وهو ضرب من الطب النفسي ويعتمد الرقى الإسلامية والتداوي بالقرآن الكريم والدعاء المأثور والتداوي بالصدقة.
وفي المقالة تعاريف للرقبة والتميمة، ومشروعية الرقى الإسلامية بل وسنتيها، وتحريم الرقى الجاهلية وتعليق التمائم من خرز ونحوه. وتعليل علمي لفائدة الرقى ومنفعتها لمن اعتقد بها
مشروعية الرقى والتمائم
الرقية:قراءة تعويذة على المريض، أما التميمة: فهي الرقية المكتوبة التي تعلق، إما بقصد الاستشفاء أو للحفظ من عين أو عدو أو جان. كما تطلق التميمة على كل ما يعلق على العنق أو الصدر من خرز أو ودع أو شبهها للغاية نفسها.
وقد عرفت الرقى والتمائم من قبل جميع الشعوب ومارسها الكهان من جميع الأديان. وأما النشرة (بضم النون) فهي رقية كان يعالج بها المجنون والمريض، وقد نشر عنه، والتنشير: التعويذ بالنشر، لأنه ينشر عن المريض، أي يحل عنه ما خامره من الداء. وقد تطلق على ما يرقى به من ماء ثم يغسل به المريض، أو على الرقية المكتوبة التي تغمس بالماء ثم يمسح به المريض أو يشربه.
فأما الودع والخرز وشبهها إذا علقت بنية الاستشفاء من مرض للوقاية من الإصابة بعين أو حسد أو مرض، فهي حرام قطعاً وبإجماع جمهور علماء المسلمين. وإذا اعتقد المعلق أنها تفعل بخاصية منها فقد أشرك والعياذ بالله تعالى.
عن عبد الله بن عكيم أن النبي eقال: (من تعلق شيئاً وكل إليه) رواه الترمذي.
وعن عبد الله بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله eيقول: (من يعلق تميمة فلا أتم الله وله ومن يعلق ودعة فلا ودع الله له) رواه الإمام أحمد[1].
وعن عبد الله بن عمر قال: سمعت النبي eيقول: (ما يبالي من أتى من شرب ترياقاً أو تعلق بتميمة) [2].
وقال ابن الأثير: (وليس شرب الترياق مكروهاً من أجل أن التداوي به حرام ولكن من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي وغيرها من النجاسات وهي محرمة وما لم يكن فيه حرام ولا نجس فلا بأس).
أما التمائم فإن المجمع على حرمته منها، ما كان معلقاً من غير كتابة، وكذا التمائم المكتوبة والحاوية على نص فيه شرك كالاستعانة بصنم أو بالشياطين، أو أن النص مكتوب بما لا يفهم معناه.
أما الرقى فقد نهى رسول الله eعن رقى الجاهلية كلها في مطلع الإسلام باعتبار أن معظمها يحتوي على عبارات فيها شرك أو تعلق بالأصنام أو من الكلام الذي لا يعرف له معنى، ولاعتقاد فاعليها أن تأثيرها حاصل بطبعها كما كان الجاهليون يعتقدون ويزعمون.
عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله eيقول: (الرقى والتمائم والتولة شرك) [3].
وفي رواية أبي داود (قال الراوي) لم تقول هذا؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فيرقيني، فإذا رقاني سكنت، فقال عبد الله: (إنما ذلك عمل الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقاها كف عنها، إنما يكفيك أن تقول كما كان رسول الله eيقول: أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً) [4].
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله eسئل عن النشر فقال: (هو من عمل الشيطان) [5].
وعن النغيرة بن شعبة أن النبي eقال: (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل) [6].
وقد جاءت النصوص بعد ذلك لتدل على أن النبي eقد أذن ببعض الرقى التي كان العرب يرقون بها في جاهليتهم مما لم يجد فيه ما يتنافى مع عقيدة التوحيد وبعد أن اطمأن عليه الصلاة والسلام، إلى رسوخ العقيدة الصحيحة في نفوس أصحابه.
فعن جابر رضي الله عليه قال: (نهى رسول الله eعن الرقى فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله eفقالوا يا رسول الله، إنه قد كانت عندنا رقى نرقي بها من العقرب وإنك نهيت عن الرقى. قال: فعرضوها عليه، فقال: ما أرى بأساً من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل) رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (رخص رسول الله eبالرقية من كل ذي حمة) رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: (أذن رسول الله eلآل بيت من الأنصار أن يرقوا من الحمة) رواه البخاري[7].
وإن الترخيص أو الإذن بالشيء إنما يدل على إباحته بعد النهي عنه.
وعن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك) رواه مسلم.
قال ابن حجر: (وقد أجمع علماء الأمة على جواز الرقية عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله سبحانه وتعالى.
وعما يظن تعارضاً بين الأحاديث التي تفيد جواز الرقى وحديث السبعين الفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب (هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون) [8].
وحديث (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل[9]. أجاب الإمام النووي: ولا مخالفة بل المدح في ترك الرقى، المراد بها الرقى التي هي كلام الكفار والرقى المجهولة والتي بغير العربية وما لا يعرف معناه فهي مذمومة لاحتمال أن معناها كفر أو قريب منه.
وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهي فيه بل هو سنة. وأما قولهم: (يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى) فأجاب عنه العلماء بأجوبة: أحدها أنه كان نهياً ثم نسخ ذلك، وأذن فيها وفعلها eواستقر الشرع على الإذن. والثاني أن النهي كان لمنع الرقى المجهولة كما سبق، والثالث أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها.
