فإساءة الظن من الأخلاق الذميمة، التي تجلب الضغائن، وتفسد المودة، وتجلب الهم والكدر.
ولهذا حذرنا الله –عز وجل- من إساءة الظن كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات: 13].
وقال –عليه الصلاة والسلام-: (إياكم والظن، فإن الظنَّ أكذب الحديث).
فتجد من الناس من هو سيء الظنِّ، يحسب أن كل صيحة عليه، وكل مكروه قاصد إليه، وأن الناس لا همَّ لهم إلا الكيد له، والتربص به.
ومن صور سوء الظن عند بعض الناس ما يلي:
أ- إذا رأى اثنين يتناجيان ظن أنه هو المقصود بالنجوى.
ب- إذا سمع ذمًّا عامًّا لخصلة من الخصال ظن أنه هو المقصود بالذم.
ج- إذا كان هناك وليمة عند أحد من أقاربه أو أصدقائه، فنسي صاحب الوليمة أن يدعوه، أساء الظن به، واتهمه باحتقاره، وازدرائه، وعدم المبالاة به.
د- إذا نصحه أحد ظن أن الناصح متغرض له، ومتعالٍ عليه، متتبع لهفواته، فلا يقبل منه عدلًا ولا صرفًا، فيستمر بذلك على عيوبه، ويبتعد عنه كل من أراد نصحه.
هـ- إذا رأى أحدًا يمشي حوله ظن أنه يراقبه ويترصد له.
هذه بعض صور سوء الظن، وهو في الغالب لا يصدر إلا عن شخص فارغ، لا شغل له، ولا همَّ عنده، أو شخصٍ سيء الفعال، ذي نفسٍ مضطربة؛ لذلك فهو ينظر إلى الناس نظرة المرتاب، كما قال أبو الطيب المتنبي:
إذا ساء فعلُ المرءِ ساءت ظنونُهُ وصدَّقَ ما يعتـاده مـــن توهــم
وعـــادى محبيه لقــول عـــداتـه وأصبح في ليلٍ من الشك مظلم
وسوء الظن كذلك من الشيطان؛ حيث يُلقى في رَوْعِ الإنسان الظنون السيئة، والأوهام الكاذبة؛ ليفسد ما بينه وبين إخوانه.
فما أحرى بالمسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يمضي لسبيله، ويحسن ظنه بإخوانه المسلمين، وأن يحملهم على أحسن المحامل، وإلا فلن يريح ولن يستريح.
ما يستريح المسيء ظنًّا مــن طـول غــمٍّ وما يريح
ولا يدخل في سوء الظن المذموم –الظن بمن أورد نفسه موارد الريب.
ولا يدخل فيه –أيضًا- من أساء الظن بعدوه الذي يخاف منه، ولا يأمن مكره؛ بل يلزمه سوء الظن به، وبمكائده ومكره؛ لئلا يصادف منه غرة فيصيبه من خلالها، فهذا من تمام الاحتراز وأخذ الحيطة، وهو محمود على كل حال.
كما أنه ليس من الحزم ولا الكياسة في شيء أن يحسن المرء ظنه بكل أحد، ويثق به ثقة مطلقة، فيبيح له بمكنونه، ويطلعه على كل صغيرة وكبيرة من أمره؛ بل إن هذا سذاجة، وبلاهة، وجهل، وغفلة.
المصدر شبكة مسلمات