بتـــــاريخ : 11/8/2008 3:38:13 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 862 0


    الإتيان بتركيب أدى إلى اضطراب المعنى

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : د / عبد العظيم المطعني | المصدر : www.dar-alifta.org

    كلمات مفتاحية  :
    الدفاع الاسلام شبهات حول الاسلام

    الشبهة

    منشأ هذه الشبهة :
    هو قوله تعالى : ( إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً ) (1).
    وموطن هذه الشبهة - عندهم - هو الضمائر الثلاثة فى :
    " تعزروه " - " توقروه " - " تسبحوه "
    ذكروا هذا ، ثم قالوا :
    " وهنا ترى اضطراباً فى المعنى ، بسبب الالتفات من خطاب محمد إلى خطاب غيره ، ولأن الضمير المنصوب فى قوله " وتعزروه وتوقروه " عائد على الرسول المذكور آخراً . وفى قوله " وتسبحوه " عائد على اسم الجلالة المذكور أولاً . هذا ما يقتضيه المعنى ، وليس فى ما يعينه تعييناً يزيل اللبس ، فإن كان القول : وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة و أصيلاً عائداً على الرسول يكون كفراً لأن التسبيح لله فقط ، وإن كان القول " وتعزروه وتوقروه وتسبحوه " عائداُ على يكون كفراُ ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج لمن يعزره ويقويه " .

     
    الرد عليها
    أ. د / عبد العظيم المطعني

       لقد أطالوا ـ على خلاف عادتهم ـ فى بيان هذه الشبهة كما ترى.
    والسبب أنهم أرادوا أن يضيقوا علينا الخناق أو يسدوا علينا الطريق ليحكموا علينا قبضتهم ، على رأى المثل العامى " حلِّق حُوشْ " بيان ذلك أنهم يقولون لنا:
       إذا جعلتم الضمائر الثلاثة عائدة على الرسول فقد كفرتم لأن الرسول بشر ، والبشر لا يجوز أن يسبحهم أحد ، لأن التسبيح لا يكون إلا لله.
       وإذا جعلتم الضمائر الثلاثة عائدة على الله فقد كفرتم لأن الله غنى عن خلقه لا يحتاج منهم إلى تقوية ولا خلافه .  فأين ـ إذن ـ أنتم تذهبون ؟
       ونقول لهؤلاء الكارهين لما أنزل الله على خاتم رسله :
       نحن ـ المسلمين ـ لا نسبح أحداً غير الله ، ولا نعبد أحداً غير الله ، ولا نرفع حاجاتنا إلى أحدٍ غير الله ، ولا نطلب غفران ذنوبنا من أحدٍ غير الله ، ولا نقدم كشف حساباتنا إلى أحد غير الله ، ولا نرجو ولا نخاف أحداً غير الله . والكتاب الذى أنزله الله على خاتم رسله لا لفَّ فيه ولا دوران ، ولا قلق ولا اضطراب ، لا فى مبانيه ، ولا فى معانيه ، ولا فى مقاصده وقيمه ، فمن توهَّم فيه اضطراباً فالاضطراب فى عقله هو ، وفى فهمه هو لا يتعداه إلى كتاب الله ، ولا إلى المؤمنين به.
       والآية التى وصفوا تركيبها بأنه أدى إلى اضطراب المعنى المؤدى إلى الكفر ، أجلى من الشمس فى رائعة النهار ومرجع الضمائر الثلاثة ، التى اتخذوا منها منشأً لهذه الشبهة محددة ـ عقلاً وشرعاً ـ دون أى التواء.
       فالضمير فى " وتسبحوه " عائد على الله قطعاً دون أدنى شك. لأن التسبيح عبادة ، ولم يؤذن الله لعباده أن يعبدوا أحداً غيره :
    (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) (2).
    (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) (3).
    (يعبدوننى لا يشركون بى شيئاً ) (4).
       أما مرجع الضمير فى " وتعزروه " فهو الرسول صلي الله عليه وسلم دون خلط أو تشويش .
       وأما الضمير فى " وتوقروه " فلا مانع لا عقلاً ، ولا شرعاً أن يكون عائداً على الله ، لأن توقير الله هو إكباره وتعظيمه ، وقد قال نوح لقومه موبخاً لهم (ما لكم لا ترجون لله وقاراً وقد خلقكم أطواراً ) (5).
       ويجوز أن يكون عائداً على الرسول ، وتوقيره هو احترامه وإنزاله منزلته من التكريم والطاعة.
       هذا هو بيان ما توهموه من لبس ، دون الرجوع إلى ما قاله النحاة أو المفسرون فالمسألة لا تحتاج إلى أكثر مما أوجزناه.

    والخلاصة :
       القرآن خطاب للعقلاء الأذكياء ، وليس خطاباً للمتغابين أو الأغبياء ، وفى الإنسان حاسة كثيراً ما يعوِّل عليها القرآن فى خطابه ، تستجلى خفايا معانيه ، وتدرك روائع إيماءاته ودقائق أسراره .
    تلك الحاسة هى الخصائص العقلية ، والملكات الذهنية أو الذوقية المثقفة .
    فمثلاً قوله تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ) (6).
       ترى الخطاب فيها واحداً " طلقتم ـ تعضلوهن " والنظرة العجلى تحسب أن المخاطب فى الموضعين صنف واحد من الرجال لكن العقل ـ بمعونة الشرع ـ سرعان ما يفرق بين الذين خوطبوا بـ " طلقتم " والذين خوطبوا بـ " تعضلوهن " فالمخاطب الأول هم الأزواج الذين يطلقون زوجاتهم ، والمخاطب الثانى هم أولياء أمور المطلقات ، يقول لهم القرآن إذا أراد الزوج المطلق طلاقاً رجعياً فى العدة أو بعد العدة أن يعيد زوجته إليه بالمراجعة أو العقد الجديد وكانت الزوجة راغبة فى ذلك ، فعلى أولياء أمرها ألا يقفوا فى طريقها.
       فالذى فرَّق بين مرجعى الضميرين ـ هنا ـ العقل ، بمعونة الشرع ، وهذه الآية شبيهة بالآية التى أثيرت حولها الشبهات ، التى فرغنا من الرد عليها. ولو كان نظر مثيرى هذه الشبهات وقع على آية البقرة هذه ، لقالوا إن فيها تركيباً أدى إلى اضطراب المعنى ، ولا وجود لاضطراب إلا فى أوهامهم .

     

     

    الهوامش:
    ---------------------
    (1) الفتح: 8-9.
    (2) الإسراء: 23.
    (3) الأعراف: 59 ، 65 ، 73.
    (4) النور: 55.
    (5) نوح: 13 ، 14.
    (6) البقرة: 232.

    كلمات مفتاحية  :
    الدفاع الاسلام شبهات حول الاسلام

    تعليقات الزوار ()