وفي نفس الموضوع يقول البغدادي: (فيحتمل أن النهي كان ثابتاً ثم نسخ، أو لأنهم كانوا يعتقدون منفعتها بطبيعة الكلام، فلما جاء الإسلام واستقر الحق في أنفسهم أذن لهم فيه مع اعتقادهم بأن الله تعالى هو النافع الضار).
وقال النووي: (وأما قوله: (لارقية إلا من عين أو حمة) فلم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما ومنعها فيها عداهما، وإنما المراد لا رقية أحق وأولى من رقية العين والحمة لشدة الضرر فيهما).
وقال ابن الأثير: (تخصيص العين والحمة لا يمنع جواز الرقية في غيرهما من الأمراض لأنه قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام رقى أصحابه من غيرهما وإنما معناه: لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والسم). ونقل ابن حجر عن الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال: (لا بأس أن يرقى بكتاب الله وبما يعرف ذكر الله).
وقد اختلف في حكم التمائم إذا كانت مكونة من ذكر أو آية من كتاب الله أو دعاء مأثور، فقد ذكر الشيخ عبد الله بن صديق: (وأما كتابة شيء من القرآن أو الأدعية المأثورة وتعليقه على عنق الصحيح، أو المريض للاستشفاء فجائز على الأرجح). واستدل بكتابة عبد الله بن عمرو بن العاص دعاء الفزع في النوم وتعليقه على عنق من لم يبلغ من أولاده.
وقد سئل سعيد بن المسيب عن التعويذ، أيعلق؟ فقال: إذا كان في قصبة أو رقعة بحرز فلا بأس فيه، هذا على أن المكتوب قرآن. وعن الضحاك (من التابعين) أنه لم ير بأساً أن يعلق الرجل الشيء من كتاب الله، ورخص أبو جعفر الباقر (من سادات التابعين أيضاً) في التعويذ يعلق على الصبيان أما أحمد بن حنبل فقد نص على كراهية التعليق للتعاويذ من القرآن وغيره وقال: كان ابن مسعود يكرهه.
قال القرطبي: (واختلف العلماء في النشرة وهي أن يكتب شيئاً من أسماء الله أو القرآن ثم يغسله بالماء ويمسح به المريض أو يسقيه، فأجازها سعيد بن المسيب، ولم يرد مجاهد بأساً أن تكتب آيات القرآن ثم تقرأ ثم يسقاه صاحب الفزع. أما الحسن وإبراهيم النخعي فقد منعاها).
هذا ونقسم الرقى بحسب الغاية التي وضعت من أجلها إلى رقى عامة ورقى خاصة.
الرقى العامة
وهي الرقى التي لم يرد لها مناسبة خاصة ويمكن أن تشرك كمعالجة روحية (نفسية) في كل الأمراض إلى جانب الأدوية المتوفرة سوار أكانت ناجعة أم لا وهي إما أن تكون قرآناً أو أن تكون دعاء أو ذكر ورد فيه نص صح نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
التداوي بالقرآن:
قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء:82.
وقال تعالى: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) فصلت: 44.
وقال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) يونس: 57.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي eقال: (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن) [10].
فالرقى يمكن أن تكون بأي آية من القرآن العظيم، وتصلح لأن تكون معالجة روحية أو نفسية لأمراض الجسد والقلب و(الشفاء) هنا هو الدواء. وفي الحديث إشارة من النبي eإلى أهمية مشاركة الدوائين: المادي (العسل) والروحي (القرآن) فالقرآن شفاء من عدة وجوه.
شفاء للقلوب والعقول من أمراض الكفر والجهل وشفاء للنفوس من انحرافاتها ومخاوفها كما هو دواء وعلاج نفسي لأمراض البدن.
وأكمل الرقى ما كانت بالنصوص القرآنية التي أتت بها السنة النبوية المطهرة ومنها الفاتحة والمعوذات: وعن ابن عباس رضي الله عنهما (أن نفراً من أصحاب النبي eمروا بماء فيه لديغ (أو سليم)[11]فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلاً لديغاً (أو سليماً) فانطلق رجل منهم فقرأت بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ) رواه البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري أن ناساً من أصحاب النبي eأتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد القوم فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً. فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء. فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ. فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل رسول الله e، فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية!خذوها واضربوا لي معكم بسهم) رواه البخاري.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله eينفث على نفسه في المرض الذي توفي فيه بالمعوذات)رواه البخاري ومسلم. وعن عائشة قالت: (كان رسول الله eإذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسح بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي)رواه مسلم.
قال الرواي: فسألت الزهري كيف ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه.
وعن أبي سعيد الخدري: (كان رسول الله eيتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذات فأخذ بها وترك ما سواها)رواه النسائي والترمذي وحسنه.
قال البغدادي: (وأم القرآن أنفع الرقى لما فيها من تعظيم الرب وإخلاص عبودتيه والاستعانة به، ويقال: موضع الرقية منها (إياك نعبد وإياك نستعين).
وقال ابن القيم: (ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والرحمة العامة، وبالجملة: فما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء على الله وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النص كلها من أعظم الأدوية الشافية الكافية، وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلاً ولهما شأن عظيم في الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقوعها) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله eإذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يده من جسده) [12]. وقال: (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) [13].
الرقى النبوية:
عن عبد العزيز قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك، فقال ثابت: يا أبا حمزة، اشتكيت. فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله e؟ قال: بلى قال: (اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاء لا يغادر سقماً) رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله eكان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: (اذهب البأس رب الناس. اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً) [14]. وعن عائشة أيضاً أن النبي eكان يرقي بهذه الرقية (اذهب البأس رب الناس بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت) رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي eفقال: (يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم قال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك) رواه مسلم. (واشتكيت بضم التاء أي مرضت).
