بتـــــاريخ : 6/8/2008 2:31:49 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1152 0


    الجات ومؤسساتنا التدريبية..البقاء للأفضل!

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. عصام بن حسن كوث | المصدر : www.bab.com

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال

    جدة - د. عصام بن حسن كوثر (كلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبدالعزيز)

    أصبحت «العولمة» كلمة تتردد في جميع المجالس والمحافل، و«العولمة» مصطلح بسيط في مظهره خطير في جوهره، وذلك لما يرتبط به من تأثير مباشر على أمتنا الإسلامية والعربية خصوصاً في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
    وتعتبر منظمة التجارة العالمية «World Trade Organization (WTO)» أهم دعائم أو أركان العولمة.
    وسنحاول في هذه السطور استشفاف الملامح والتحديات التي تواجه المؤسسات والشركات التدريبية بالمملكة العربية السعودية في حال انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية.
    وقبل البدء في مناقشة وتحليل الآثار المحتملة ربما يكون من الأفضل تقديم شرح موجز عن مفهوم العولمة، ثم يعقبه شرح مبسط لمنظمة التجارة العالمية مع التركيز على المواد والأنظمة ذات العلاقة بالتدريب.
    مفهوم العولمة Globalization
    يرجع الكثير من الباحثين تسمية العولمة (البعض يسميها الكوننة) إلى عالم الاجتماع الكندي مارشال ماك لوهان عندما طرح نظرية (القرية الكونية) في أواخر الستينيات الميلادية. ولكن يلاحظ أن لوهان كان يركز على علم الاجتماع بشكل عام ووسائل الإعلام بشكل خاص ولم يتضمن أي بعد اقتصادي.
    ثم أضيف البعد الاقتصادي وغيره عبر كتابات شتى إلى أن وصلت إلى مفهومها الحديث. ففي معجم ويبستر (Websterصs dictionary) جرى تعريف العولمة بأنها «اكتساب الشيء طابع العالمية وبخاصة جعل نطاق الشيء تطبيقاً عالمياً».
    ويرى الكثير من الباحثين (مثل الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري - المدير العام للمنظة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) أن التعريف السابق لا ينسجم في عمقه مع دلالة اللفظ ومفهوم المصطلح، وإننا إذا أردنا أن نفهم المصطلح على حقيقته فلابد من تكوين رؤية عامة تدخل في نطاقها جميع المتغيرات السياسية والثقافية والاقتصادية التي يعيشها العالم منذ مطلع التسعينيات.
    ويرى العديد من الباحثين (مثل الدكتور التويجري، والدكتور نعمات أحمد فؤاد، والدكتور عبدالهادي الجوهري وغيرهم الكثير) أن العولمة تمثل خطراً أو تهديداً على الكثير من شعوب العالم (خصوصاً الدول النامية) في مجالات عديدة أهمها ما يلي:
    أ- أن العولمة بمفهومها السابق ذكره تمثل تهديداً لهوية الكثير من الأمم والشعوب لأنها تحاول طمسها وتعميم أو فرض المفاهيم الغربية (ذلك أن العولمة - في رأي البعض - هدفها الرئيس تشكيك أصحاب الحضارات العريقة في أنفسهم وعقائدهم).
    ب- أن العولمة شعار خداع لتحقيق مصالح الدول الكبرى.
    جـ- أن العولمة ظاهرها التعاون وباطنها الاستغلال والاحتكار.
    د- أن العولمة هي الآن - في رأي البعض - كلمة مرادفة «للأمركة» والتي تعني سيادة نظم سياسية واقتصادية وثقافية لقوة واحدة.
    ولا يفيد - بالطبع - الرفض أو الانتقاد وحده، ولكن لابد من وضع استراتيجية محددة بدقة للتعامل مع المخاطر المحتملة للدولة. ولكن لعله من المفيد أن نذكر هنا أن هناك خمس دول (هي الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا) تستحوذ على (172) شركة من أصل أكبر (200) شركة في العالم.
    كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على (65%) من المادة الإعلامية العالمية.
    كما أن الشركات المتعددة الجنسيات «Multination Corporation» بلغ عددها في بداية التسعينيات حوالي (37.000) شركة بلغت مبيعاتها نصف الناتج القومي العالمي.
