بتـــــاريخ : 6/28/2008 12:36:14 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2296 0


    طرق تدريب مدراء المستقبل

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : البرساوي كورة | المصدر : www.startimes2.com

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال

     

    تدريب مدراء المستقبل

    يمكن تدريب المدراء بحيث يصبح بإمكانهم ابتكار ممارسات في الأعمال التجارية توازن بين الواقعين الأخلاقي والاقتصادي. لكن برامج التدريب لن تنجح في التأثير على السلوك الفعلي إلا إذا عالجت الهدف والسياق الاجتماعي والتأثير الإجمالي لأي خطة تجارية أو صناعية. ومع أن مدرسي موضوع التجارة والأعمال حول العالم يصيغون مسائل القيم ومسؤوليات الشركات بطرق مختلفة، فإن هناك ما يكفي من الأرضية المشتركة لتعليم الإدارة الأخلاقية عبر الحدود القومية.

    training business leaders

    هاجس عالمي

    غير أن التحدي الذي يواجه قادة مجتمع الأعمال التجارية لتوسيع منظورهم إلى مسؤولية الشركات لا ينحصر في الولايات المتحدة كما لا ينحصر في موضوع أخلاقيات الأعمال التجارية ضمن إطار ضيق. في سنة 2004، أصدرت جمعية إعلاء شأن كليات ومدارس إدارة الأعمال والتجارة، وهي الهيئة الدولية التي تصادق على إنشاء كليات الأعمال والتجارة، مبادئ توجيهية لدمج الأخلاقيات والحوكمة في مواد تدريس الإدارة العالمية. وتركز هذه المبادئ التوجيهية على أربع مجالات: مسؤولية شركات الأعمال في المجتمع، والقيادة الأخلاقية، وصناعة القرارات الأخلاقية، والحوكمة الشركاتية.

    وعلى نفس النحو، ساعدت ورقة البحث التي أعدها الاتحاد الأوروبي بعنوان "تشجيع وضع إطار عمل أوروبي للمسؤولية الاجتماعية للشركات" (2001) في إطلاق عملية إعادة تفحص في بلدان متعددة لوضع تدريس إدارة الأعمال والأبحاث الموضوعة عنها، وكذلك وضع مبادرات الأبحاث والمناهج الدراسية التي يتم تنظيمها تحت رعاية الأكاديمية الأوروبية للأعمال التجارية في المجتمع.

    كما عملت مبادرة الاتفاق العالمي أو غلوبل كومباكت (global compact) التابعة للأمم المتحدة، وهي مبادرة تضم أكثر من 2000 شركة تجارية من مختلف أنحاء العالم وعدداً من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات العمال والمجتمع المدني لدفع عجلة المواطنية المسؤولة للشركات، عملت عبر ندوتها التعليمية على إقامة شبكات من أساتذة إدارة الأعمال والتجارة حول العالم. وقد أتاح المنتدى للمدرسين تبادل الأبحاث ووضع دراسات عن حالات معينة لإعطاء مثال يوضح ممارسات الشركات التي تحاول جاهدة التقيد بمبادئ مبادرة الاتفاق العالمي حول العمل والبيئة وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد.

    وأطلق برنامج آسبن للأعمال التجارية والمجتمع، ومركزه الرئيسي في الولايات المتحدة، ائتلافاً عالمياً يضم 11 كلية أعمال وتجارة في الهند وجنوب أفريقيا وإسبانيا والمكسيك وكندا والولايات المتحدة، تعمل جميعها بطرق مختلفة لمعالجة قضايا تتعلق بالأخلاقيات، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، ومواطنية الشركات، والاستدامة، والحوكمة الرشيدة.

    تحقيق توازن

    فلماذا يجد المدرسون أنفسهم يواجهون المطالبة بتركيز حتى أكبر على القيم والمسؤولية كل بضع سنوات رغم كل الاهتمام المُوجّه إلى أخلاقيات مؤسسات الأعمال التجارية ومسؤولية الشركات؟ هل هذه مسألة دورية مكتوب لها أن تطفو على السطح كلما بلغ سوء التصرف درجة غير مقبولة ثم تزول عندما تمرّ الأزمة؟ أم أن المشكلة تكمن في عدم نجاح جهود المدرسين حتى الآن؟

    سيكون هناك دائماً أشخاص يتجاوزون حدود السلوك المسموح به. لكن المشكلة تصبح حرجة عندما تكون الانتهاكات هي القاعدة لا الاستثناء، مما يجعل سلوك مؤسسات الأعمال التجارية غير متناغم مع الحاجات والطموحات المجتمعية. ويجعل عدم التناغم هذا من الصعب جداً على كليات التجارة وإدارة الأعمال تدريب الطلاب على الإدارة الأخلاقية، وفي نفس الوقت، على التنافس بشكل فعال في العالم الحقيقي.