الرقى الخاصة
رقية اللديغ من كل ذي حمة[15]:
عن أنس رضي الله عنه قال: (رخص رسول الله e في الرقى من العين والحملة والنملة) رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (رخص رسول الله eفي الرقية من كل ذي حمة) رواه البخاري.
عن أبي سعيد الخدري قال: انطلق نفر من أصحاب النبي eفي سفرة سافروها جنى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحد منكم شيء؟ فقال: نعم وإني والله لأرقي ولكن استضفناكم فلم تضيقونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفل عليه ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي ما به قلبة. فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقتسموا. فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله eفذكروا الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله eفذكروا له ذلك فقال: (وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقتسموا واضربوا لي معكم سهماً) رواه البخاري ومسلم.
وعن علي رضي الله عنه قال: لدغت النبي eعقرب وهو يصلي فلما فرغ قال: (لعن الله العقرب لا تدع مصلياً ولا غيره. ثم دعا بماء وملح فجعل يمسح عليها ويقرأ: قل يا أيها الكافرون وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس)[16].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: بينما رسول الله eإذ سجد فلدغته عقرب في إصبعه، فانصرف رسول الله eوقال: (لعن الله العقرب، ما تذع نبياً ولا غيره، ثم دعا بماء وملح فجعل يضع موضع اللدغة من الماء والملح ويقرأ: قل هو الله أحد والمعوذتين حتى سكنت) رواه الترمذي([17]). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (رخص رسول الله eفي الرقية من الحية والعقرب) [18].
قال الدكتور النسيمي: (عندما لا يعرف للمرض الجسمي دواء شاف، كثيراً ما تنضم إلى أعراض المرض الجسدي مضاعفات نفسية تزيد من شكاية المريض، فالمعالجة الروحية هنا ضرورية جداً حيث تتحقق فائدة الرقية وبالنسبة للديغ لم يكن المصل المضاد للسموم مكتشفاً في ذلك الزمن، وقد رخص رسول الله eفي الرقية من حوادث اللدغات).
وتعليقاً على الحديث الذي جمع فيه رسول الله eبين المعالجة بالماء والماء وبين الرقية، يقول المناوي في فيض القدير: (فجمع رسول الله eالعلاج بالدواء المركب من الطبيعي والإلهي، والملح نافع للسم وقال عنه ابن سينا: يضمد بالملح معه بزر الكتان للسع العقرب، وفيه قوة جاذبية محللة).
وعن إشراك الرقية مع الأدوية المادية يقول النسيمي: (والغاية من الرقية حينئذ هي بعث الأمل والطمأنينة في المريض وتحريك إيمانه واتكاله على الله تعالى في نجاح الدواء المادي فتقوى معنوياته ويزداد أمله في بلوغ العافية وخاصة عندما يرقيه من يعتقد بصلاحه ولقد كان رسول الله eقدوة للمؤمنين في الجمع بين الدواء المادي والروحي).
ولقد جمع رسول الله في سلوكه العملي في كل حياته، وفي مرض وفاته بين الأدوية المادية التي كان ينصحه بها الأطباء كما تروي السيدة عائشة (أن رسول الله eكثرت أسقامه وكان يقوم عليه أطباء العرب والعجم)[19]وبين رقية نفسه بالمعوذات، والاستعانة بالله عز وجل خالق المرض وخالق الشفاء. فعن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي eكان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات) رواه البخاري.
قال ابن القيم: (واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، ,إذا وقع، لم يقع وقوعاً مضراً وإن كان مؤذياً) فقد ورد عن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى النبي eفقال: (يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة!فقال أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك) رواه مسلم.
الرقية من العين:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي eقال: (العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي e: ( رخص في الرقية من الحمة والعين والنملة)رواه مسلم والنملة قروح تخرج من الجنب وغيره من الجسد، ولا نعرف إذا كانت توافق المصطلح الحديث (الأكزيمة) أم لا.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي eقال: (العين حق) رواه البخاري ومسلم.
وعنه أيضاً أن النبي eقال: (العين حق ونهى عن الوشم) رواه البخاري.
وعنه أيضاً أن النبي eقال: (العين حق ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم)[20].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمرني النبي eـ أو أمر ـ أن نسترقي من العين)رواه البخاري ومسلم. وعنها أيضاً قالت: (كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين) رواه أبو داود[21].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان النبي eيتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما)رواه البخاري.
وعن عامر بن ربيعة قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعبجه فليدع له بالبركة فإن العين حق) [22].
وعن أم سلمة أن النبي eرأى في بيتها جارية في وجهها سعفة فقال: (استرقوا لها فإن بها النظرة) رواه البخاري ومسلم[23].
وعن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم؟ قال: (نعم، فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين) [24].
قال ابن حجر: (العين نظر استحسان مشوب بالحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر أما كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟ قد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن إلى بدن المعيون. وقد نقل بعض من كان معياناً قوله: إذا رأيت شيئاً يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني وإن الذي يتمشى مع عقيدة أهل السنة وأن العين إنما تضر عند نظر العائم بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص آخر. ثم هل هناك جواهر خفية أم لا؟ هو أمر محتمل لا يقطع بإثباته أو نفيه) وقال ابن العربي: (والحق أن الله يخلق عند نظر العائن إليه وإعجابه به إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة، وقد يصرفه قبل وقوعه بالاستعاذة أو يصرفها بعد وقوعه بالرقية أو بالاغتسال أو غير ذلك).
