التدخين احد أهم أسباب تدهور الصحة في العصر الحالي. سنتحدث اليوم عن تأثير وقف التدخين على معدلات الإصابة بالسرطان وبالذات سرطان الرئة. فقد أظهر تقرير نشر (Tobacco Control 2006) من قسم الإحصاء البحثي وجمعية أمراض السرطان الأمريكية، أن هناك انخفاض في حالات الوفاة الناتجة عن سرطان الرئة بسبب انخفاض عدد المدخنين في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المعلوم للقارئ أن التدخين يسبب الكثير من الأورام الخبيثة في الجسم والتي قد تؤدي للوفاة مثل أورام الفم، وأورام المرئ، وأورام المعدة والقولون والكلية وغيرها إلا أن سرطان الرئة هو أكثر الأورام الشائعة نتيجة للتدخين. فسرطان الرئة هو المسئول عن 80% من الوفيات الناتجة عن الأورام الخبيثة عند المدخنين. كما أن 88% من الوفيات عند الرجال و72% من الوفيات عند السيدات الناتجة عن سرطان الرئة سببها التدخين. مما سبق ندرك العلاقة الوثيقة بين سرطان الرئة المسبب للوفاة وعادة التدخين. وقد بين التقرير المنشور حديثا أن نقص نسبة المدخنين الرجال في الولايات المتحدة أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات الناتجة عن السرطان بنسبة 40% عند الرجال في الفترة من 1991 إلى 2003. وقدر الباحثون أن ذلك يعادل 146000 رجل كان من الممكن بمشيئة الله أن يكونوا متوفين لو لم تنخفض نسبة المدخنين. وأرجع الباحثون النقص في نسبة المدخنين في الولايات المتحدة إلى حملات مكافحة التدخين التي بدأت في الخمسينيات الميلادية والتي بدأ أثرها الصحي يظهر بصورة واضحة بعد العديد من السنوات. ومن المعلوم أن نسبة المدخنين الرجال في الولايات المتحدة بدأت في الانخفاض منذ سنوات بسبب حملات التوعية والإجراءات المشددة التي تتبعها الحكومة ضد شركات التدخين للحد من انتشار هذه العادة المميتة مثل منع الإعلانات في الأماكن العامة وأمام المدارس ومنع التدخين في الأماكن العامة وغيرها. يقابل هذا النقص في معدلات التدخين ومعدلات الإصابة بسرطان الرئة في الولايات المتحدة زيادة كبيرة في معدلات التدخين في دول العالم النامي ومنها السعودية وتشمل هذه الزيادة كلا الجنسين. ويتوقع أن تزداد الآثار الخطيرة للتدخين في بلادنا ظهورا في العشرين عاما المقبلة بسبب أن كثيرا من جيل الشباب من الجنسين يدخنون بصورة منتظمة سواء عادة تدخين السيجارة أو المعسل والشيشة. والآثار السيئة ستظهر على هذا الجيل بعد عدد من السنين بصورة أورام خبيثة لا قدر الله وتصلب بالشرايين وجلطات قلبية وذبحات صدرية وقصور كبير في وظائف التنفس وعجز عن الحركة والإنتاج وزيادة الأعباء على النظام الصحي. لذلك لا بد من الاحتياط من الآن والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال وتطبيق الأنظمة التي أتبعتها هذه الدول للحد من معدلات التدخين، كما أود أن أوجه رسالة للآباء والأمهات والمربين بمراقبة أبنائهم وبناتهم وتوعيتهم بمخاطر التدخين البعيدة المدى. نسأل الله أن يحفظ أبناءنا من كل مكروه.