    وقد ركز تدريس أخلاقيات الأعمال التجارية في أحيان كثيرة في الماضي بشكل مفرط على تقاليد الفلسفة الأخلاقية ولم يركز بما فيه الكفاية على الأدوات العملية لتحليل العمل التجاري. وكانت مناهج التعليم تضع أهداف الأعمال والتجارة في مواجهة مع الأهداف الأخلاقية بدلاً من العمل على إظهار الترابط المتبادل بينها. وكان الكثير من النقاش يدور حول ما إذا كان ينبغي اعتماد خطة عمل مُعيّنة قد تكون غير أخلاقية بدلاً من أن يدور حول كيفية تطبيق القيم الشخصية على القرارات التجارية. ويثير هذا بدوره سؤالاً آخر: كيف يمكننا، في عالم من المعايير غير المُرضية، أن نعد المدراء لكي يستطيعوا ابتكار بدائل تُوازن بين الواقع الأخلاقي والواقع الاقتصادي؟

    إجراءات مدفوعة بالقيم

    إذا كان لنقاش حول أخلاقيات العمل التجاري ومسؤولية الشركات أن ينجح في التأثير على السلوك، فإنه يتعين عليه أن يعالج المسائل الملموسة والواقعية المتعلقة بالعمل التجاري، وسياق العمل التجاري، ومعايير العمل التجاري. وتتضمن هذه المسائل ما يلي:

    • الهدف: ما هو، من الناحيتين المجتمعية والتجارية، الهدف من شركة تجارية أو نشاط تجاري؟ يقول عالم إدارة الأعمال، تشارلز هاندي، في مجلة (harvard business review) (عدد كانون الأول/ديسمبر، 2002)، إن "الهدف من العمل التجاري لا يقتصر على تحقيق الربح فقط لا غير. إن الغرض منه هو تحقيق الربح بحيث تستطيع الشركات تحقيق شيء إضافي أو أفضل". وهناك سؤال آخر متصل بهذا هو ما إذا كان هذا المفهوم قادراً على التوفيق بين المعايير المتعارف عليها في بلد ما وتلك المعتمدة في بلد آخر وبين الواقع الاقتصادي ومستويات التنمية بين البلدين.

       

    • السياق الاجتماعي: هل أُخذت حقوق ومسؤوليات أصحاب المصلحة المتعددين في الشركة المشروعة بعين الاعتبار؟ هل تمّ تقييم استراتيجية مقترحة ليس فقط استناداً إلى النتائج التجارية المتكهن بها وإنما أيضاً لجهة تأثيراتها الأوسع، مثلاً، على نوعية الحياة، والاقتصاد الأوسع في منطقة ما، والأمن والسلامة؟ هل تمّ إدخال التأثيرات على الموظفين والمتقاعدين والسكان المحليين والموارد الطبيعية في معادلة صناعة الربح؟

       

    • معايير القياس: كيف يتم قياس الأداء والمربحية؟ ما هي الأمور التي تؤخذ في الحساب، والأهم من ذلك، ما هي الأمور التي لا تؤخذ في الحساب؟ هل تقاس التأثيرات والنتائج في الأطر الزمنية القصيرة والطويلة الأجل؟ كيف نحسب تأثيرات ما نميل إلى تسميته أموراً خارجية، مثل استنفاد الموارد الطبيعية غير القابلة للتجديد أو التمزيق الاجتماعي للمجتمعات السكانية الناتج عن عمليات نقل الشركات الكثيرة من مكان إلى آخر؟

       

    يجب درس كافة هذه المسائل في سياق تمكين المدير الفرد من الانخراط في اتخاذ إجراءات تدفعه القيم إلى اتخاذها.

    إننا نسمع، في أحيان كثيرة، في عالم الشركات التجارية العالمية، أنه لا يمكن تعليم القيم ومسؤولية الشركات لأن لها مُحددّات ثقافية تمنع المقاربة الفعالة والمتشاركة. لكن التجربة الفعلية تخالف ذلك القول. فقد اتضح بشكل متزايد أنه عندما يتناول المدرسون تحديات العمل التجاري مع وعي لمسائل الهدف والسياق ومعايير القياس كما هو مُبين أعلاه، يجدون أن هناك أرضية مشتركة رحبة للتدريس عبر الحدود القومية. وفي حين أن الأمثلة الإيضاحية وآليات التطبيق قد تختلف - ففي الهند، مثلاً، قد تشمل دراسات الحالات المقدمة كنماذج عدداً أكبر من الشركات التي تديرها العائلات. أما في الصين قد تشمل هذه الدراسات عدداً أكبر من الشركات التي تملكها الدولة - لكن الأهداف المُركزة حول نوعية الحياة والأمن والفرص الاقتصادية مشتركة بين الجميع.