وقال ابن حجر: [وفي قوله (العين ق)، أي أن الإصابة بالعين شيء ثابت موجود، وقد أنكره طائفة مبتدعة. فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى. (ونهى عن الوشم) ظهرت لي مناسبة بالربط بين هاتين الجملتين، وهي أن من جملة الباعث على الوشم تغيير صفة الموشوم لئلا تصيبه العين وفي قوله (لو كان شيء سابق القدر) أي لو فرض أن شيئاً له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين، لكنها لا تسبق فكيف غيرها).
وقال النووي: (في الحديث إثبات القدر وصحة أمر العين وأنها قوية الضرر).
وقال ابن القيم: (ولا يمكن للعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام فإنه أمر مشاهد محسوس فأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحي منه، ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بيناً ولهذا أمر الله سبحانه رسوله أن يستعيذ من شره).
وقال النسيمي: (إن المعالجة النفسية لمن يبالغ في اعتقاده بالسحر أو بالإصابة بالعين يقرها العلمانيون من علماء النفس كما يقرها العلماء المسلمون على أننا نعتقد استناداً إلى ما روينا من نصوص صحيحة بوجود أذى حقيقي لبعض أنواع السحر والإصابة بالعين) وما الرقى والتعاويذ والأدعية التي علمنا إياها رسول الله eإلا ضرب من المعالجات النفسية، والتي تفيد المعيون وتصلح لوقاية الصحيح من الإصابة بالعين.
ومن العلاج النبوي هذا قراءة المعوذتين وقد روينا الحديث عن البخاري في مطلع البحث ومنها ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي eفقال: (يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم فقال: باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل نفس وعين باسم الله أرقيك والله يشفيك) رواه مسلم.
ومن المعالجات النبوية للإصابة بالعين أن يصب ماء غسل العائن بعض أعضائه أو وضوئه على المعين من خلفه قال ابن حجر: (وقوله e، وإذا استغسلتم فاغسلوا، فيه إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معروفاً بينهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم. وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الأمر الوجوب). وقال المازري: (متى خشي الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت به العادة بالشفاء به فإنه يتعين).
وحديث (إذا استغسلتم فاغسلوا) لم يبين صفة الاغتسال، لكن وقعت في حديث عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أن أباه حدثه، (أن النبي eخرج وساروا معه نحو ماء، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة، اغتسل سهل وكان أبيض حسن الجسم، فنظر إليه ربيعة بن عامر فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة فلبط سهل فأتى رسول الله eفدعا عامراً فتغيظ عليه فقال: غلام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت! ثم قال: اغتسل له. فغسل له وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره في قدح ثم يصب ذلك الماء عليه رجل من خلفه حتى رأسه وظهره، ففعل به ذلك فراح سهل مع الناس ما به بأس)[25].
قال ابن القيم: (هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها ولا من شك فيها ولا من فعلها مجرباً غير معتقد. هذا مع أن المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة، فكان أثر تلك العين كشعلة نار وقعت على الجسد ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة…).
وقال أيضاً: (وإذا كان العائن يخشى ضرر عينيه وإصابتهما للمعين فليدفع شرهما بقوله (اللهم بارك عليه) كما قال النبي eلعامر لما عان سهلاً (ألا بركت) أي قلت له: (بارك الله عليك) وكما قال النبي eلمن يرى ما يعجب من أخيه (فليده له بالبركة) ومما يدفع به إصابة العين، أي إذا رأي شيئاً يعجبه من أخيه أن يقول: (ما شاء الله، لا قوة إلا بالله) وذلك عملاً بقوله تعالى: (ولولا إذا دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) ([26]).
الرقية الخاصة بالألم:
عن عثمان بن أبي العاص أنه شكى إلى رسول الله eوجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له: (ضع يدك على الذي يتألم من جسدك وقل: باسم الله ثلاث مرات، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) رواه مسلم.
وفي رواية الموطأ: (أعوذ بعزة الله وقدرته) قال: فقلت ذلك فأذهب الله ما بي.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي eكان يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى يقول: (اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً) رواه البخاري ومسلم.
قال ابن القيم: (ففي هذا العلاج من ذكر اسم الله والتفويض إليه والاستعاذة بعزة الله وقدرته من شر الألم يذهب به، وتكراره ليكون أنجع وأبلغ، وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها).
وهكذا، ففي الممارسة الطبية اليومية، فإن الطبيب لا يألوا جهداً في تسكين الألم عند مريضه ريثما يتم فعل الدواء المعطى لشفائه من مرضه الذي يسبب له الألم. ومن الآلام ما يكون مجرد عصابات نفسية ناتجة عن الإرهاق والقلق، أو من تخوف المريض من دائه الذي يعاني منه، وفي كل هذه الحالات فإن العلاجات النفسية ومنها الرقى، ناجعة بالشفاء منها.
الرقية الخاصة بالأرق والمخاوف الليلية:
إن مجال الأكبر الذي وردت فيه الرقى النبوية الكريمة إنما كان في معالجة الحالات والأمراض النفسية المختلفة كالأوهام والقلق والخوف من الأمراض والإصابة بالعين أو السحر وغيرها، وما ينجم عن ذلك أحياناً من كوابيس أو أحلام مزعجة وأرق، وقد علمنا رسول الله eدعاء يجعلنا في طمأنينة نفسية بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى حين قال: (وإذا فزع أحدكم من النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده. ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. فكان عمرو بن العاص يلقنها من بلغ من ولده. ومن لم يبلغ منهم، كتبها في صك ثم علقها في عنقه). رواه الترمذي وحسنه.