    منظمة التجارة العالمية :WTO
    أنشئت منظمة التجارة العالمية في إبريل من عام 1994م، وذلك بتوقيع الدول المؤسسة على اتفاق أورجواي في مدينة مراكش المغربية، ويعتبر ميلاد هذه المنظمة العالمية جاء بعد فترة مخاض امتدت لما يقارب نصف قرن، بدءاً من مفاوضات جنيف عام 1947م وانتهاءً بجولة طوكيو عام 1979م. ووصل عدد الدول الأعضاء فيها حتى الآن (143) عضواً.
    وبتوقيع هذه المعاهدة انتقل العالم من عصر الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات) «GATT» إلى عصر منظمة التجارة العالمية «WTO» وأصبحت الجات كياناً يندرج تحت التنظيم الحديث للمنظمة. ويوضح الجدول رقم (1) أهم الفروق الموجودة بين الجات ومنظمة التجارة العالمية.
    الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات:
    تسمى هذه الاتفاقية «GATS- General Agreement On Trade In Serveces» وتتكون من ثلاثة أجزاء هي:
    أ- الإطار العام لأسس ومبادئ التجارة في الخدمات.
    ب- الجداول الوطنية (تتضمن تحرير بعض القطاعات الخدمية).
    جـ- ملاحق الاتفاقية (أربعون ملحقاً تتضمن الشروط الخاصة بتحرير القطاعات الخدمية).
    ونظراً لأهمية هذه الاتفاقية وعلاقتها مباشرة بموضوع هذه الورقة فسيتم شرح كل جزء من الأجزاء ببعض من التفصيل).
    أولاً: الإطار العام للاتفاقية التجارية في الخدمات:
    ويشمل الإطار العام جزءين هما:
    1- أنواع الخدمات التي تغطيها الاتفاقية.
    2- المبادئ العامة للاتفاقية.
    وسيتم شرح كل منها وفقاً لما يلي:
    1- أنواع الخدمات التي تغطيها الاتفاقية Agreement Coverage
    حددت الاتفاقية أنواع الخدمات التي يمكن تبادلها بين الدول (والتي يجب أن تخضع لمبادئها الأساسية) وفقاً لأشكال توريد الخدمة Servece Supply Modes التالية:
    أ- الخدمات التي توردها منطقة إلى منطقة أخرى Cross Border Trade (مثل الاتصالات).
    ب- الخدمات التي يتم توفيرها داخل الدولة لمستهلك دولة أخرى (مثل السياحة).
    جـ- الخدمات التي يتم توفيرها من قبل مؤسسة أو شركة تابعة لدولة ما في مناطق الدولة الأخرى وهو ما يسمى بالوجود التجاري (مثل البنوك أو شركات التأمين أو مكاتب المحاسبين القانونيين أو المؤسسات التدريبية).
    د- الخدمات التي يوفرها مواطن دولة ما داخل الدولة الأخرى (مثل الخدمات الاستشارية أو التدريبية).
    2- المبادئ العامة لاتفاقية التجارة في الخدمات:
    هناك ستة مبادئ تحكم هذه الاتفاقية وهي:
    أ- النفاذ إلى الأسواق :Market Access
    تهدف هذه الاتفاقية إلى إزالة (أو على الأقل تخفيف) القيود التي تعوق انسياب الخدمات بين الدول الأعضاء. وتركز الاتفاقية على إزالة القيود التالية:
    1- تحديد عدد موردي الخدمة المسموح لهم بالعمل داخل الدولة المعينة.
    2- تحديد قيمة الخدمات المسموح بتوريدها.
    3- تحديد نوع وطبيعة المعاملات الخدمية الموردة وعدد الأشخاص المستخدمين.
    4- تحديد طبيعة الكيان القانوني لموردي الخدمة مثل اشتراط أن تكون شركة مساهمة مثلاً.
    5- تحديد نسبة مشاركة رأس المال الأجنبي في المشاريع المختلفة محلياً.
    ب- معاملة الدولة الأولى بالرعاية :Most FavouRed Nation
    ويقصد بها هنا أن تلتزم كل دولة عضو بتعميم أي معاملة تفضيلية تمنحها لعضو آخر (في مجال تجارة الخدمات) على باقي الدول الأعضاء. ولكن يمكن استثناء هذا الشرط إذا جرى تقديم ذلك في الجداول الوطنية، ويتم مراجعة هذا الاستثناء بعد مرور خمس سنوات، كما أنه يجب أن لا تزيد مدة الاستثناء على عشر سنوات.
    ج- المعاملة الوطنية National Treatmen :
    تنص هذه الاتفاقية على أنه يجب تطبيق كافة الأنظمة والقوانين السارية على الشركات الأجنبية بالطريقة نفسها التي يتم تطبيقها على الشركات المماثلة. وهنا أيضاً يمكن الحصول على استثناء من هذا الشرط إذا جرى تقديم طلب الاستثناء في الجداول الوطنية.
