بتـــــاريخ : 11/18/2008 5:08:09 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1230 1


    عظم الله اجركم

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : فخري قعوار | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    في الصباح ، قرع جرس الاصطفاف، ووقف طلاب الصف الأول الثانوي في طابور واحد، وحسب تسلسل أطوالنا، إذ صار كل منا يعرف موقعه، محمود يقف أمامي ، وزيدان يقف خلفي. وهكذا.

    لكزني زيدان، أثناء الكلمة التوجيهية الحازمة للمدير، وقال لي ان عبد الله غائب، فدهشت ، ولكزت" محمود" وقلت له ان عبد الله غائب، فاستدار نحوي وقال متسائلاً ومتعجباً معاً:‏

    - معقول ؟‏

    فالتفت إلى زيدان وسألته:‏

    - لكن عبد الله لم يغب يوماً عن المدرسة!‏

    فقال زيدان:‏

    - هذا ما يحيرني، خصوصاً أنني كنت معه في السينما أمس.‏

    وعدت إلى محمود ثانية وقلت له:‏

    - كان أمس في السينما مع زيدان، اليس هذا غريبا وعجيباً؟‏

    قال محمود وهو " يعوج" فمه:‏

    - قد يكون راحت عليه نومة!‏

    وعرفنا فيما بعد ، أن السبب الحقيقي لغياب عبد الله، هو وفاة جده " والد أبيه"، الأمر الذي دعا مربي صفنا إلى دعوتنا عصر ذلك اليوم، للذهاب إلى بيت العزاء، وتقديم التعازي لعبد الله وذويه! ولم يفته ان يؤكد ويشدد علينا بضرورة الوقار والمهابة، وعدم الضحك أثناء تأدية الواجب، والتزام الهدوء والاتزان، كما لم يفته ان يذكر لنا عبارات المواساة التي يجب ان نقولها.‏

    كان هناك حشد من الرجال القاعدين بجلال، وكان مقعدي بجوار رجل له انف ذو فتحتين واسعتين ، ينبت فيهما شعر أسود وقليل من الشعر الأبيض ، ولا يكف عن التمتمة بكلام غير مفهوم ، في حين ان زيدان ومحمود جلسا في الجهة المقابلة، ويتوسطهما رجل بدين أصلع، يفيض عن حدود مقعده، متجاوزا إلى المقعدين المجاورين.‏

    وعندما شرع مربي الصف بتقديم التعازي نيابة عن نفسه ونيابة عن الصف، كان عبد الله مطأطئاً رأسه ، محمر الوجه، محاولاً أن يعقد بين حاجبيه، لكنه فشل، وراح يغالب ضحكة ، كان من المفروض ان تكون مدوية، لولا رصانة الموقف. غير ان هذا انعكس علينا فوراً، حيث لاحظت ان زيدان يمد عنقه كي يرى" محمود"، في الوقت الذي كان محمود يمد عنقه كي يرى زيدان، وعندما تقابلت عيونهما انطلق منهما ضحك كان في بدايته كالفحيح، وانتهى بما يشبه الزعيق، الأمر الذي أدى إلى توقف مربي الصف عن اتمام كلمته المقتضبة، وانفجارنا بضحك تصعب السيطرة عليه، مما دعانا إلى الخروج، دون ان نصافح عبد الله، ودون ان نقول لاحد: عظم الله أجركم!‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()