ويذكر الأطباء اليوم أن الأرق ينجم عن انشغال الذهن بهموم الأعمال اليومية وانفعالاتها أو عن مخاوف حياتية مختلفة، أو أنه يرافق بعض الشواشات العصبية وإن تحويل الذهن عما يشغل ساحته من التفكير بالمكدرات إلى التفكير بعظمة الخالق والاستعانة والاستجارة به، إن ذلك يكسب المصاب اطمئناناً وهدوءاً نفسياً يساعده على النوم ودفع الأرق.
السحر والرقية منه:
قال تعالى: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: [سحر رسول الله eرجل من بني ذريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله eيخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله حتى إذا كان يوم وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استنفتيت فيه؟. أتاني رجلان فقعد أحدهمك عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهم: ما وجع الرجل. قال: مطبوب قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان. فأتاها رسول الله في ناس من أصحابه فجاء فقال: يا عائشة كأن ماءه نقاعة الحناء و كأن رؤوس الشياطين.قلت : يا رسول الله أفلا نستخرجه؟ قال: قد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس شراً. فأمر بها(أي البئر) فدفنت[27] رواه الشيخان.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:(سحر رسول الله eحتى إنه كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن) رواه البخاري و مسلم. وقال سفيان [28]: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي eقال:(اجتنبوا السبع الموبقات.قال يا رسول الله وما هن؟قال: الشرك بالله و السحر......)رواه البخاري.
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (سحر النبي eرجل من اليهود، فاشتكى لذلك أياماً، فأتاه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك، عقد لك عقداً في بئر كذا زكذا، فأرسل رسول الله eفاستخرجها فحلها، فقام رسول الله eكأنما أنشط من عقال) رواه النسائي[29]
قال الدكتور سعيد رمضان البوطي: (ذكر العلماء أم جمهور المسلمين على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة ودليلهم حديث عائشة المتقدم، وذكر الله تعالى له فغي كتابه وأنه مما يتعلم وذلك لا يكون إلا فيما له حقيقة ما، وقوله سبحانه عنه (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجته) والتفريق بين المرء شيء حقيقة كما هو معروف).
وذكر القرطبي أن السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاجد الناس، ومادته الوقوف على خواص الأشياء والعلم بوجود تركيبها وأوقاته، والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيراً في القلوب كالحب والبغض، وفي الأبدان كالسقم والألم.
ويعد ابن حجر للسحر أنوعاً فمنها ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة لها نحوه ما يفعله المشعوذون من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، ومها ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب التقرب إليها ومنها ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانيتها بزعمهم.
وقال النووي: (عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع وقد عده النبي eمن السبع الموبقات ومنه ما يكن كفراً، ومنه ما لا يكون كفراً بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا وأما تعليمه فحرام وعن مالك: الساحر كافر يقتل به حداً ولا يستتاب.
وقال البوطي: (ويستشكل على البعض كون السحر بحد ذاته حقيقة ثابتة، إذ هو فيما يتوهمونه مناف لحقيقة التوحيد وانحصار التأثير لله وحده، والجواب على هذا الوهم هو أن اعتبار السحر حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثراً بذاته، بل هو كقولنا: السم له مفعول حقيقي ثابت. فهذا كلام صحيح لا ينكر، غير أن التأثير في كل هذه الأمور الثابتة إنما هو لله تعالى.
وفي قوله تعالى عن السحر (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) نفي التأثير الذاتي عن السحر، لكنه سبحانه أثبت في نفس الوقت مفعولاً للسحر ونتيجة منوطة بإذنه تعالى ...
ويستشكل على البعض أيضاًَ أن يقال: إن رسول الله eقد سحر، وأنة هذا كما يتوهمون يحط من قدر النبوة والجواب أن السحر الذي أصيب به النبي e إنما كان متسلطاً على جسده وظواهر جوارحه لا على عقله وقلبه واعتقاده فمعاناه eمن آثاره كمعاناته من آثار أي مرض من ألأمراض التي يتعرض لها الجسم البشري لأي كان ومعلوم أن عصمة الأنبياء لا تستلزم سلامته من الأمراض البشرية.
وقال ابن حجر: (سلك النبي eفي هذه القصة مسلكي وتعاطي الأسباب ففي أول الأمر فوض وسلم لأمر ربه فاحتسب الأجر في صبره على بلائه. ثم لما تمادى ذلك وخشي من تماديه أن يضعغه عن فنون عبادته جنح إلى التداوي ثم إلى الدعاء، وكل من المقامين في غاية الكمال).
وذكر ابن القيم [أن من هدي النبي eفي علاج السحر استخراجه وتبطيله فقد صح في حديث البخاري ومسلم أنه e: (سأل ربه سبحانه في ذلك، فدل علليه فاستخرجه من بئر فكان في مشطك ومشاطة وجف طلع ذكر فلما استخرجه ذهب ما به كأنما نشط من عقال)، فهذان أبلغ نا يعالج به المطبوب. وقد أخرج الطبري عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يرى بأساً إذ كان بالرجل سحر، أن يمشي إلى من يطلق عنه، وكان الحسن يكره ذلك]
وقال ابنم اللقيم: (ومن أنفع علاجات السحرـ الأدوية الإلهية ـ بل هي أدويته النافعة بالذات. فإن من تأثيرات الأرواح السفلية الخبيثة ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله مغموراً بذكره وله من التوجيهات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به ـ كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له ومن أعظم العلاجات له بعدما يصيبه).
ولقد كان أهم ما رقى به رسول الله eبفسه من السحر (المعوذتان) وقد ذكر ابن كثير في تفسيره أن حادثة سحر لبيد بن الأعصم للنبي eهي سبب نزول المعوذتين: نزلت ـ ليحل بقراءتها والاستعانة بها ـ العقد من سحره.