    د- الشفافية Transperancy
    ينص هذا المبدأ في اتفاقية الخدمات على التالي:
    1- نشر جميع الأنظمة والقوانين والقرارات المتعلقة بتجارة الخدمات.
    2- إخطار مجلس تجارة الخدمات (وهو الجهة المسؤولة على تنفيذ الاتفاقية) بأية تعديلات تطرأ على الأنظمة أو القوانين بشكل سنوي.
    3- إنشاء مركز استعلام Ingniry Boint لتوفير كافة المعلومات والتشريعات الخاصة بتجارة الخدمات للمستثمرين الأجانب.
    هـ- الاعتراف بشروط ومتطلبات الخدمات المهنية
    : Recognition Requirements
    تنص اتفاقية الخدمات على ضرورة التزام كل دولة عضو بقبول مؤهلات موردي الخدمات الأجانب وفق المعايير المتعارف عليها عالمياً. وإذا ما كانت هناك معايير أو شروط خاصة بالدولة العضو فإن عليها إخطار مجلس تجارة الخدمات بهذه المعايير خاصة فيما يتعلق بالتراخيص للأجانب للعمل داخل أراضيها.
    و- تسهيل الموضوعات الدولية في المعاملات التجارية: Liberalization of Current Transactions :
    ينص هذا المبدأ على أنه يجب على السلطات المختصة في الدول الأعضاء تسهيل الموضوعات الدولية لموردي الخدمات الأجانب في القطاعات التي التزمت بتحريرها في جداولها الوطنية.
    ثانياً: تقديم الجداول الوطنية
    National Schedules
    ومنها يتم تفصيل التزامات الدولة العضو وفقاً لما يلي:
    أ- القطاعات الخدمية التي ترغب الدولة في تسهيل دخول الشركات الأجنبية إليها (النفاذ إلى الأسواق).
    ب- الاستثناءات الأساسية على مبدأ الدولة الأولى بالرعاية.
    ج- السياسات والإجراءات التي تنطبق على جميع القطاعات الخدمية.
    ثالثاً: ملاحق الاتفاقية
    تشمل الاتفاقية على مجموعة من الملاحق الخاصة ببعض القطاعات الخدمية لمعالجة بعض القضايا ذات الصلة بهذه القطاعات (على وجه الخصوص) دون غيرها، والنظر في إمكانية تقديم الدول الأعضاء التزامات بتحرير جوانب محددة من هذه القطاعات. وتتمثل الملاحق في التالي:
    1- ملحق حول حركة الأشخاص الطبيعيين
    Movement Of Natural Persons.
    2- ملحق حول الخدمات المالية
    Annex of Financial Services.
    3- ملحق حول الاتصالات
    Annex of Telecommunications.
    4- ملحق حول خدمات النقل الجوي
    Annex on Air Transport Services.
    رابعاً: المعاملة التفضيلية للدول النامية
    في اتفاقية الخدمات
    لقد جرى منح الدول النامية -بعد مفاوضات شاقة- معاملة تفضيلية تساعدها على تجنب الآثار السلبية لاتفاقية الخدمات، ولتعظيم الآثار الإيجابية أيضاً. وأهم هذه البنود ما يلي:
    أ- السماح للدول النامية بتحرير ولو قطاع واحد من القطاعات الخدمية (وعددها 155).
    ب- السماح للدول النامية بالدخول في اتفاقيات ثنائية أو جماعية لتحرير بعض القطاعات الخدمية مع دول أخرى نامية أو متقدمة، دون أن تلتزم بتحرير هذه القطاعات مع الدول التي ليست طرفاً في هذه الاتفاقيات. أما إذا كان الاتفاق مع دول نامية فقط فيمكن للدولة أن تمنح رعايا هذه الدول وشركاءهم معاملة أفضل من تلك التي تمنحها لرعايا أو شركات دول أخرى ليست طرفاً في الاتفاق.
    ج- السماح للدول النامية بالدخول في اتفاقيات التكامل في مجالات العمل والعمال، وما يتضمنه ذلك من مزايا لا يتطلب تعميمها على الدول الأعضاء غير المنضمة لهذه الاتفاقيات.
