أما القول بأن القرآن خلط بين قصة ذي الكفل وبين عوبديا، فهو ممنوع؛ إذ كيف يكون القرآن قد خلط بين ذكر ذي الكفل وعوبديا والقرآن لم يذكر ذا الكفل إلا في موضعين بهذا الوصف ولم يذكر عنه معلومات أخرى، على أنه لا يمتنع أن يكون ذو الكفل اسمه فعلا عوبديا (1) ولكن القرآن الكريم عبَّر عنه بذي الكفل لاشتهاره بهذه الصفة الشريفة، ولذي الكفل أوصاف كثيرة منها أنه كان ذا حظ من الله تعالى، أو أنه تكفل أمَّته، أو له ضِعْف عمل أنبياء زمانه وثوابهم. إذا لا يوجد مانع من أن يكون ذو الكفل وعوبديا شخصية واحدة.
وقد يكون عوبديا وذو الكفل شخصيتين مختلفتين، ذكر القرآن أحدهما وذكرت التوراة الآخر، فالقرآن لا يركز على ذوات الأشخاص بقدر ما يركز على أفعالهم التي يقتدى بها.
أما قولهم إن التوراة لم تذكر اسم هذا النبي، فعلى القول بأن عوبديا وذا الكفل شخص واحد فلا إشكال.
أما القول بأنهما شخصان مختلفان، فنقول: إن التوراة لم تذكر أسماء جميع الأنبياء، وعلى هذا فلا وجه للاعتراض على عدم ذكر اسمه في التوراة، وعدم ذكره لا يعني عدم وجوده.
على أنه قد جاء فى كتاب "نزهة المشتاق" ومؤلفه يهودى يحكى فيه تاريخ يهود العراق : أن ( ذا الكفل ) الذى ورد اسمه فى القرآن هو نبى الله "حزقيال"، وكان معاصراً لسبى اليهود فى بابل .
الهوامش:
----------------
(1) وهذا هو ما ذكره الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير (17/129)، بقوله: والظاهر أنه عوبديا. |