بتـــــاريخ : 11/17/2008 8:52:38 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1407 0


    قصة- نصّ

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : وهيب سراي الدين | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

    في حضرة سيدة الأرض‏

    أنتِ ياسيدتي، التي عوّدتني السير، على إهابك المزغّب، بأنامل الرمل. وقلدّتني وشاحك الراهج، بالذراري والألوان.‏

    وملأت الفضاء، بعينيّ ألقاً ونوراً.

    أنتِ، ياسيدتتي، التي زوّدتني، بهبّةٍ من فجاج الشرق المغسول، بالشعاع، وحقول الضياء.‏

    ثم جلدتني، بسياط عرائك. وقلت لي: هذات نخل وحداء!‏

    ورحتُ، في زمني البدوي، أغزل خيوطي، من صهيل الشمس، وزوابع الغبار، وأتشظّى، تحت، فرقعة اللهيب، ذرات وأمداء. ثم يدوّي صوتك الصارم، في أذني هديلاً، ورفيفً جناح:‏

    اسرج نهارك. وتابع، أيها المهاجر، في فلواتي. لابدّ أنك قابض على الجمر. جسدي المديد، جمره كاوٍ فاصمد واصبر....‏

    الصبر جميل!..... جميل!‏

    ولكن سطوع عظمتك. وقسوة مطلقك، جعلتا وجهي ملفوحاً، ومسفوعاً، ياسيدتي. شعري الذي بقل في لها ذمي. قد وخطه اللون الأبيض.....‏

    وتجلجل روحكِ، في أذني ثانية:‏

    إذن، صرتَ رجلاً!‏

    ثم أخذتِ تبسمين لدعستي الشمّاء. وأنا أمخر عباب يمّك الساجي. وقد تدلّت قطوف القناديل. وبلح النجوم، من حولي.‏

    أجل. تابعتُ. وجبتُ أنحاء جلدك المنثور، على اتساع الليل، وبرقَ، بعينّي النور ظلاماً. والظلام نوراً.‏

    وأنا أجوس هنا، وهناك.‏

    لقد تهتُ، في كرة بحرك مرات ومرات. مثل طائر بطريق، قد ضل جزره. أو نورس ضاع فيي بهرته الزرقاء.‏

    غير أني لم أخرج، عن أسدافك. بل بقيتُ أخوّض في أسنافك المنهالة بألفة، تحت قدمي. حتى لايصيبني الوضم.‏

    وهاهي ذي قبلة شفاهك الوضّاءة ترشف، بعذوبة، جبين الفضاء. وتضرم فيه الحرائق، وأقنية الخضاب.‏

    أواه....! كم تجهدين نفسك، ياسيدتي، في جمع فتات هذا الكون، حولك؟ وكم تتوهّجين حبّاً وعطاءً.‏

    وأنت تدثّرينه، بفلقة شقراء مقصوصة، من ثياب القمر الوليد، المتعمشق، نحو العلاء. حيث قبّتك السدرة!‏

    لذا. دعيني، ياصاحبة الجلالة، أتلُ بعضاً، من صلواتي، في أعتاب فجرك المشفّق بالأصباغ والآفاق. لقد اضاءت الدنيا أمامي، ورأيتُ ... ورأيتُ....‏

    هيْيْهْ....! ياسيدتي. كم فرحت لي، عندما، شاهدت قامتي طويلة ممشوقة؟ قد شفّها سير الطريق.‏

    لقد ابتسمت لنحافة جسمي. كأنك لاتريدين، إلا أن أكون رشيقاً، مسافراً، متأبطاً قوسي ونبلي.‏

    أبحث في ذرا النخيل، عن قبّرةٍ غريرة، تزقزق في الصباح. وأفتّش في أغوار القيعان عن ماء.....‏

    هكذا. تريدين، أن تظلّ روحي مبعثرة، في أرجائك البعيدة. أناديك، وأنا ألملم أطراف عباءتك الصفراء بلون الذهب:‏

    ياغزالة البراري، يامهرة القفار. قفي قبالتي. لقد تعبتُ من الركض. وأنهكني الظمأ.‏

    لاتردّين. بل تزفرين:‏

    لابدّ لك، من الطرائد. ومن مجاهل الأسفار.‏

    ثم تشدّين على خاصرتيك الرحال. وترشقينني بطرطشة أظلافك، وسطوع كثبانك. وهأنذا أراك تلوّحين من أعماقك:‏

    ادخل محرابي. وتطهّر بعجاجي....‏

    والتحم في ملح دمك ذرة متوهّجة من الزمن، من العالم، من التاريخ....‏

    ***‏

    إيْيْهْ....! يازمن! ياعالم! ياتاريخ!‏

    ماذا بدا؟‏

    أين أنا الآن؟‏

    وأقف في حضرة السيدة.‏

    تقطع مناجاتي. وتصوم وصلي....‏

    هل نسيتَ أبجدية الريح، والشمس، والأرض، و....؟‏

    هل نسيتَ ذاكرة الرمل. وأصبحت رهلاً. وكهلاً. ثم شخت؟‏

    ماذا طرأ، ياترى؟‏

    هل احترق الغيم. وهطلت السماء دخاناً ورماداً؟‏

    نعم... نعم. غابت هالتك، ياسيدتي، عن عينّيّ.‏

    لم أعد ابصرك خلف المسافات، والأبعاد. عجزتْ همّتي. وثقل جرمُ جثّتي. وصرت ثقيلاً، ثقيلاً.‏

    وعريضاً عريضاً. مثل برميل!!! صاررت الحياة نفخاً في الكِرْش, ورنيناً في الأمعاء. وذهاباً إلى المبولة.....‏

    لشدّ ما ندمت، ياسيدتي، حينما، أغدقتِ، عليّ جوفك.‏

    قلت، آنذاك:‏

    هذا الابن، عَرَكَ حراشف جلدي الأخرش.: فليغصْ في سيول بطني.‏

    وغصت، في بركه، ذات لون كحلي. سحرني اللون، وازدهيت! فغامت صورتك العجيبة عني. بل تحوّلت إلى خوابٍ ودنان....‏

    وهكذا صار جسدي معملاً للفرز. و....‏

    أجل. تراكمتُ، وتراكمتُ. وكبرتْ جثّتي الثقيلة.‏

    وأصبحت تلةً من الفضـ...‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()