    د- يسمح لأي دولة عضو -خصوصاً إذا كانت دولة نامية- اتخاذ إجراءات حمائية لقطاع أو أكثر من قطاعات الخدمات التي التزمت بتحريرها إذا كان هذا التحرير سيلحق ضرراً بصناعتها المحلية، أو بميزان مدفوعاتها.
    هـ- ستجرى مستقبلاً مناقشة موضوع دعم تجارة الخدمات، لكن الاتفاقية تعترف مسبقاً بدور الدعم في برامج التنمية في الدولة النامية، لذا فقد تم منحهم مرونة في هذا الصدد.
    الآثار المحتملة لانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية على صناعة التدريب
    سوف يركز هذا الجزء من المقال على مناقشة الآثار المحتملة لانضمام المملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة العالمية على صناعة التدريب والاستشارات فقط (أي إنه لن يتم مناقشة الآثار لا على السلع ولا على حقوق الملكية الفكرية).
    تعتبر صناعة التدريب والاستشارات في المملكة من الصناعات الحيوية والهامة وذلك لسببين رئيسين هما:
    1- رغبة المؤسسات والشركات في المملكة رفع كفاءاتها وقدراتها في ظل المنافسة الشرسة المحلية والدولية (خصوصاً أن المنافسة تركز على الجودة «Quality» والخدمة «Service» والسعر «Price»).
    وحيث إن التدريب بكافة أنواعه يساهم -وبلا أدنى شك- في تطوير قدرات المنشآت وكفاءتها فإن الطلب عليه في ازدياد مستمر.
    2- التوجيهات الرسمية للدولة لجميع مؤسسات وشركات القطاع الخاص بترشيد استقدام العمالة الأجنبية من طرف، وزيادة نسبة السعودة من طرف آخر. وقد ساهم هذا الأمر في تنامي الطلب على التدريب بالذات لتطوير قدرات العاملين السعوديين الحاليين داخل هذه المنشآت، فضلاً عن أن الكثير من السعوديين أنفسهم أصبحوا يبحثون عن بعض أنواع التدريب التي تساعدهم على تأهيل أو إعادة تأهيل أنفسهم كي يتمكنوا من الحصول على وظائف مناسبة لهم في القطاع الخاص.
    وفي ظل وجود مجموعة من العوامل مثل النمو السكاني المرتفع في المملكة (في حدود 3.25% سنوياً) وارتفاع نسبة الشباب بشكل عام، وازدياد عدد خريجي الثانوية العامة (بنين وبنات) بشكل خاص، فإنه يتوقع أن يزداد الطلب على بعض أنواع التدريب المتخصص (مثل التعليم الفني والتدريب المهني)، خصوصاً في ظل تضاؤل الفرص أمام خريجي الثانوية لاستكمال تعليمهم الجامعي.
    واقع التدريب في المملكة العربية السعودية
    هناك عدة جهات تقوم بتقديم التدريب يمكن تصنيفها كما يلي:
    أ- مؤسسات حكومية (مثل معهد الإدارة العامة والمعهد المصرفي، ووزارة الصحة، ووزارة المعارف، والخطوط الجوية السعودية، وشركة أرامكو، ... ، ... إلخ).
    ب- مؤسسات/ شركات خاصة (وهي التي تخصصت في تقديم نوع أو أكثر من أنواع التدريب مثل معهد العالمية، أو مركز الشرق الأوسط للتدريب، ...، إلخ)، بالإضافة إلى الشركات الموجودة خارج المملكة.
    ج- مراكز تدريب خاصة بالشركات (مثل مراكز التدريب الخاصة بالبنوك أو شركة صافولا أو شركة الصناعات الحديثة، ... إلخ).
    د- الغرف التجارية والصناعية بالمملكة.
    وتتباين هذه الجهات في التدريب من عدة جوانب مثل طول الفترة التدريبية أو قصرها، دورة لأيام قصيرة مقابل دورة مطولة لعدة أسابيع أو شهور أو دبلوم لسنة أو سنتين. وبعض الجهات التدريبية تركز على برامج تأهيلية عامة بينما البعض الآخر يقدم برامج تدريبية متخصصة. بالإضافة إلى ذلك تقوم بعض الجهات السابق ذكرها بتنفيذ كل برامجها التدريبية أو معظمها بواسطة العاملين بها (مدربين متفرغين)، بينما يقوم البعض الآخر بالتعاقد إما مع مؤسسات أو شركات تدريبية (داخل المملكة أو خارجها)، وإما مع أعضاء هيئة تدريس (أيضاً من داخل المملكة أو خارجها) لتقديم بعض هذه الدورات.
