حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان قال: قال عمرو: أول شيء سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم. (صحيح البخاري،كتاب الحج، باب: الحجامة للمحرم).
حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة رضي الله عنه قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، بلحي جمل، في وسط رأسه. (صحيح البخاري،كتاب الحج، باب: الحجامة للمحرم).
حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. (صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب: الحجامة والقيء للصائم)
حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث: حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم. (صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب: الحجامة والقيء للصائم).
حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن حميد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا من خراجه. ( صحيح البخاري، كتاب البيوع،باب: ذكر الحجام).
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر. قالوا: حدثنا إسماعيل (يعنون ابن جعفر) عن حميد. قال: سئل أنس بن مالك عن كسب الحجام؟ فقال:
احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم. حجمة أبو طيبة. فأمر له بصاعين من طعام. وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه. وقال (إن أفضل ما تداويتم به الحجامة. أو هو من أمثل دوائكم). (صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب حِل أجرة الحجامة).
حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد (واللفظ لعبد). قالا: أخبرنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس. قال: حجم النبي صلى الله عليه وسلم عبد لبني بياضه. فأعطاه النبي أجره. وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته. ولو كان سحتا لم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم. (إن أفضل ما تداويتم به الحجامة. أو هو من أمثل دوائكم). (صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب حِل أجرة الحجامة).
نستنتج من هذه الأحاديث:
1- أن الحجامة كانت معروفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- أن الرسول صلى الله عليه وسلم إحتجم عدة مرات في أماكن متعددة ولأسباب مختلفة.
3- أن الرسول صلى الله عليه وسلم حض أصحابه على الإحتجام.
4- أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم للحجامة وأمره الصحابة رضوان الله عليهم بها قد أعلى من قدر الحجامة بصورة لم تكن مسبوقة رغم سابق المعرفة بالحجامة في ذلك العصر.
5- إن تخصيص الشيخان البخاري ومسلم لأبواب بذاتها لبيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطى الأجر على الحجامة وسؤال بعض الصحابة رضوان الله عليهم عن ذلك يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غير نظرة السلف الصالح لهذا العمل من صورة العمل الحقير التافه إلى صورة العمل الكريم النافع كما قال ابن عباس رضى الله عنه فى صحيح مسلم (ولو كان سحتا لم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم.)
الاعتراضات:
1) أن هذا الفعل من قبيل الطب الشعبي المتاح في عصره صلى الله عليه وسلم.
ويرد عليه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حببه إلى صحابته صلى الله عليه وسلم كما
جاء في حديث أنس بصحيح الإمام مسلم مرفوعاً: (إن أفضل ما تداويتم به الحجامة. أو هو من
أمثل دوائكم).
2) إنه قد يكون متاحاً في الطب الحديث ما هو أنفع من هذا العلاج.
ويرد عليه بداية بأن مناط الإعجاز تتحقق بثبات فائدة الحجامة ذاتها ولا تتعلق بمقارنتها
بغيرها من العلاجات المختلفة وإلإجابة على هذا السؤال تعتبر تالية بعد إثبات الأثر العلاجي للحجامة.
3) ما جاء عن بعض السلف أن الحجامة تخرج ( دم فساد) وهو ما ليس له معنى من ناحية
الطب الحديث.
ويرد عليه أن هذا رأى لقائله لا علاقة له بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4) أن الطريقة التي تؤثر بها الحجامة غير معروفة وهذا يخالف مبادئ الطب الحديث.
ويرد عله بأن الكثير من العلاجات المعترف بها لا يعرف طريقة عملها وإنما تعرف بأثرها
(Evidence based medicine)كما أن هذا الاعتراض إنما هو موجه بالأساس لعلماء الطب المسلمين المعاصرين لتقصيرهم في دراسة الحجامة ومجالات عملها وطريقة تأثيرها على الجسم في الحالات المختلفة.
مجالات البحث:
يمكن بداية للبحث في مجالات متعددة منها:
1 – دراسة موثقة لمقارنة دم الحجامة بالدم الوريدي .
2 - دراسة موثقة لمقارنة الدم الوريدي قبل وبعد الحجامة وعلى فترات متفاوتة .
3- دراسة موثقة لمقارنة الحالة الإكلينيكية ( نبض- ضغط- حرارة.................) قبل وبعد الحجامة في الحالات المختلفة وعلى فترات متفاوتة.
4- دراسة موثقة لمقارنة الحالة المناعية قبل وبعد الحجامة وعلى فترات متفاوتة.
(.................(T helper- T killer) - B Lymphocytes (T Lymphocytes.
5- دراسة موثقة لدراسة الأثر العلاجي للحجامة في الأمراض المختلفة.