     

    salesman with attache case talking to a king

    صورة: "حتى مملكة صغيرة، يا صاحب الجلالة، بإمكانها أن تستخدم بفعالية التقنيات الإدارية الحديثة." (حقوق النشر لمجموعة النيويوركر 1982، بيتر ستاينر من cartoonbank.com.

    مقاربات مختلفة

    يعكف أساتذة إدارة الأعمال والتجارة في جميع أنحاء العالم حالياً على صياغة مسائل القيم والأخلاقيات ومسؤولية الشركات بطرق متنوعة. فالقلق بشأن الموارد الطبيعية المحدودة والضرر الذي يلحقه النشاط الصناعي بالبيئة يدعم، على سبيل المثال، مبادرات إجراء الأبحاث وتدريس موضوع الاستدامة.

    وقد اشتركت مبادرة غلوبل كومباكت التابعة للأمم المتحدة في عام 2004 مع جامعة صابنسي (إسطنبول) ومع كلية وارطن بجامعة بنسلفانيا في تقديم مؤتمر ذي شقين: "سدّ الفجوة: البيئة المستدامة". واجتذب هذا المؤتمر أعضاء في الهيئات التدريسية في الكليات ورجال أعمال من كل أنحاء العالم.

    تُصمم egade-itesm، وهي كلية للدراسات العليا في الأعمال والتجارة في جامعة مونتيري تيك، في المكسيك، مرموقة عالميا، مساقات دراسية لهادة ماجستير مستحدثة في إدارة الأعمال (mba) تركز على التنمية المستديمة وإدارة التكنولوجيا للمساعدة في خلق مشاريع أعمال جديدة قابلة للاستدامة. سوف يتم تنظيم البرنامج حول تجارب دراسة مشاريع كما أنه سيتضمن أبحاثاً من شبكة لمراكز الأبحاث في أنحاء المكسيك.

    وطوّرت كلية جونسون للدراسات العليا في الإدارة في جامعة كورنل مركزاً للشركات التجارية العالمية القابلة للاستدامة يضم منصب أستاذية ويؤمن التركيز على أبحاث المواضيع العلمية المتقاطعة، ووضع المناهج الدراسية، والشركات، والشراكات التي لا تبغي الربح.

    كما يعكف الكثير من كليات الأعمال والتجارة حول العالم على الاستفادة من مصادر القلق والتقاليد المحددة في مناطقه لإعداد جيل المستقبل من قادة المؤسسات التجارية لإدارة أعمالهم بشكل فعال وأخلاقي.

    وعلى سبيل المثال لا الحصر، طوّر معهد س.ب.جاين للإدارة والأبحاث في مومباي بالهند، عدة مبادرات بما فيها تأسيس مركز تطوير مواطنية الشركات، الذي يوفر للطلبة تجارب خارج حجرات الدراسة لتنمية حساسيتهم إزاء ما لإدارة الأعمال من تأثير اجتماعي. وقد قام هذا المركز، خلال العقد الأخير، بتنفيذ أكثر من 800 مشروع شاركت فيها أكثر من 50 شركة ومئة منظمة غير حكومية. ومشروع جيتا شبهير التابع للمركز ، هو عبارة عن ورشة عمل داخلية تدوم يومين وتقام في أشرم (مؤسسة للدراسات الروحية) تُعرِّف الطلاب على جوانب الحياة الروحية والإدارة الذاتية المرتكزة إلى تقاليد الكتب المقدسة الهندية.

    أما المعهد الآسيوي للإدارة في مانيلا فقد كان سباقاً في منح شهادة ماجستير في إدارة التنمية مُصممة خصيصاً لأعداد القادة الذين سيعملون في الاقتصاديات الناشئة على معالجة التحديات الخاصة والفرص التي تضمنها تلك الاقتصادات.

    وتُطور كلية التجارة وإدارة الأعمال بجامعة ستلنبوش بجنوب أفريقيا برنامج دكتوراه في القيادة والحوكمة والأخلاقيات يرمي إلى مماشاة أهداف الشراكة الاقتصادية الجديدة للتنمية الإفريقية.

    وهناك أيضاً العديد من الشبكات مثل الشبكة الأوروبية لأخلاقيات العمل التجاري التي تضم أعضاء من 33 بلداً يعملون من أجل إقامة اتصالات بين العاملين في الحقلين الأكاديمي والتجاري، ومن أجل تشجيع الأخلاقيات في ممارسات التعليم والتدريب والتنظيم.

