع الله غيره ، ولا يستغيث به وأهل البيت ولا يعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب ، وإنما مجرد تفضيل لعلي على أبي بكر فهذا أسهل ، لا يخرجون بذلك عن الإسلام، ويصلى خلفه إذا كانت هذه شيعيتهم، إذا ........... فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يتحرى في صلاته ، وأن لا يصلي خلف من يظن به الشرك أو البدعة المكفرة ، وأن يتحرى الأئمة الطيبين المعروفين بالاستقامة والسير على مذهب أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد والإيمان حتى يحتاط لدينه ويحتاط لصلاته ، ولا يصلي خلف القبوريين الذين يعرفون بالغلو في القبور ودعاء أهلها وإن كانوا غير شيعة كالذين يغلون في البدوي أو في غير البدوي أو الشيخ عبدالقادر الجيلاني أو غيرهم من الناس ، ويطلبون منهم المدد، ويطلبون منهم الغوث ، هذا كفرٌ أكبر ، لا يصلى خلف صاحبه ، نسأل الله السلامة ، لكن يدعى إلى الله ويعلم وينصح ويوجه إلى الخير ، فإن الدين النصيحة ، والله يقول – سبحانه -: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ويقول سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) . ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي - رضي الله عنه - لما بعثه إلى خيبر: (فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم). هؤلاء يدعون إلى الله ويعلمون ولا يصلى خلفهم حتى يتوبوا إلى الله من الشرك وحتى يدعوا ما عندهم من البدع المكفرة ، نسأل الله للجميع الهداية. المقدم: جزاكم الله خيراً ، شيخ عبد العزيز هل تؤدي الخلافات المذهبية إلى القطيعة بين المسلمين كما فعل أخونا حينما قاطع جماعته؛ لأن بعضهم لا يمسك بيديه في أسفل الصدر؟ الشيخ: أما المخالفة في الفروع لا توجب الفرقة والاختلاف ، ولا توجب العداء والبغضاء ، فإذا كان بعض المصلين يطلق يديه ولا يجعلهما على صدره ولا تحت سرته ، بل يطلقهما كما هو معروف في مذهب مالك عند المالكيين فلا بأس بذلك ، لا يوجب هذا عداوة ولا بغضاء ؛ لأنهم تبعوا غيرهم من العلماء ، وقلدوهم في ذلك ، ولهم شبهة التقليد ، فلا ينبغي التقاطع في هذا ، ينبغي التساهل والتسامح والتعليم بالكلام الطيب ، يوجه من فعل ذلك إلى أن الأفضل والسنة أن يضم يده اليمنى على اليسرى على صدره ، هذا هو الأفضل وهذا هو السنة ؛ كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر وحديث قبيصة بن هدب الطائي عن أبيه ، ومرسل صحيح عن طاووس - رحمه الله -. فالمقصود أن هذا هو الصواب وأنه يضع يمينه كفه الأيمن على كفه الأيسر على صدره هذا هو الأفضل ، ولكن إذا أرسل يديه أو جعلهما تحت السرة فلا ينبغي أن يكون في هذا نزاع ولا مخالفة ولا قطيعة ولا تباغض، بل إنما هو دعوة بالتي هي أحسن ، ومذاكرة في هذه الأمور وأشباهها ، وهكذا من لا يرفع يديه عند الركوع أو عند الرفع منه أو عند القيام من التشهد الأول ، كل هذا وإن كان خلاف السنة لكن لا يوجب تقاطعاً ولا بغضاء ولا انشقاقاً ، وهكذا غير ذلك كجلسة الاستراحة وأشباه ذلك من الأمور الفرعية التي يقع النزاع فيها والخلاف فيها بين العلماء لكن من طريقة أهل العلم أنهم لا يتباغضون ولا يتقاطعون ولا يتهاجرون ، بل يتباحثون وكل واحد يقصد الخير لأخيه ، وينصح ويطلب الدليل ، والله المستعان. جزاكم الله خيراً.