الرقية والريقة والتراب:
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي eكان يقول للمريض: (باسم الله، تببة أرضنا، بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا) رواه البخاري.
وعن سفيان قال: كان إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي e: (بإصبعه هكذا ـ وضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ـ باسم الله تربة أرضنا، بريقة بعضنا يشفى سفيان بإذن ربنا) رواه مسلم وقوله (بريقة بعضنا) يدل على أنه كان يتفل عند الرقية.
وقال النووي: (معنى الحديث أنه أخذ من ريق نفسه على أصبعه ثم وضعها على التراب فعلق به شيء منه ثم مسح به الموضع العليل أو الجرح قائلاًً الكلام المذكور في حالة المسح) وقاغل القرطبي: ((وضع النبي eسبابته بالأرض ووضعه عليه يدل على استحباب ذلك عند الرقية، ولعله فعلنه لخاصية في ذلك أو لحكمة إخحفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة)
ونقل ابن حجر عن البيضاوي: (قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلاً في النضج وتعديل المزاج). وعن النوربشتي قوله: (كأن المراد بالتربة الإشارة إلى فطرة آدم والريقة الإشارة إلى النطفة، كأنه تضرع بلسان الحال، أنط اخترعت الأصل الأول من التراب ثم أبدعته من ماء مهين، فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته).
والريق أو اللعاب هو ذلك السائل الموجود في الفم الذي تفرزه الغدد اللعابية المختلفة، وقد كتب الدكتور ظافر العطار[30] مقالة طريفة عن خواص اللعاب الشافية نقل فيها مشاهدات لعديد من علماء الغرب حول قدرات اللعاب الشفائية منها ما أثبته كل من Osdixhو Barnesمن أن للعاب خواص قاتلة وحالة لكثير من الجراثيم وأن اللعاب الطازج يصد المكورات العقدية الحالة للدم من نوع بيتا ويمنع تكاثر جراثيم الكزاز وأن فلمنع أثبت وجود مادة حالة للجراثيم في المخاط الأنفي واللعاب الإنسلاني تدعى باللسيوزيم وهي فعالة ضد المكورات السحائية والدقيقة MICROCOCCUSوضد المكورات العقدية والعنقودية المسؤولة عن تقيحات الجلد. وأثبت بحوث أخرى أن الجراثيم الهوائية الموجودة في اللعاب تعمل على توليد الماء الاوكسجيني ذو الخواص المطهرة.
وقد أثبت درجون[31] وزملاءه وجود نمطين قاتلين للجراثيم في اللعاب النكفي يتألف الأول من سيانات الكبريت مع عنصر بروتيني ويتكون الثاني من الماء الأوكسجيني مع سيانات الكبريت. أما العالم مركهيل وتوتو[32] فقد أكدا أن اللعاب الإنساني يخفف بصورة كبيرة من تطور السرطان التجريبي عند الفئران كما أثبت فولكر[33] أن اللعاب الإنساني يسرع من تخثر الدم، يدل على هذا عملياً أن الأعمال الجراحية المحراة في الفم تلتئم بأسرع مما لو كانت خارجه.
وهكذا يرى الدكتور العطار أن اللعاب أو الريقة تختلف من فم لفم وبصورة عامة فاللعاب يساعد على شفاء الجروح ويخفف من تأثير المواد المسرطنة ويقضي على الكثير من الجراثيم الممرضة.
الرقى معالجات نفسية يقرها الطب الحديث
إن فهم العلاقات المتبادلة والراسخة بين الحسم والنفس يجعلنا ندرك أهمية العلاج النفسي أو ما يسمى بالطب الروحاني والطب النفسي البدني هو الذي يبحث في العلاقات المتبادلة بين الجسم والنفس وفي تطبيق (الانفعالات) وغيرها من العومل النفسية على مشاكل المرضى وإن
الدوافع الابتدائية يمكن أن تتظاهر بالتساوي في العقل وفي الأعضاء وإن القلق يمكن أن يصيب العضوية بآليات مختلفة. وهكذا فالتآثرات بين العضوية والنفس من الأمور البديهية.
فالانفعال والنشاط الروحي وحتى درجة الذكاء يمكن أن تتبدل في سياق الأمراض العضوية المختلفة، يدل على ذلك ما نشاهده من همود وكآبة عند المصابين بعلل معدية ـ معوية أو تناسلية ـ بولية، وكذا الهذيان عند المصابين بالحمى الشديدة وعلى العكس فالحالة النفسية تؤثر في العضوية من غير شك، فالانفعال قد يؤدي إلى البوالة أو الإسهال أو توقف الهضم، وحتى أنه يطفي عند بعض الناس إمعان الفكر في بعض الأمور حتى تحدث عندهم حركات تدل على مجرى الحركة النفسية عندهم وكثيراً ما يتبدل المشهد بتأثير الانفعال النفسي ومن هنا شاعت طريقة المعالجة النفسية على الإقناع لشفاء كثير من العلل الوظيفية والعصبية.
وقد تبين أن للعوامل النفسية أثر عظيم في إحداث العلل العصبية الوظيفية وفي الشفاء منها أيضاً، وفي طليعة هذه العوامل (الانفعال) وما يحدث من أثر سيء في سير الوظائف الفزيولوجية في أنحاء البدن كافة والذي يفضي أحياناً إلى اضطراب في أحد أجهزة البدن قد يستمر ويكون باعثاً حقيقياً لإحداث علة عضوية ثابتة (قرحة التوتر الشرياني).
