|
السواتر الترابية تحجب البحر عن عشاقه (الجزيرة نت)
|
نغم ناصر-اللاذقية
"بلّط البحر" مقولة يراها عشاق البحر في سوريا وفي اللاذقية خاصة حقيقة تطال شاطئ المدينة الذي يشهد على طوله مشاريع استثمارية ضخمة تشمل منتجعات ومطاعم سياحية يقولون إنها ستحجب البحر, لكن جهات رسمية ترى في الأمر مناخا استثماريا هاما لجذب السياحة ودعم الاقتصاد.
أهمية الاستثمارات
مدير السياحة في اللاذقية فايز عدره تحدث عن أهمية الاستثمارات في تطوير المدينة خاصة وتنمية الدخل الوطني بـ"زيادة فرص العمل وجذب الاستثمارات المالية", حيث بلغت استثمارات شركات محلية وعربية وأجنبية تسلمت مواقع مشاريعها 372.88 مليون دولار.
ويشكل استثمار شركة الديار القطرية -الذي يصل إلى 224 مليون دولار- أكبر المشاريع من حيث صيغة الاستثمار وتنوع مشاريعه ومدته الزمنية, بحق انتفاع لـ 99 عاما.
|
الخبير الاقتصادي باسم غدير: الاستثمار بحاجة لدراسة إستراتيجية يعود بالفائدة على سكان المدينة (الجزيرة نت)
|
انخفاض مستوى المعيشة
غير أن الخبير الاقتصادي الدكتور باسم غدير يتساءل عن الفائدة المرجوة من هذه المدة "فتجارب مشابهة في تركيا أثارت عقود الاستثمار الطويلة فيها إشكاليات عدة".
يقول عدره إن الحكومة راعت تخديم كافة الشرائح بالاستثمارات الممنوحة باختلاف فئة النجوم وتضمينها شواطئ مفتوحة لأصحاب الدخل المحدود تقدم خدمات مجانية وبأجر.
لكن غدير يشكك بقدرة المواطن السوري على ارتياد المنتجعات ومطاعم فئة النجمتين أو النجمة "هو الذي يصعب عليه ارتياد المطاعم الشعبية بسبب تدني مستوى معيشته".
وحسب غدير فالمناطق المفتوحة شهدت استقطابا كبيرا لاستثمارها فكيف الحال عندما يصبح الشاطئ المفتوح مجاورا لفنادق الأربع نجوم, "فالموضوع يحتاج ضمانات كبيرة من المستثمرين ولا يوجد تجارب سابقة نعول عليها".
ويضيف "إن مشاريع مماثلة تستلزم رفع مستوى معيشة سكانها حيث تقول الإحصائيات إن 75% من سكان اللاذقية من ذوي الدخل المحدود".
ويضرب مثلا لاستثمار تنفذه شركة عربية بالمدينة, 90% إلى 95% من كوادره غير سوريين "وحبذا لو تضمن تطوير المدينة الاعتماد على القدرات الذاتية لسكانها لتساهم في رفع مستوى دخولهم".
إغلاق منافذ البحر
غدير يشيد بأهمية تنمية الاقتصاد الوطني بالاستثمار السياحي "فاللاذقية غنية بطبيعتها الساحرة وبآثارها" لكنه يراه بحاجة إلى دراسة إستراتيجية بعيدة المدى تشمل كافة الاحتمالات "فتجربة إنشاء المرفأ الذي أغلق بوابة البحر في منطقة الكورنيش الشمالي للمدينة دليل واضح على عدم مراعاة شروط الاستثمار الناجح", وهو يخشى تكرارها مع كافة منافذ البحر, "وبذلك يفتقد أهل اللاذقية البحر كهوية لسكانه وسيفقدون ميزة الوصول إليه بسهولة, ولو تمكنوا من ذلك فلن تكون المناطق الأجمل".
تقديم عريضة
ومع بداية الصيف شهد الكورنيش الجنوبي -الذي شمله الاستثمار المحلي- انخفاضا ملحوظا في مرتاديه, شعر به بعض الباعة القليلين المتواجدين فيه بعدما حٌجِب البحر بسواتر ترابية وأخرى حجرية تمهيدا لإنشاء مطاعم ستحجبه نهائيا.
وسبق انطلاق المشاريع الاستثمارية التي تشهدها اللاذقية احتجاج شعبي, وسلمت عريضة لجهات رسمية عدة تضمنت "رفض إقامة منشآت تحجب البحر عن المواطنين سواء بالرؤية أو بإمكانية الوصول إلى الشاطئ", وطلبت "إقامتها خلف الكورنيش باتجاه المدينة وليس بين الكورنيش والبحر كي لا تتحول المدينة وسكانها إلى غرباء عن شاطئهم ومنفيين عن بحرهم".
|
مدير السياحة فايز عدره: الاستثمار السياحي يدعم الاقتصاد الوطني (الجزيرة نت)
|
العريضة لم تلق آذانا صاغية كما قال المهندس عبد الوهاب الخطيب أحد موقعيها, فـ"حٌرِمنا من البحر الذي ينعم بجماله سكان المدن المطلة عليه في مختلف أنحاء العالم".
أما أبو بحر فيجد نفسه الآن عاجزا عن ارتياد الكورنيش برفقة عائلته, وهو الذي اعتاد شراء الذرة من الباعة الجوالين أو الجلوس أحيانا في مقاهي شعبية تقدم مشروبات ساخنة وباردة, أزيلت الآن نهائيا لتستبدل بمطاعم تحجب بحرا "لا نراه حتى لو مشينا فقط".
ويقول "بحر اسم أطلقته على طفلي الصغير. لكن ربما لن يعرف الدافع لتسميته وهو يرى البحر من وراء الجدران".