بتـــــاريخ : 11/19/2008 9:27:40 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1142 0


    في انتظار الحبّ

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : نزار نجار | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :
    قصة انتظار الحبّ

    لو اجتزت التلّة هناك. تاركاً ألعاب الاولاد، ومولّياً وجهك نحو مدخل الحارة البيضاء، مودّعاً صخبهم وضجيجهم الذي يشقّ عنان السماء ماضياً إلى غايتك، مبتعداً عن ألعابهم الخشنة، متفادياً قذائفهم من الحجارة والحصى: لو انصرفت إلى سبيلك تنشد الأمان. تقطع البلاطات الحجرية، وتستقبل دار الهبيان، ثمّ دار بيت عمّك ثم داركم الصغيرة، ثمّ.. أول الزقاق المسدود، لتردّدت خطواتك واضطربت قدماك، فمن خاصرة الحارة القبلبية يبدأ الزقاق المسدود وأنت لا تريد إلاّ الانطلاق، لا تريد إلاّ أن تفتح ذراعيك وتركض، مهراً طليقاً في الدروب الفسيحة، ولكنّ الزقاق المسدود يغريك. شيء ما يجذبك إليه، وأنت منوّم، لقد قطعت السوق واجتزْتَ التلّة، وعبرت الحارة المترعة بفيوض من الظلال المذابة في ضوء النهار، الجدران والشبابيك والأبواب، والعتبات لم تبرح مكانها.. سقيفة التوتياء التي تظلّل بيت الدّرج المفضي إلى السطوح في محلّها. والمزراب الحجريّ المنحوت منذ دهور معلّق بين الأسطحة، لا يغادر موضعه، وأنت ماضٍ، لا تدري، كيف تجمعّت أمام ناظريك رؤى، كنت تحلم بلا شكّ، وهذا الحلم هو أول الطرّيق إلى تحقيق ما تتوقّعه.. دائماً يبدأ حلمك رؤى تعبر مخيّلتك. طيف سماويّ يلوح لك، أنت تطارد الحلم، أنت تركض وراء رؤاك. طيفه البهيّ يشدّك إليه، ها أنت في الزقاق المسدود، ما الذي يدفع بك نحوه؟!‏

    تمتدّ كفّ صغيرة.. كفّ ناعمة رخصة. تصافحك. أنت الآن في دائرة الحلم، يشرق وجه بدريّ، ابتسامته تضيء، لك الدرب، أصابعك تحتضن الكفّ المستسلمة، الزقاق المسدود، لم يعد مسدوداً بوّابة القلب على رحبها انفتحت أمامك، والزقاق اشتعل بالوجد، والبلاطات التمعت تحت خطواتك، نافورة من نور انبعثت أمام ناظريك، وأنت تخطو.. وتخطو.. صلّى للّه، ابتهلْ إليه، أنت في روضة الحبّ، لقد استجيبت دعوات أمّك، أنت مرقي بتعاويذها المباركة، الزقاق الذي كان أمنع من حصن، وأعتى من مدينة النّحاس، صار سالكاً.. بنعومة..‏

    ممّ تخاف! وأنت تدرج على بساط من ورد، وفلّ، وريحان، سلام لك حتى مطلع النهار، سلام الوعي. سلام الأشياء، سلام المرتجى والمؤول، هي ذي دار مَنْ أطلّت. هي ذي مسالكها المشتعلة، لولا الحياء لهاجني استعبار.. لكنّك تمضي. كفّان متعانقان، والدرب يواريك.. الجدران تحنو على قامتين مسربلتين بالبراءة والطّهر، الشبابيك تطير، من توق إلى الزمن الآتي، نسائم مهفهفة، تهبّ عليك، وأنت تشدّ كفاً ناعمة، كإضمامة اللؤلؤ أيّ كنز عثرت عليه، طرْبه إن استطعت، أو اعتل سطحاً قصيّاً، أنت أسير لخطواتها. أسير لعواطفها الطازجة..‏

    سقطت وحشة المكان، سقطت مخاوفك وأوهامك، غدا الزقاق ملعباً، والسماء الفضاء من فوقك مرتعاً، لك وحدك لها وحدها.. لكما معاً.. هل ستبقيان في دائرة الحلم؟ وهج نوراني يأخذك إلى أحضانه، وأنت تدور بين البلاطات المحترقة.. تسبح في بؤرة البوح واللّهفة والشوق.. كفّان متعانقان، والحلم في بدايته، والحارة غافية، والأولاد بعيدون، عند التلة، يمارسون شقاوتهم، وأنت منوّم، ناسياً أنّك في أوّل الدرب، هاتفاً مع نبضات القلب، هل هذا هو الحب!!‏

    وكأنّ المزراب الحجريّ المنبثق من سطح داركم، سمع هتافك الأخرس، وكأنّه وطّن نفسه أن يهبّ منافحاً عن الشرف الملثوم، فأرسل دفقة غاضبة من ماء معتكر، وأمّك تغسل السطوح، هذا الوقت ليس وقتك، وهذا المكان ليس مكانك، طارت الرغائب، وضاع الحلم، فأهبط من ذروتك العليا، وأنس أنك التقطت كفاً ناعمة، في أول الزقاق المسدود، عد إلى سربك لاهبّت عليك نفحات علوية، ولا شرّدتك ابتسامة، هذه حارتك البيضاء، والغزالة نفرت بعيدة، فانفض عنك عباءة السذاجة، والتحف بالستر و.. الانتظار

    كلمات مفتاحية  :
    قصة انتظار الحبّ

    تعليقات الزوار ()