فالقلق مثلاً قادر على الإخلال بالوظائف الفيزيولوجية وعلى إحداث أعراض بدنية ـ نفسية إذ يمكن للقلق الحاد أن ينبه مثلاُ الجملة النباتية الودية sympathicمؤدياً إلى تشنج البواب أو الفؤاد أو المعي، كما يمكن أن يحدث زيادة في الحموضة المعدية أو إسهالاً أو إمساكاً أو خفقان في القلب أو خوارج انقباض أو ضيقاًُ تنفسياً أو تعرقاً في الوجه واليدين.
ويقصد بالمعالجة الروحية أو النفسانية تطمين المريض ورفع معنوياته والإيحاء إليه بأن مرضه سيسير عاجلاً نحو الشفاء. وقد أكد الدكتور القوصي[34] (أن أثر الإيحاء في الحالات الجسمية أمر معلوم ففكرة الصحة أو المرض يمكن أن تؤدي إلى الصحة أو المرض ويرجع قسط كبير من نجاح العلاج الدوائي إلى ما يصاحبه من إيحاء بالشفاء وإذا توفر الاعتقاد ـ أمكن الوصول إلى الشفاء دون أخذ الدواء) وقد أثبت الأطباء أن للإيحاء فوائد علاجية في كل من الأمراض العضوية والوظيفية والنفسية.
ففي الأمراض العضوية يفيد الإيحاء في عزل العنصر النفسي الذي يزيد في المظاهر المرضية ويشوش على الطبيب الصفحة السريرية ما قد يضلله في التشخيص كما ثبت أن الإيحاء قد يشفي أمراضاً عضوية بحتة كما هو معروف عند أطباء الجلد من شفاء الثآليل بالإيحاء.
أما في الاضطرابات الوظيفية فإن فائدة الإيحاء تكون أقوى، ومن أمثلتها معالجة بعض أنواع الخفقان والصداع وسوء الهضم والإمساك وفي معالجة أقياء الحمل المعندة (كما هو ثابت عند الأطباء المولدين) يقول الدكتور شوكت القنواتي: (ومما تجدر الإشارة إليه العلاقة الوثيقة بين الجهازين الودي والعصبي الدماغي مما يعلل دور الإيحاء في شفاء أقياء الحمل المعندة والخطرة وتقوم المعالجة النفسية بالإيحاء على عزل المريضة تماماً ثم بالتظاهر مثلاًُ بوجود انحراف في الرحم سيعمد المولد إلى رده أو اقناعها بأن لدى المولد طريقة لا تخيب سيطبقها لها، وكثيراً ما تكفي المعالجة النفسية هذه في شفاء تلك الأقياء).
أما فائدة الإيحاء في الأمراض النفسية فهي أعظم وأجل، إذ يعتبر في عداد أدويتها القيمة والناجعة وخاصة تلك الحالات الناجمة عن القلق. وحديثنا تعتبر التحليل النفسي من العلاجات المهمة للآفات النفسية. وفي هذا المجال يقول الدكتور النسيمي: (وإن المعالجة الروحية في الطب الإسلامي إنما تعتمد على القرى والأوعية المأثورة. وتشترك الرقى مع الإيحاء ببعض الشروط والظروف، ويعتبرها المسلمون استغاثة بالله تبارك وتعالى واستمدادا للعون منه).
إن فعل الرقى كعلاج يختلف بحسب درجات الإيمان واليقين وصفاء النفس وخاصة عند الراقي، وحسب درجة الالتجاء والتذلل والرجاء من الله تعالى حين الرقية، وعلى حسب اعتقاد المرقي بالرقية وثقته بأهلية الراقي وإخلاصه وهذا ويعلل الدكتور النسيمي النتائج الحسنة للرقى الإسلامية بأحد أمرين: الإيحاء والمعونة الإلهية، أو بكلا الأمرين معاً.
1ـ الإيحاء:
وبه ترتفع معنويات المريض وتخف الأعراض ويشعر بالتحسن أو يشفى، والطب الحديث يقر أثر الإيحاء في الشفاء بدون شك. يقول ابن القيم: (وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء ولكل شيء ضداً، ونفس الراقي تفعل في نفس المرقي فيقع بين نفسيهما فعل وانفعال، كما يقع بين الداء والدواء فتقوى نفس المرقي وقوته بالرقية على ذلك الداء فيدفعه بإذن الله ... وكلما كانت كيفية نفس الراقي كانت الرقية أتم) وقال: إن الأذكار والأدعية التي يستشفى بها، وإن كانت نافعة شافية لكنها تستدعي قبل المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره).
2ـ المعونة الإلهية:
يعتقد المسلمون بمعونة الله القادر على كل شيء والتي يقدمها سبحانه استجابة لدعوة المضطر، الصادرة من أعماق نفسه، أو معونة لعبده الصالح الذي رجه، يقول تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) وبقدر ما يكون الراقي كامل الإيمان، قوي العزيمة، صادق اللجوء إلى الله، بقدر ما تكون رقيته ناجعة بإذن الله. ولقد نقل ابن حجر عن الإمام ابن التين قوله: (الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب الروحاني، إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى).
ويعتقد المسلمون أن الرقية قد تنفع لوحدها بدون دواء مادي، وذلك عدم تيسر الدواء المادي أو فقدانه أو فشله. وإن يقين الراقي بالله وتعالى وصدق رجائه منه حين الرقية، وثقة المرقي بالله ثم بالراقي يزيد من إمكانية الشفاء ويستحسن تكرار الرقية لعدة أيام. هذا وإن شفاء اللديغ بالرقية لأكبر دليل على وجود أمر زائد عن الإيحاء وحده، لأن الإيحاء لا يكفي في شفائها فهو يزيل المخاوف والقلق حول نتائج اللدغة.