    ولا يقتصر الالتزام المتزايد بالقيم وبالمسؤولية في تدريب قادة الشركات التجارية على بلد واحد أو مدرسة نظرية واحدة. ويمكن تنظيم القضايا التي تتزايد الحاجة إلى تدريسها حول مسائل تتعلق بالغرض والسياق الاجتماعي ومعايير القياس؛ وتشمل الأدوات والمقاربات المطلوبة لتناول تلك المسائل السيكولوجيا الاجتماعية والانثروبولوجيا، والتقاليد الروحية العالمية، والتاريخ السياسي، والمفاوضات، والسياسة العامة، وهلم جرّا.

    أما الشيء الذي يتشاطره الجميع فهو إدراك متعاظم بأن التحديات التي تواجهها منطقة ما سرعان ما تصبح تحديات يواجهها العالم، وأن معايير العمل التجاري المتعارف عليها لا يمكن أن تظل لزمن طويل مختلفة عن حاجات وتوقعات المجتمع الأوسع.

    دور المدرسين

    بوسع المدرسين أن يقدموا السياق والمنظور لمساعدة المدراء في إعادة صياغة التضاربات في أطر جديدة كتحديات مشتركة بدلاً من قيم متعارضة. وبوسعهم تقديم الأمثلة عن تضاربات مماثلة تمّ حلها في الماضي. بوسعهم تعليم المدراء كيفية الاتصال عبر اختلافات ظاهرة بغية التوصل إلى اهتمامات وحلول مشتركة. ولعل الأهم هو أن بوسعهم تعزيز حقيقة كونه من غير المحتم أن تكون المعايير المتعارف عليها في النشاطات التجارية متضاربة مع التوقعات المجتمعية الأوسع، وأن الواقع هو أنه لا يمكن لها أن تبقى كذلك لفترة طويلة.

    وإذا تمت صياغة ما للشركات التجارية من تأثير اجتماعي فقط كمسائل أخلاقية، يصبح بوسع الفرد أن يجادل بشكل مقنع أن تدريس إدارة الأعمال والتجارة للطلبة يأتي في مرحلة متأخرة جداً بحيث لا يمكنه تغيير سلوك الطلاب. كذلك، قد يعترض أعضاء الهيئة التدريسية المتخصصين في الاقتصاد أو علم النفس أو الإدارة قائلين إنهم يفتقرون إلى دراسة رسمية متعمقة في الفلسفة ولا يستطيعون بالتالي التحدث عن القيم في غرف الصف. وعلاوة على ذلك، كثيراً ما تعثر النقاش في الولايات المتحدة، حول مسألة ما إذا كان يجب تدريس الأخلاقيات كمقرّر تعليمي بمفرده أو دمجه في مجالات أخرى في إدارة الأعمال كالتسويق والموارد المالية والمحاسبة.

    من جهة أخرى، عندما يتم صياغة المسائل الأخلاقية كمسائل تتعلق بحلول مبتكرة للمشاكل، يكون دور التعليم أساسياً بشكل واضح. وعندها يمكن تزويد الطلاب بالأدوات والأساليب التحليلية والسياق وتمارين تعزيز المهارات، بدلاً من إلقاء المواعظ عليهم.

    وقد أصبح تصميم المناهج الدراسية يعكس بصورة متزايدة حقيقة وجود حاجة إلى مُقررات تعليمية مكرسة حصرياً لمواضيع مثل القيم وصناعة القرارات والإدارة المستدامة ودور الشركات التجارية في المجتمع، بالإضافة إلى وجود حاجة إلى مناقشات مبنية على القيم مدمجة في المجالات الوظيفية حيث من المرجح أن تبرز المسائل الصعبة.

    فالمقررات التعليمية الخاصة بالتسويق مؤهلة بنوع خاص لمعالجة ما للتسويق لفئة معينة أو التسويق المرتبط بسبب، على سبيل المثال، من تأثير اجتماعي. في حين أن المقررات التعليمية الخاصة بالمحاسبة هي المقررات الملائمة أكثر من غيرها لدراسة التأثيرات المحتملة لمقاربات المحاسبة المختلفة على نوعية المعلومات التي تنجم عنها والحوافز الإدارية التي تميل إلى توليدها.

    والواقع هو أنه عندما تتم صياغة الأخلاقيات والحوكمة كمسائل تتعلق بالهدف من النشاط التجاري والسياق الاجتماعي ومعايير القياس،فإنها تصبح عندها من أهم الدروس التي ينبغي أن يتعلمها مدراء المستقبل.

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال

    تعليقات الزوار ()