مُـقـدمـة
لدى الإنسان نوعان من الغدد العرقية , الغدد العرقية الناتحة Eccrine Sweat Glands و الغدد العرقية المُفترزة
Apocrine Sweat Glands , و الغدد العرقية الناتحة هي التي تنتج و تفرز العرق , و لها دور مهم في تنظيم حرارة الجسم عند إرتفاع درجة حرارته عن طريق التبريد بتبخر العرق على سطح الجلد. و يبلغ عددها في الجلد 2 - 4 مليون تقريباً. و تفرز العرق تحت تأثير الجهاز العصبي المستقل الودي Sympathetic Nervous System عن طريق الناقل العصبي الأسيتايل كولين Acetycholine . و تتكون هذه الغدد العرقية من ملف مُفرز secretory coil و الذي ينتج العرق و جزء أنبوبي (القناة) ductal portion و الذي يعبر الأدمة Dermis و البُشرة Epidermis ليفتح على سطح الجلد.
فرط التعرق Hyperhidrosis (كثرة العرق) كلمة كيفية, أي تقاس عرفاً بالنسبة للأشخاص الآخرين , أي أن الشخص يشعر بأنه يُعرق أكثر من غيره أو يُلاحظ الناس عليه ذلك. و لكن علمياً و في الأبحاث يُعرف فرط التعرق بإنتاج أكثر من 100 مليجرام عرق من إبط واحد (منطقة الإبط) في فترة 5 دقائق .
أنـواع فـرط الـتـعـرق
1) فرط التعرق الموضعي Focal Hyperhidrosis :
اي يُصيب مواقع موضعية معينة من الجسم و هي غالباً منطقة الأبطين , راحة اليدين , باطن القدمين , منطقة الوجه و نادراً مناطق أخرى من الجسم. بالطبع هذا يؤدي إلى مشاكل جمة و خاصة في العمل , تصوروا سكرتيرة تعمل و يداها تقطر عرقاً , كيف تستطيع إنجاز عملها المكتبي و التعامل مع كل تلك الأوراق؟
- يُصيب فرط التعرق الموضعي 0.5% من الناس و يظهر عادة في العقد الثاني و الثالث من الحياة (العمر بين 11 - 30 سنة).
- سبب فرط التعرق الموضعي غير معروف أو أساسي و ينتج عن زيادة في إستجابة الغدد العرقية للإشارات العصبية
Neurogenic overactivity of the sweat glands
- يُصيب فرط التعرق الموضعي منطقة راحة اليدين و / أو باطن القدمين في 60% /من الحالات.
- يُصيب فرط التعرق الموضعي منطقة الإبطين في 30% - 40% من الحالات.
- يُصيب فرط التعرق الموضعي منطقة الوجه في 10% من الحالات.
فرط التعرق الموضعي يؤدي إلى ضغط نفسي و إجتماعي على المريض , و القلق و التوتر يؤديان إلى استثارة التعرق الموضعي عند المُصاب و لكن نادراً جداً ما تكون الحالة مُصاحبة لمرض نفساني. التعرق الموضعي حالة فسيولوجية و ليست مرض نفساني و لكنها يمكن أن تكون حالة ثانوية للقلق و التوتر الإجتماعي. و نادراً جداً ما تكون الحالة ثانوية لإصابات الحبل الشوكي Spinal cord injuries .
2) فرط التعرق العام Generalized Hyperhidrosis :
فرط التعرق يُصيب عامة الجسم و أسبابه عديدة و منها :
-
مرض السرطان الخبيث Malignancy .
-
أمراض الجهاز العصبي Neurologic disorders .
-
أمراض الأيض
Metabolic disorders مثل فرط الغدة الدرقية Thyrotoxicosis , مرض السكري Diabetes Mellitus , هبوط السكر في الدم Hypoglycemia , النقرس Gout , سن اليأس Menopause .
-
إدمان الكحول المزمن Chronic Alcoholism .
-
مرض هوجكينز
Hodgkin's disease , و أمراض الأخماج المزمنة Chronic Infections مثل مرض السل (الدرن) Tuberculosis و خاصة في فرط التعرق الليلي Nocturnal Hyperhidrosis.