    ومن خلال الطرح السابق يمكن عمل الملاحظات التالية:
    أ- أن هنالك صبغة عدم التخصص لشريحة كبيرة من الجهات التدريبية سواء في الإدارة أو في البرامج المقدمة.
    ب- أنه لا يوجد منهج علمي مدروس بدقة وإذا وجد فهو قديم، كما أنه لا يجري تقويمه بشكل دوري من جهات متخصصة ومؤهلة.
    ج- أن البعض من هذه الجهات التدريبية تغلب عليها الصبغة التجارية (مثلاً هناك خريجون من دورات حاسب آلي ولا يجيدون استخدام الحاسب أو حتى تشغيله في بعض الأحيان).
    د- الكثير من الجهات التدريبية هي عبارة عن مؤسسات صغيرة الحجم وضعيفة الإمكانات (المادية والبشرية والتقنية).
    وإذا ما قارنا التدريب والمؤسسات التدريبية التي في داخل المملكة بتلك التي في خارج المملكة لوجدنا أن الجهات التدريبية عبارة عن شركات متخصصة، بل إن البعض منهم لديه فروع منتشرة في جميع أنحاء العالم.
    ب- توفر الخبرة الإدارية والتدريبية التراكمية لدى هذه الشركة.
    ج- وجود الإمكانات المادية القوية التي تساعد على توفير المناهج والوسائل التدريبية، بل إن الكثير منها يملك مواقع (مراكز) خاصة به ككبريات مدن العالم، بالإضافة إلى قدرتها على تسويق نفسها بنجاح منقطع النظير. وفي ظل المقارنة السابقة يمكن بجلاء القول أن الكفة تميل لصالح الشركات التدريبية الأجنبية، وإذا ما أضفنا بعض المعطيات الأخرى فربما تكون الصورة أكثر قتامة (تشاؤماً). ومن هذه المعطيات ما يلي:
    1- إن الكثير من مؤسسات القطاع الخاص لا تعرف احتياجاتها التدريبية بدقة، بل هي اجتهادات فردية من مديري الإدارات المختلفة، والسبب الرئيس وراء ذلك هو عدم وجود ما يسمى بالمسار الوظيفي (Careerpath) للعاملين بالمنشأة (والذي له دور هام في تحديد طبيعة وعدد الدورات التدريبية التي يجب أن يحصل عليها كل موظف).
    2- إن بعض المديرين ينظر إلى التدريب على أنه إجازة أو مكافأة يحصل عليها شخصياً أو يمنحها لأحد العاملين؛ نتيجة لأدائه الجيد أو بسبب إخلاصه للشركة (وبالطبع هناك حالات يكون الترشيح فيها لهذه الدورات مبنياً على المجاملة فقط).
    3- إن العديد من الشركات في القطاع الخاص ينظر إلى التدريب على أنه مصاريف إضافية لا داعي لها، ويجهل أو يتجاهل أن التدريب استثمار ذو مردود، سواء كان ذلك قصير أو طويل الأجل.
    وبعد مناقشة واقع التدريب بإيجاز شديد نعود إلى التساؤل الأساسي المطروح في هذه الورقة ألا وهو الآثار المتوقعة لانضمام المملكة إلى منظمة التجارة على صناعة التدريب.
    يعتبر التدريب خدمة، لذا فهو يقع ضمن الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات، وكما سبق ذكره فقد حددت الاتفاقية أنواع الخدمات التي يمكن تبادلها بين الدول وفقاً لأشكال التوريد (وعددها أربعة أشكال). اثنان من هذه الأشكال تنطبق على التدريب وهي:
    1- الخدمات التي يتم توفيرها من قبل مؤسسة أو شركة تابعة لدولة ما في مناطق الدولة الأخرى.
    2- الخدمات التي يوفرها مواطن دولة ما داخل الدولة الأخرى.
    ومما سبق يمكن القول أنه بإمكان الشركات التدريبية الأجنبية (مثل شركة فرانكين كوفي F. Covey Company ) أن تأتي إلى المملكة (بعد انضمامها إلى الاتفاقية). وتفتح فرعاً (أو أكثر لها). ولن يمنع هذه الشركات أي شيء إلا إذا طلبت المملكة مسبقاً استثناءها من هذا البند لفترة معينة (تسمى فترة سماح). ولكن بعد انتهاء هذه الفترة فيحق لأي منشأة تدريبية أجنبية الدخول إلى المملكة والمنافسة المباشرة داخلياً.