ويرى النسيمي أن من أسباب فشل المعالجة بالرقى، حين فشلها، أن يتقصد المريض إهمال الدواء المادي، المتيسر له، والمعروف فائدته لمرضه. ففي ذلك الفشل تأديب من الله تعالى للمهمل. ولأنه في إهماله هذا ترك للأخذ بالأسباب، وكأنه بذلك يعترض على الحكمة الإلهية في خلق الأدوية المادية التي هي سبب الشفاء، فتؤد به القدرة الإلهية بخيبة رقيته. وما أجاز الإسلام الرقي، بحال من الأحوال، لتحل محل الدواء المادي كما ثبت من فعل رسول الله e وسلوكه في صحته ومرضه، ولكن لتكون تذكيراً بالله ودعماً نفسياً لروحه لبلوغ أفضل النتائج العلاجية.
ولقد تكلم علماء المسلمين منذ القديم على أهمية الأدوية الروحية الداعمة للأدوية المادية فقال ابن القيم: (نبه الإسلام المريض على أدوية روحانية يضمها إلى لأدوية المادية المتوفرة، وتشمل اعتماد القلب على الله والتوكل عليه والالتجاء إليه والتذلل والصدقة والدعاء والاستغفار والإحسان إلى الخلق وإغاثة الملهوف. وهذا جاء على قانون الحكمة الألهية وليس خارجاً عنها ولكن الأسباب متنوعة فإن القلب متى اتصل برب العالمين، وخالق الداء والدواء ومدير الطبيعة ومصرفها على ما يشاء، كانت له أدوية أخرىة غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه، غير المرضي عنه، وقد علم أن الأرواح متى قويت، وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره.
وهذا الذي تكلم عنه ابن القيم، تحدث عنه الدكتور بول آرنست في كتابه (الله يتجلى) حيث يقول": (دلت الإحصائيات أن 80% من المرضى في جميع المدن الأمريكية، ترجع أمراضهم إلى حد كبير على مسببات نفسية وعصبية. ومما يؤسف له أن كثيراً ممن يشتغلون بالعلاج النفسي يفشلون لأنهم لبا يلجؤون إلى بث الإيمان بالله في نفوس المرضى مع أن الأديان جاءت لتحريرنا من هذه الاضطرابات وإن تسليمي بالنواحي الروحية إلى جانب إلمامي بالمادة العلمية يمكنني من علاج الأمراض علاجاً يتمس بالبركة الحقيقية).
وقد يعترض قائل فيقول: إن القرآن نزل هداية للبشر ودستوراً وتشريعاً لحياتهم فما بالكم تجعلونه طباً وعلاجاً؟ يجيب الشيخ عبد الله صديق على هذا فيقول: [إن الله سبحانه وتعالى أنزل كتابه لحكم ومنها إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومنها بيان الشرائع والأحكام التي كلف الله بها عباده، ومنها قراءته في الصلاة، والتعبد بتلاوته، ومنها التبرك به قال تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه) ومنها التداوي به، قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقوله: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) فهذه الحكم لا تنافر بينها ولا تناقص، وهي متداخلة متوافقة يمكن الأخذ بها جميعاً]
وقال الصديق: (إن التداوي بالقرآن يتضمن الالتجاء إلى الله في كشف الضر عن المصاب، بكلامه الذي فيه سره، وفيه ربوبيته، وفي لفت الناس إلى هذا الجانب الروحي حكم أهمها أن يكون بين العبد وربه صلة دائمة تقوي يقينه وتملأ قلبه طمأنينة فلا يعتر به قنوط ولا تضجره المصائب والأمراض على كثرتها وشدتها لاعتماده في دفعها على من وسعت رحمته وعمت نعمته سبحانه وتعالى).
وختاماً تقول أن الإسلام كما أمر بالتداوي بالأدوية الحسية المادية والأخذ بالأسباب العلمية فإنه رغب بمشاركتها بالأدوية الروحانية من رقى بكلام الله العزيز وأدعية مأثورة بل وجعل نبي الله الدعاء ضرب من العبادة فقال: (الدعاء مخ العبادة) حتى يتذكر المريض خالق الداء والدواء، وتبقى عقيدة التوحيد خالصة له سبحانه وتعالى في الصحة والمرض، مما يجعل روح المريض هادئة متفائلة بالتجائه إلى رب الأرباب، فيقوى صبره، وتغيب الوساوس والمخاوف والأوهام وترتفع معنوياته وينمو أمله بالشفاء. مما يؤدي إلى ازدياد مقاومته فعلاً وتختفي أعراض الاضطراب النفسي ويبدو التحسن بالطبع حتى في أعراض مرضه العضوي أو الوظيفي ويتم الشفاء أحياناً فيهما معونة من الله وفضلاً ...
كل ذلك بمقدار ثقة المريض بالرقية والراقي وبمقدار قوة إيمان الراقي ويقينه بالله سبحانه وتعالى. ذلكم متبغى المعالجة الروحية في الإسلام.
داووا مرضاكم بالصدقة:
عن أبي أمامة رضي اله عنه أن النبي e قال: (داووا مرضاكم بالصدقة) رواه الطبراني والبيهفي ورمز السيوطي لحسنه وقال في الجامع الصغير: (فإنها أنفع من الدواء الحسي)
وقال مصطفى عمارة في شرحه للترغيب والترهيب: أعطوا الفقراء ثدقات الله، يجب الله دعاءكم فيشف مرضاكم ويزل آلامكم.
وهكذا ترى أن الصدقة بهذا المفهوم نوع من التذلل والتضرع إلى الله ودعاء خفي من صاحب الحاجة، وجاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يلبي حاجته، مما يجعلها رقية لمرضيه يمكن أن نفهمها من قبيل الطب أيضاًَ، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.