بسم الله الرحمن الرحيم
لما كان الكفر هو السبب في الخلود في النار فإن النجاة من النار تكون بالإيمان والعمل الصالح، ولذا فإن المسلمين يتوسلون إلى ربهم بإيمانهم كي يخلصهم من النار، (الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار) [آل عمران: 16]، (ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار * ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار* ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار* ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد) [آل عمران: 191-194].
وقد فصلت النصوص هذا الموضوع فبينت الأعمال التي تقي النار فمن ذلك محبة الله، ففي مستدرك الحاكم ومسند أحمد عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " والله لا يلقي الله حبيبه في النار ". (1)
والصيام جنة من النار، ففي مسند أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " قال الله - تعالى -: الصيام جنة يستجن بها من النار ". (2)
وعند البيهقي في الشعب من حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الصوم جنة من عذاب الله " ورواه أحمد والنسائي وابن ماجة وابن خزمية وإسناده صحيح. (3)
أما إذا كان الصوم في حال جهاد الأعداء فذاك الفوز العظيم، فعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من صام يوماً في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ". رواه أحمد، والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. (4)
ومما ينجي من النار مخافة الله، والجهاد في سبيل الله (ولمن خاف مقام ربه جنتان) [الرحمن: 46]، وروى الترمذي والنسائي في سننهما عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ". (5)
وفي صحيح البخاري عن ابن عبس وهو عبد الرحمن بن جبر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله، فتمسه النار " (6)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً ". (7)
ومما يقي العبد من النار استجارة العبد بالله من النار، (والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً* إنها ساءت مستقراً ومقاماً) [الفرقان: 65-66]، وفي مسند أحمد وسنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما سأل أحد الله الجنة ثلاثاً، إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ولا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثاً، إلا قالت النار: اللهم أجره مني". (8)
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر الملائكة الذين يلتمسون مجالس الذكر وفيه: " أن الله - عز وجل - يسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: " فمم يتعوذون؟ فيقولون: من النار، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد مخافة، فأشهدكم أني قد غفرت لهم ". (9)
----------------
(1) حديث صحيح، انظر صحيح الجامع (6/104)، ورقم الحديث: (6/104).
(2) صحيح الجامع: (4/114).
(3) صحيح الجامع: (3/264).
(4) صحيح الجامع: (5/310). وفي صحيح البخاري: 2840. وصحيح مسلم: 1153.
(5) مشكاة المصابيح: (2/356)، حديث رقم: 3828، وقال المحقق في إسناده: صحيح. انظره في سنن الترمذي: 1633، 2311. وقال الترمذي فيه: هذا حديث حسن صحيح.
(6) مشكاة المصابيح: (2/349)، ورقمه: 3794. وهو في صحيح البخاري برقم: 2811.
(7) مشكاة المصابيح: (2/349)، ورقمه: 3795. وهو في صحيح مسلم برقم: 1891.
(8) صحيح الجامع: (5/145)، ورقمه: 5506.
(9) صحيح الجامع:(2/233)، ورقمه: 2169، وعزاه إلى البخاري ومسلم وأحمد