    أما بالنسبة لخدمات المواطنين الأجانب (بصفتهم الشخصية) فيتوقع أن تزداد لأنه سيصبح أكثر سهولة لهؤلاء الأفراد (المدربين أو الخبراء أو المستشارين) القدوم إلى المملكة.
    كل هذا يومئ إلى أن المنافسة بين المؤسسات والشركات التدريبية المحلية/ الوطنية وبين الشركات الأجنبية ستزداد. وإذا عرفنا ما تم ذكره من قبل من وجود ضعف في الكوادر التدريبية (وغيره من العناصر التي سبق إيضاحها) فسيصبح لدى الشركات الأجنبية ميزة تنافسية Lompetitive Advantage عن مثيلاتها الداخلية. وقد بدأت بوادر هذه المنافسة تظهر حتى قبل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، ذلك أننا نلاحظ أن العديد من الشركات الأجنبية (خصوصاً من بريطانيا وأمريكا) جاءت لتساعد الشركات أو الغرف التجارية والصناعية في تصميم وتنفيذ برامج لزيادة نسبة السعودة(!!).
    ويتوقع أن تكون لهذه المنافسة انعكاسات إيجابية خصوصاً على المستهلك؛ لأن ذلك يعني في العادة تحسيناً في الجودة وانخفاضاً في الأسعار. وبالرغم من ذلك فإن الأمر لا يخلو من الأضرار والتي يتوقع أن يكون أهمها ما يلي:
    أ- إغلاق الكثير من مؤسسات التدريب السعودية لأبوابها لضعف قدرتها على المنافسة، مما يعني إضراراً بالاقتصاد الوطني من جانب وانخفاض نسبة السعودة (ولو قليلاً) من جانب آخر.
    ب- زيادة معاناة الاقتصاد السعودي نتيجة لاستنزاف هذه الشركات لموارد البلاد المالية، فبدلاً من أن تذهب كامل إيرادات التدريب إلى مؤسسات وشركات وطنية (وما يتبع ذلك من مضاعفات اقتصادية إيجابية نتيجة تدوير هذه المبالغ)، تقوم هذه الشركات بصرف الجزء اليسير جداً منها على الضروريات فقط محلياً ثم يتم تحويل الباقي لتستفيد منه اقتصادياتهم.
    وفي ظل ما سبق لابد من رسم استراتيجية واضحة قبل (وليس بعد) انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية تحدد واقع التدريب بإيجابياته وسلبياته، والأهداف طويلة الأجل التي نريد تحقيقها (في مجال تنمية القوى البشرية في القطاعين الخاص والعام)، والوسائل التي سنسلكها في سبيل تحقيق ذلك. ولعله من المفيد أن نذكر أنه ربما من الضروري أن تشترك جهات عديدة في هذا العمل وتشمل:
    1- وزارة التخطيط.
    2- وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
    3- وزارة التجارة.
    4- المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني.
    5- مجلس الشؤون التجارية والصناعية السعودي.
    6- عدداً منتقى بعناية من رجال الأعمال ذوي الفكر المستنير.
    7- عدداً منتقى بدقة من أعضاء هيئة التدريس (المتخصصين في تنمية القوى البشرية) في الجامعات السعودية.
    8- عينة منتقاة بعناية من الشركات التدريبية السعودية.
    ويقترح أن تحدد مهام هذه اللجنة بدقة، وأن يوضع لها جدول زمني واضح يجب إنهاء أعمالها فيه (وإلا فإنها ستضيع في البيوقراطية والمشاغل الأخرى للمنسوبين). كما يجب أن يكون اختيار الأعضاء مدروساً بعناية ومبنياً على منهج علمي بعيد عن المجاملات، لأن الأمر يتعلق بقضية حيوية (تنمية القوى البشرية) تمس مستقبل الأمة بأكملها. وعند اكتمال ما سبق تقوم وزارة التجارة -بصفتها الجهة المخولة رسمياً بالتفاوض مع منظمة التجارة العالمية -بوضع الأهداف المطلوب تحقيقها عند الانضمام والاستثناءات المطلوبة (الجداول الوطنية السابق الإشارة إليها). وإذا لم يتم عمل السابق فسيبقى الأمر مجرد اجتهادات فردية من مسؤولين رسميين، وهذه الاجتهادات يمكن أن تصيب ويمكن أن تخطئ. ولا أعتقد أننا بحاجة إلى أن نخاطر بمصالح هذه البلاد الغالية على الجميع دون إعداد العدة (الدراسة العلمية الصحيحة

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال

    تعليقات الزوار ()