والذي يدعو إلى تكرار عبارة (دراسة موثقة) هو كثرة الدراسات والمقالات المرسلة في موضوع الحجامة والتي تعد بالآلاف أوبعشرات الآلاف على الشبكة العنكبوتية في مواقع البحث العامة مثل (Google) مع ندرتها أو انعدامها في مواقع البحث الموثقة مثل (PUBMED) وقد قام بعض علماء المسلمين بالفعل مؤخراً بعدد من الأبحاث الموثقة في هذا الباب منها رسالة ماجستير يقسم الأمراض الباطنية بجامعة المنصورة تناولت أثر الحجامة على بعض الحالات الروماتيزمية ومنها بعض الأبحاث بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة وهناك أبحاث أخرى قام بها أساتذة وأطباء أفاضل في سورية وغيرها من الدول الإسلامية ولم يتيسر لكاتبه الإطلاع عليها. كما إحتوت بعض الكتب على نتائج تحليلات لمرضى مصابون بعلل مختلفة قبل وبعد الحجامة لبيان الأثر الإيجابي، ولكن أياً من هذه الأبحاث غير منشور عالمياً حسب حدود الإطلاع. والذي سيرغب في عمل دراسات موثقة سوف يعاني فعلاً من ندرة الدراسات الأكاديمية الموثقة بالصورة المعتادة في هذا المجال ولكنه سيفتح باباً جديداً لعل الله تعالى يكتب له فيه أجر السبق بإذن الله.
فائدة: التطبيق المباشر للحجامة بطريقة علمية سليمة في الحالات التي إحتجم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نفس المواضع التي إحتجم عليها في كل حالة هو من باب الجمع بين طلب التداوي وإتباع السنة وطلب الثواب من الله تعالى. وعلى الأطباء الذين يجرون الحجامة جمع الأحاديث الصحيحة في هذا الباب وتحديد مواضع الحجامة في كل حالة وتطبيقها. أما التوسع في إستعمال الحجامة في مواضع عديدة من الجسم وفي جميع الحالات المرضية فهذا مايحتاج إلي خضوعه للتجارب الموثقة للحكم عليه. والذين يقومون بالحجامة الاّن إنما يسيرون على المواضع المستخدمة في الإبر الصينية وفي أمراض لم ترد بها السنة النبوية الشريفة. وإن كان منطلقهم ونيتهم إتباع السنة. إلا أنه يحق لنا مع هذا التوسع أن نطالب بأن يخضع أثر الحجامة في هذه الحالات للدراسات العلمية الموثقة والتي قد تفتح بدورها أبواباً جديدة من أوجه الإعجاز في باب الحجامة.
وفى النهاية، فإن هذا قطرة في بحر الأبحاث في مجال الإعجاز العلمي في القراَن والسنة ولاستكمال المسيرة في هذا الاتجاه فإن هذا الأمر قد يتطلب:
· وجود لجنة تتلقى اقتراحات الأبحاث في مجال الإعجاز وتقوم بتقييمها علمياً وشرعياً بواسطة متخصصين وتوجيه توصية بسلامة البحث أو اقتراح التعديل حسب إمكانات الباحث المتاحة. وقد تكون من خلال موقع على الشبكة العنكبوتية، ولعله يكون هذا الموقع الكريم بإذن الله.
· قيام لجنة بنشر قائمة بأفكار الأبحاث التي يمكن الدعوة إلى إجرائها علمياً لتشجيع الباحثين في مختلف التخصصات على اختيار ما يناسبهم حسب الإمكانات المتاحة. وقد يكون أيضاً مثل الاقتراح الأول من خلال هذا الموقع الكريم بإذن الله.
· يمكن تقسيم الموضوع الواحد على عدد من النقاط البحثية المتنوعة.
· تتم المتابعة الدورية للنتائج البحثية وتساعد اللجنة من خلال خبرات أعضائها في إمكان نشر النتائج النهائية في المجلات العلمية المحكًمة.
· من خلال النتائج المعملية للأبحاث يمكن إقتراح أبحاث جديدة.
إننا نؤمن أن الإسلام هو الرسالة الخاتمة، وأن القراّن الكريم هو الكتاب الخاتم، وأن لإعجاز القراّن عطاءً لا ينقطع فى كل عصر. وإذا كان عصرنا هذا قد شهد حتى الاّن ثبوت التطابق المعجز بين العشرات نصوص الكتاب والسنة وحقائق العلم الحديث، فلعل العصور القادمة تحمل ما هو أعظم وأروع، فإن هذا القراّن لا تنقضى عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد. ولعلنا نكون فى هذا البحث قد أضئنا شمعة فى هذا الطريق. وأشرنا إلى بدايات مبشرة لحقائق جديدة في مجال الإعجاز العلمي فى القراَن والسنة تنتظر من يتقدم ليميط اللثام عن مكنونها المبهر بإذن الله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين