من صور السخاء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد:
فالسخاء ليس مقتصراً على بذل المال فحسب، بل مفهومه أوسع، وصوره أعم وأشمل، ومن صور السخاء العديدة ما يلي:
1 - أن يكون للإنسان دَينٌ على آخر فيطرحه عنه، ويخلي ذمته منه وهو يستطيع الوصول إليه دون عناء ولا تعب.
2 - أن يستحق الإنسان أجراً على عمل، فيترك الأجر من تلقاء نفسه.
3 - سعي الإنسان في قضاء حوائج الناس، وتنفيس كرباتهم.
4 - السخاوة بالجاه، بحيث يبذل في سبيل الخير والشفاعات الحسنة، من إحقاق الحق، ونصرة مظلوم، وإعانة ضعيف، ومشي مع الرجل إلى ذي سلطان، ونحو ذلك.
5 - السخاوة بالرياسة بحيث يحمل الإنسان سخاؤه على امتهان رياسته، والإيثار في سبيل قضاء حاجات الملتمس.
6 - سخاء الإنسان براحته وإجمام نفسه؛ فيجود بها تعباً وكدّاً في مصلحة غيره.
7 - سخاوة الإنسان بوقته في سبيل نفع الناس أيّاً كان ذلك النفع.
8 - السخاء بالنصح والإرشاد.
9 - السخاء بالعلم وهو أفضل من السخاء بالمال؛ لأن العلم أشرف من المال.
10 - السخاء بالعرض بحيث يسخو الإنسان بعرضه لمن نال منه، فيعفو ويصفح.
وفي هذا السخاء من سلامة الصدر، وراحة القلب، والتخلص من معاداة الخلق ما فيه.
11 - السخاء بالصبر، والاحتمال، والإغضاء، وهي مرتبة شريفة لا يقدر عليها إلا أصحاب النفوس الكبار.
12 - السخاء بالخلق، والبشر، والتبسم، والبشاشة، والبسطة، ومقابلة الناس بالطلاقة؛ فذلك فوق السخاء بالصبر والاحتمال والعفو، وهذا هو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وهو أثقل ما يوضع في الميزان، وفيه من أنواع المنافع والمسار وأنواع المصالح ما فيه.
13 - ويدخل في السخاء حضّ الناس على الخير، وحثهم على الجود والإنفاق.
14 - دلالة الناس على وجوه الخير، وتذكيرهم بطرقه؛ فالدال على الخير كفاعله.
15 - شكر الأسخياء، والدعاء لهم، وتشجيعهم على مزيد من البذل.
16 - سخاوة النفس بترفعها عن الحسد، وحبّ الاستئثار بخصال الحمد، وهذه الصورة من صور السخاء الخفية الجميلة.
وذلك بأن يُحبّ المرء لإخوانه ما يحبه لنفسه، فيفتح لهم المجالات، ويعطيهم فرصة للإبداع، والحديث، والمشاركة، ونحو ذلك.
ومن ذلك: أن يفرح لنجاحهم، ويحزن لإخفاقهم، فهذه من الصور الخفية للسخاء، وقلّ من يتفطّن بها ويأخذ نفسه بها.
17 - سخاء المرء عما في أيدي الناس؛ فلا يلتفت إليه، ولا يستشرف له يقلبه، ولا يتعرض له بحاله، ولا لسانه.
18 - سخاء المرء بنفسه، فذلك أروع ما في السخاء، وأروع ما في ذلك أن يكون في سبيل الله عز وجل.
من فضائل السخاء
1 - رضا الرب، ودخول الجنان، والنجاة من النيران.
2 - للسخاء أثر في سيادة الأمة، وحفظ الدين، وتنمية العلوم.
3 - للسخاء أثر في صيانة الأعراض، ونباهة الذكر.
4 - للسخاء أثر في إئتلاف القلوب، وتأكيد رابطة الإخاء.
5 - للسخاء أثر في القضاء على كثير من الأخلاق المرذولة كالحسد من الفقراء للأغنياء، وكالكبر من الأغنياء على الفقراء.
تفاضل الناس بالسخاء
يتفاضل الناس بالسخاء على قدر هممهم وشرف نفوسهم، وإليك نماذج من ذلك:
1 - يتفاضلون من جهة الإنفاق؛ فالذي ينفق في السر أكمل من الذي لا ينفق إلا في العلانية.
2 - ويتفاضلون من جهة استصغار ما ينفق واستعظامه، فالذي ينفق في الخير، وينسى أو يتناسى أنه أنفق هو أسخى ممن ينفق ثم لا يزال يذكر ما أنفق، ولا سيما ذكره في معرض الإمتنان.
3 - ويتفاضلون من جهة السرعة إلى البذل، والتباطؤ عنه؛ فمن يبذل المال لذوي الحاجة لمجرد ما يشعر بحاجتهم - يَفْضُل من لا يبذل إلا بعد أن يسألوه.
4 - ومن يقصد بالبذل موضع الحاجة - عرفه أو لم يعرفه - يكون أسخى ممن يخصّ بالنوال من يعرفهم ويعرفونه.
5 - ومن يعطي عن ارتياح وتلذذ بالعطاء يعد أسخى ممن يحسن وفي نفسه حرج.
6 - ومن علامات رسوخ الرجل في السخاء ألا يجعل بينه وبين طالبي العطاء حجاباً غليظاً.
7 - ومن علامات رسوخ الرجل في السخاء أن يلاقي الرجل سائليه بأدب جميل، أو أن يستقبلهم بحفاوة وبشر وترحاب، حتى يحفظ عليهم عزتهم.
8 - وأبلغ ما يدل على أصالة الرجل، ورسوخ قدمه في فضيلة السخاء أن يرق عطفه حتى يبسط إحسانه إلى ذي الحاجة وإن كان من أعدائه؛ فذلك من كبر النفس ومن ضروب العزة، والترفع عن العداوات.
9 - ومن علامات الرسوخ في السخاء أن يتألم المرء ويتأسف أشد الأسف إذا سئل شيئاً وهو غير واجد له.
10 - ومن الأسخياء من تسمو به الحال، فيرى أن الفضل والمنة إنما هو لمن جاءه يستجديه، حيث أحسن الظن به، وتكرّم عليه، فهذا من غرائب السخاء.
11 - وأرفع درجات السخاء أن يكون الإنسان في حاجة ملحّة إلى ما عنده، فيدع حاجته ويصرف ما عنده في وجوه الخير، وذلك ما يسمى بالإيثار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم