بتـــــاريخ : 11/8/2008 2:37:32 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1088 0


    تذكير خبر الاسم المؤنث

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : . د / عبد العظيم المطعني | المصدر : www.dar-alifta.org

    كلمات مفتاحية  :
    الدفاع الاسلام شبهات حول القرآن

    الشبهة

    الشبهة :
    هو قوله تعالى : ( ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين ) (1).
    وموضع الشاهد - عند المعترضين - فى الآية الكريمة هو كلمة " قريب " وهى " خبر " اسم " إن " " رحمة ".
    وحين نظروا فى نظم هذه الآية توهموا  - كذلك - أن فيها خطأً نحويًّا منشؤه عدم التطابق بين المبتدأ  " رحمة  " والخبر  "  قريب  " فى التأنيث ، لأن المبتدأ  " رحمت " مؤنث .  أما الخبر " قريب "  فهو فى الآية مذكر قالوا :
    وكان يجب أن يتبع خبر  "  إن "  اسمها فى التأنيث فيقال : قريبة .
     

     
    الرد عليها
    أ. د / عبد العظيم المطعني

    كر علماؤنا فى توجيه هذا  "  التذكير "  الحاصل بحذف علامة التأنيث من الخبر ، عدة وجوه ، لا نريد أن نطيل بذكرها كلها ، لذلك نكتفى بما يرد كيد هؤلاء الطاعنين فى نحورهم .
    بعضهم يجعل " رحمة الله " فى معنى الغفران [ أو الرضوان ] فلذلك جاء الخبر " قريب " مذكراً .
    وقد اختار هذا الرأى النضر بن شميل والزجاج (2) .
    * ومنهم من جعل " قريب " صفة لخبر محذوف مذكر تقديره : شىء أو أمر قريب ، ودليل هذا الحذف هو تذكير " قريب " .
    * ومنهم من جعله من باب النسب ، أى ذات قرب ، كقولهم فى حائض : ذات حيض .
    * ومنهم من جعل " قريب " مصدراً مستعملاً استعمال الأسماء مثل النقيق ، وهو صوت الضفادع .  والضغيب وهو صوت الأرنب .  والمصدر يُلتزم فيه الإفراد وإن جرى على جمع ، والتذكير وإن جرى على مؤنث كما فى هذه الآية الكريمة .
    * ويرى آخرون أن تأنيث " رحمة " لما كان تأنيثاً مجازياً لا حقيقياً جاز فى الاستعمال اللغوى تأنيث خبره وصفته ، وجاز تذكيرهما على حدٍ سواء .  سواء كان فى ضرورة الشعر ، أو فى النثر .
    وقال الحلبى تلميذ أبى حيان ، وهما من الأئمة الأعلام فى النحو  :
    " وهذا يجىء على مذهب ابن كيسان ، فإنه لا يقصر ذلك على ضرورة الشعر ، بل يجيزه فى السعة " (3) .
    وقال الفراء :  "  قريبة وبعيدة إما أن يراد بهما قرابة النسب أو عدمها فيؤنثها العرب ليس إلا ، كقولهم : فلانة قريبة منى أى فى النسب وبعيدة منى أى فى النسب .  أما إذا أريد بها القرب المكانى أو الزمانى فإنه يجوز الوجهان ؛ لأن قريباً وبعيداً قائم مقام المكان أو الزمان ، فتقول :
    فلانة قريبة وقريب ، وبعيدة وبعيد ، والتقدير هى فى مكان قريب وبعيد .  قال الشاعر :
        عشية لا عفراء منك قريبة
                             فتدنو ولا عفراء منك بعيد " (4)
    يعنى أن الشاعر جمع بين الوجهين التأنيث والتذكير والموصوف مؤنث ؛ لأن " قريب " و " بعيد " أريد بهما القرب فى المكان والبعد فيه .
    والآية الكريمة ليس القرب المذكور فيها مراداً به قرب النسب فيلزم تأنيثه ، وإنما المراد قرب الزمان ، والعرب تجيز فيه الوجهين : التأنيث والتذكير .
    ولامرئ القيس ، وهو من شعراء الجاهلية ، وشعرهم حُجة فى إثبات اللغة ، بيت نحا فيه هذا المنحى ؛ فقال :
        له الويل إن أمسى ولا أم سالم
                             قريب ، ولا البسباسة ابنته يُشكرا (5)
    والشاهد فى البيت تذكير " قريب " مع جريانه على مؤنث " أم سالم " وهو نظير " قريب " فى الآية الكريمة .
     
    والخلاصة :
    رأينا فى الرد على هذه الشبهة أن القرآن الكريم لم يخرج عن سنن البيان العربى حين ذكَّر " قريب " فى الآية ، وهى مجراة على مؤنث مجازى غير حقيقى "  رحمة الله  " .
    وكان أصح وأثبت ما ذكرناه فى الرد على خصوم القرآن ، هو ما قاله الفراء رحمه الله ، من أن العرب كانوا يفرقون بين القرب والبعد من النسب وبين القرب والبعد فى المكان والزمان :
    فالأول : يلتزم فيه تأنيث ما جرى خبراً أو صفة لمؤنث .
    أما الثانى : وهو القرب والبعد فى المكان والزمان فإنهم يجيزون فيه الوجهين : التأنيث والتذكير ، وقد ذكر - رحمه الله - بعض الشواهد الشعرية لشعراء هم حُجة فى إثبات اللغة ، وطرائق استعمالاتها .  وبهذا تظهر براءة القرآن الناصعة مما حاول خصومه إلصاقه به من خطأ .

     

    الهوامش:
    ---------------------
    (1) الأعراف : 56 .
    (2) وعلى هذا يكون التذكير قرينة على صحة حمل " رحمة الله " على غفران الله ، أو رضوانه . انظر : معانى القرآن للزجاح (2 / 380 ) .
    (3) يعنى فى النثر دون اشتراط ضرورة تدعو إليه. انظر : الدر المصون (5 / 345 ) .
    (4) معانى القرآن (2 / 382 ) والبيت لعروة بن حزام . وقد أورده للغرض نفسه أبو حيان فى البحر ( 4 / 313 ) .
    (5) الدر المصون . الشاهد رقم ( 562 ) .

    كلمات مفتاحية  :
    الدفاع الاسلام شبهات حول القرآن

    تعليقات الزوار ()