عند عودة الحجاج من رحلة الحج يبدأ بعض الحجاج بمراجعة عيادة الأمراض الصدرية بسبب ظهور بعض الأعراض على الجهاز التنفسي تتمثل في الأساس بالسعال مع مصاحبته بارتفاع في الحرارة في بعض الحالات. ومن المعلوم أن الحجاج معرضون للإصابة ولأسباب كثيرة منها كثرة الزحام للإصابة ببعض الأمراض المعدية التي قد تبقى أعراضها بعد عودتهم من الحج ومن هذه الأمراض التهابات الجهاز التنفسي العلوي والسفلي.
ويتساءل الكثير من الناس عن أسباب السعال بصفة عامة وبعد الحج بصورة خاصة. وسنحاول هنا أن نتعرض لذلك ولطرق علاج السعال. فالبعض يعتقد أن عرض السعال يعالج بدواء للسعال أو شراب الكحة وهذا اعتقاد خاطئ لأن السعال عرض له مسببات كثيرة في الجهاز التنفسي وخارج الجهاز التنفسي ولابد من معالجة السبب حتى يختفي عرض السعال وهذا يوضح لماذا لا تتحسن أعراض السعال بعد تناول شراب الكحة.
والسعال بعد الحج يكون في العادة قصير المدى أي لمدة أيام (أقل من ثلاثة أسابيع) وهذا ما سنحول أن نوضحه في هذا السياق ولن نتعرض للسعال المزمن لأن له أسباب اخرى.
واكثر أسباب السعال بعد الحج تكون ناتجة عن الإصابة بالتهاب فيروسي في الحهاز التنفسي العلوي قد يصاحبه التهاب في الجيوب الأنفية. و ينتج هذا الالتهاب في العادة عن عدد من الفيروسات مثل فيروس الانفلونزا. وينتج عن ذلك زيادة إفرازات الجيوب الأنفية مما يؤدي إلى تدفق الإفرازات الأنفية إلى البلعوم و الحنجرة ويسبب ذلك السعال. ومن أعراض المشلكة محاولة المريض إخراج البلغم أو المخاط من الحلق أو ما يعرف بالنحنحة بصورة مستمرة. كما قد يعاني المريض من إفرازات من الأنف أو آلام فوق منطقة الجيوب الأنفية. وعلاج هذه المشكلة يتطلب التشخيص الدقيق لها ومن ثم وصف العلاج المناسب. وقد يحتاج المريض في بعض الحالات إلى عمل إشاعة للجيوب الأنفية لكشف على مدى تأثر الجيوب الأنفية بالالتهاب. ويتلخص علاج هذه المشكلة في استخدام مضادات الهيستامين ومانعات الاحتقان وقد توصف بخاخات للأنف وإذا اعتقد الطبيب بوجود التهاب بكتيري حاد في الجيوب الأنفية فقد يضيف مضادا حيويا لبرنامج العلاج.
وسبب آخر شائع للسعال هو تهيج القصبات الهوائية ومجاري الهواء نتيجة التعرض لالتهاب فيروسي أو زيادة تحسسها نتيجة ذلك الالتهاب. وقد تظهر هذا المشكلة كزيادة في الأعراض عند مرضى الربو أو المدخنين وقد يكون ظهورها لأول مرة عند الأشخاص الذين لم يكونوا مصابين بأمراض الصدر. ومن المعلوم طبيا أن الالتهابات الفيروسية أحد مسببات تهيج القصبات وزيادة تحسسها. وعلاج هذه الحالات ينحصر في علاجات الحساسية الصدرية (الربو) لفترة يحددها الطبيب المعالج وبالنسبة لمرضى الربو الذين يتناولون علاجات الربو فقد يتم مضاعفة جرعة العلاج لفترة مؤقتة لحين تحسن الأعراض.
و بالنسبة للمدخنين فقد يكون التهاب القصبات الهوائية شديدا في بعض الأحيان مصحوبا بضيق في النفس وزيادة في كمية البلغم وتغير في لون البلغم إلى اللون الأصفر أو الأخضر مما قد يضطر الطبيب لوصف مضادا حيويا.
وفي كثير من الحالات يكون هناك أكثر من سبب للسعال، وفي هذا الحالات يتوجب علاج جميع الأسباب في نفس الوقت. ويجدر بالذكر هنا أن هناك سبب شائع للسعال يتم إغفاله في كثير من الأحيان مما يتنج عنه استمرار الأعراض لفترة طويلة وذلك السبب هو ارتجاع أو ارتداد العصارة الحمضية من المعدة إلى المرئ وهذا يسبب استمرار السعال نتيجة وجود اتصال عصبي بين المرئ والقصبات الهوائية وتظهر هذا المشكلة عند الأشخاص الذين لديهم ارتخاء في الصمام الموجود بين المعدة والمرئ.
وهناك اسباب أكثر خطورة ولكنها أقل شيوعا ووجود أعراض أي منها يتطلب سرعة الحصول على استشارة طبية. ومن هذه الأسباب ألتهاب الحويصلات الهوائية (ذات الرئة) الناتج عن التهاب بكتيري أو فيروسي ويصاحب هذا المرض ارتفاع في درجة الحرارة وقد يشكو المريض من آلام حادة في الصدر وقد يكون السعال في الأحيان مصحوبا بدم وفي حال وجود أي من هذه الأعراض يتوجب مراجعة الطبيب مباشرة. نسال الله العافية لكل حجاج بيته