وبعد هذا التحليل لعناصر القصة فى مصادرها الأصلية ننظر فيها على الوجه الآتى :
أولاً : المعانى المشتركة فى جميع المصادر ، مع التعرض لفروق الصياغة ما أمكن .
ثانياً : المعانى المشتركة فى مجموعة دون أخرى ، مع التعرض لفروق الصياغة كذلك .
ثالثاً : المعانى التى لم تتكرر قط .
أولاً : المعانى المشتركة فى جميع المصادر :
المتأمل فى نصوص القصة فى جميع مصادرها يدرك أن المعانى التى لم يخل نص منها - بل هى مشتركة بينها كلها - هى المعانى الآتية : ( أ ) أمر الله الملائكة بالسجود لآدم .
(ب) امتثال الملائكة هذا الأمر .
(ج) مخالفة إبليس أمر ربه .
ففى سورة " البقرة " جاء قوله : [ وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ]
(13) .
وفى سورة " الأعراف " جاء قوله : [ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين]
(14) .
وفى " الحجر " جاء قوله : [ وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشراً من صلصال من حمأٍ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين ]
(15) .
وفى سورة " الإسراء " جاء قوله : [ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً ]
(16) .
وفى " الكهف " جاء قوله : [ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه]
(17) .
وفى سورة " طه " جاء قوله : [ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ]
(18) .
وفى سورة " ص " جاء قوله : [ إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشراً من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ]
(19) .
فهذه المعانى الثلاثة وردت - كما ترى - فى جميع المصادر لأنها العناصر الكبرى التى تدور حولها أحداث القصة .
ونلحظ من النظر فى النصوص أن سجود الملائكة قد عطف بالفاء فى جميع المواضع على القول لهم بالسجود ، وهذا يفيد سرعة امتثال الملائكة لأمر ربهم وأنهم لم يترددوا قيد أنملة .
أما مخالفة إبليس فقد صورت بصياغة مختلفة ففى سورة " البقرة " : [ أبى واستكبر وكان من الكافرين ]
(20) .
وفى سورة " الأعراف " : [ لم يكن من الساجدين ]
(21) .
وفى سورة " الحجر " : [ إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين]
(22) .
وفى سورة " الإسراء " : [ قال أأسجد لمن خلقت طيناً]
(23) .
وفى سورة " الكهف " : [ إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه]
(24).
وفى سورة " طه " : [ إلا إبليس أبى]
(25) .
وفى سورة " ص " : [ إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين]
(26) .
والتفنن فى العبارة قد أفاد إسناد أقبح أوصاف الذم للعين إبليس .