مُـضـاعـفـات فـرط الـتـعـرق
-
التأثير النفسي و الإجتماعي لفرط التعرق على المُصاب يمكن أن يكون هو أهم شيء في هذه المشكلة. حيث , و خاصة النساء , يجد المُصاب صعوبة في التكيف مع المشكلة في العمل و في المناسبات الإجتماعية و هذا التوتر بدوره يزيد من المشكلة أي يزيد من التعرق, و بهذا يدخل المُصاب في حلقةشرسة , ففرط التعرق يؤدي إلى التوتر الإجتماعي و التوتر بدوره يزيد التعرق و هكذا.
-
التجفاف Dehydration , نتيجة فقدان السوائل عن طريق التعرق.
-
تعطن الجلد Skin Maceration , خاصة في مناطق الإحتكاك حيث يؤدي العرق و الإحتكاك إلى تعطن الجلد , مثل منطقة ما بين الفخذين و الأبط.
-
التهابات جلدية ثانوية
Secondary Skin Infections سواء بالبكتيريا أو الفطريات.
عـلاج فـرط الـتـعـرق
علاج فرط التعرق يتراوح ما بين العلاج الموضعي بضواد التعرق إلى العمليات الجراحية , و مؤخراً بحقن البوتكس كذلك. بالطبع يُعالج السبب إن عُرف في حالات فرط التعرق العام.
1- العلاج الموضعي بضواد التعرق Antiperspirants و مزيل الرائحة Deodorants و يجب عدم الخلط بينهم حيث أنهما مختلفان من حيث التركيبة و آلية عملهما. ضواد التعرق تمنع الغدد العرقية في الجلد من افراز العرق و آلية ذلك غير معروفة بالضبط و لكن النظرية الأكثر شيوعاً تُفيد بأن المعادن التي تحتويها هذه التحضيرات تسد فتحات قنوات الغدد العرقية. أما مزيل الرائحة فأنها تحتوي على مواد تحجب رائحة العرق الكريهة أو مواد تقلل من البكتيريا على الجلد و بالتالي تقلل من الرائحة الناتجة عن العرق بفعل البكتيريا.
أكثر المعادن المستخدمة في ضواد التعرق هي الألمنيوم Aluminum و الزركونيوم Zirconium , و تشمل ألمنيوم كلورايد Aluminum chloride و ألمنيوم كلوروهايدريت Aluminum chlorohydrate و ألمنيوم زركونيوم كلوروهايدريت Aluminum zirconium chlorohydrate .
مزيل الرائحة عادة يحتوي على ضواد للبكتيريا مثل ستافلوكوكس أوريوس Staphylococcus aureus و ايروباكتر ايروجينس Aerobacter aerogenes و كوريني بكتيريا Corynebacteria . ضواد البكتيريا المستخدمة تشمل الأمونيوم الرباعية quaternary ammonium و البنزيثونيوم كلورايد benzethonium chloride و تراي كلوسان triclosan .
الألمنيوم كلورايد Aluminum chloride و بتركيزات عالية لا توجد بمستحضرات ضواد التعرق التجارية 20% ذو مفعول جيد لمرضى فرط التعرق , و يوضع مرة واحدة ليلاً للسيطرة على فرط التعرق , و بعد أن يعطي النتيجة تقلل مرات استخدامه حسب استجابة المُصاب.
2- العلاج برحلان الشوارد Iontophoresis , شوارد جمع شاردة و الشاردة Ion هي جزيء المادة الذي يحمل شحنة كهربائية سواء كانت موجبة + أو سالبة - ,و غير متحد مع غيره. و يتم عن طريق مرور تيار كهربائي مُباشر بشدة 15 ملي أمبير mA عبر الجلد بواسطة جهاز و عادة يُستخدم ماء الصنبور (الحنفية) , فإذا مررنا تيار كهربائي موجب ترحل الشوارد التي تحمل الشحنات الموجبة + للجلد و العكس إذا استخدمنا تيار كهربائي سالب. و يعمل هذا العلاج بسد الغدد العرقية مادياً بالشوارد. و ينفع في 85% من حالات فرط تعرق راحة اليدين و باطن القدمين.
صورة لجهاز رحلان الشوارد الكهربائي.
و يوجد منه أجهزة تعمل بالبطارية لراحة اليدين و الإبطين و باطن القدمين.
صورة لجهاز رحلان الشوارد الذي يعمل بالبطارية.
و يُستخدم العلاج لمدة 20 دقيقة في الجلسة الواحدة يومياً حتى نصل لنتيجة و من ثم 3 - 4 مرات اسبوعياً تكفي. و من آثار العلاج الجانبية هي تجفاف الجلد و تشققه.
لا يستخدم العلاج برحلان الشوارد لمنطقة الوجه و العنق و الظهر و البطن.
3- العلاج الجهازي بأدوية ضواد الكولين Anticholinergic Drugs , الأسيتالين كولين , و هذه الأدوية تحد من عمل الناقل العصبي Neurotransmitter الأسيتالين كولين في نهاية أطراف الأعصاب التي تغذي الغدد العرقية في الجلد , و هذا الناقل هو الذي يسبب افراز الغدد العرقية للعرق. و من هذه الأدوية الجلايكوبايروليت Glycopyrrolate (Robinul) و كذلك بروبانثيلين برومايد Propantheline bromide (Pro Banthine) و أوكسي ديتروبان oxybutynin (Ditropan) . و من الآثار الجانبية لهذا العلاج - نشفان الحلق , دوخة , إمساك , خفقان القلب و إحتباس البول. و تختلف نسبة نجاح هذا العلاج من شخص لشخص.
4- العلاج الجراحي Surgery :
أ- علاج جراحي موضعي لفرط التعرق في الإبطين Local Surgical Management و ذلك بإزالة الجلد و الطبقة التي تحته و التي تحتوي على الغدد العرقية و لكن هذه العملية تؤدي إلى حدوث ندب كبيرة و قبيحة مما أدى إلى محاولة البحث عن طرق جراحية أخرى. و أفضلها من حيث النتيجة التجميلية و المضاعفات بعد العملية هي كشط الطبقة تحت الجلد و معها الغدد العرقية من دون إزالة الجلد Curettage و الشفط مع كشط الطبقة تحت الجلد Suction Curettage , و تعمل عادة تحت تخدير موضعي.
ب - قطع الودي Sympathectomy , و كانت تُجرى هذه العملية بفتح القفص الصدري و تدمير العقد الودية الصدرية Thoracic Sympathetic Ganglia التي تغذي الغدد العرقية في الإبطين و راحة اليدين. حيث أن الجهاز المستقل الودي Sympathetic Nervous System هو الذي يسبب التعرق عن طريق الناقل العصبي الأسيتايل كولين. و لكن الآن تُجرى العملية عن طريق المنظار Endoscopic Thoracic Sympathectomy "ETS" و يتم فيها تدمير العقد الودية الصدرية بالكي الكهربائي Electrocautery الثانية T2 و الثالثة T3 لفرط التعرق في راحة اليدين, و العقدة الرابعة T4 لفرط تعرق الإبطين. و كذلك تُعمل العملية من دون تدمير العقد الودية , فقط بإعاقة التيار منها لللغدد العرقية , و لها نتائج طيبة تعادل نتائج تدميرها.
نسبة نجاح العملية مباشرة في حالات فرط تعرق راحة اليدين تصل إلى 98% و تصل إلى 95.2% على المدى البعيد. و في حالات فرط تعرق الإبطين تصل 83.3% و تصل إلى 68.3% على المدى البعيد.
5- الحقن بسم البتيولينيوم Botulinum Toxin , هذا السم تنتجه نوع من البكتيريا اسمها كلوستيريديوم بوتيلينوم Clostridium Botulinum و هذه البكتيريا عادة تسبب تسمم غذائي شديد. و تنتج سبعة أنواع من السموم و السم المستخدم هنا هو السم نوع أي Botulinum toxin type A (BTX-A) . يستخدم السم بالحقن لعلاج فرط تعرق راحة اليدين و لإبطين و جبهة الوجه. و يُعطى في 10 - 15 موضع موزعة بالتساوي في الإبط (الصورة) و كذلك مواضع موزعة في راحة و أصابع اليدين بينها تقريباً مسافة 2,5 سنتيميتر (الصورة).
صورة لمواقع حقن سم البتيولينيوم في راحة اليد و الإبط.
د.خليل رضا اليوسفي
استشاري طب العائلة - الكويت